عصام هاشم : كثيرون هم الراغبون في الإصلاح فضلا عن الداعين إليه ولكن ما أكثر العقبات التي تعوق مسيرة هؤلاء وتبدد جهودهم. حول هذا المعني يقول الداعية الإسلامي الدكتور صلاح الدين سلطان أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم إن غياب القائد القادر علي القيام بمهمة الإصلاح فضلا عن تحديد الرسالة التي يهدف لتحقيقها من أكبر المعوقات التي تفشل أي مشروع إصلاحي, فلا إصلاح بدون قائد ورسالة لذا فإننا إذا تأملنا سورة الحج نخلص منها إلي فائدة مهمة جدا في طريق الإصلاح ومنهجياته التي تعين عليه, حيث إن سيدنا إبراهيم عليه السلام- لم يصلح عالمه ومجتمعه فقط, وإنما نظر إلي المستقبل القريب والبعيد, فكان أول شيء اختاره الشعار العظيم: ز مين من قبل- الحج:78-, وما أجمله من شعار وأروعه من اختيار, كما قال سبحانه: ومن أحسن قولا ممن دعا إلي الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين- فصلت:33-. ورحم الله من قالها اعتزازا وافتخارا يمتد من واقعنا إلي عمق التاريخ ليصل أجره إلي سيدنا إبراهيم خليل الله عليه أفضل الصلاة والسلام. وكان الاختيار الثاني بعد الشعار هو الرجل, فأسس لمنهجية أن التغيير والإصلاح يبدأ بوجود الرجل المصلح, القائد الفذ, يبدو ذلك من دعاء سيدنا إبراهيم-عليه السلام: ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم- البقرة:129-. وأورد ابن كثير أن الرسول صلي الله عليه وسلم- قال:( أنا دعوة أبي إبراهيم). يؤكد الدكتورصلاح سلطان أهمية هذه الرؤية الفذة, وهي أن الإصلاح يبدأ باختيار شعار ورسالة سامية ولابد لها من رجل يقوم أولا بنشر العلم, سواء كان وحيا أو فكرا مع ارتباط ذلك بالتزكية والتنمية البشرية, ولا يجدي الإصلاح مع كثرة المال وتعدد الخطط ما لم تتضح الرسالة ويوجد القائد المعلم والمربي. أما واقعنا الآن فيحتاج إلي إعادة بناء, نحن لدينا عربات بلا أحصنة تجرها, و مدارس بلا مربين فيها, نريد أن نبني الحصان قبل العربة, والمربي قبل المدرسة, والإمام قبل المسجد, والمدير قبل الشركة, عملا بدعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام-. وها هو سيدنا إبراهيم عليه السلام- يجسد لنا قمة التوازن في اكتمال دوائر الالتزام, وهذه هي نقطة النبوغ الأولي, كما يبدو من خلال التدبر في آيات الله تعالي عن سيدنا إبراهيم في قوله تعالي: إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين- البقرة:131-, هذا هو المثل الذي يجب أن نقتدي به في كل الجوانب, في جميع مناحي الحياة, حلوها ومرها, صغيرها وكبيرها, ولعل هذا أحد الأسباب الكبري وراء ذكر سيدنا إبراهيم في التشهد قبل أن نخرج من الصلاة إلي الحياة حتي نستعيد هذا التوازن, ونكمل حلقات الالتزام في حياتنا.