في تقرير لثلاثة مراكز أبحاث كبري هي مؤسسة ليجاتوم البريطانية ومؤسسة كارنيجي للسلام الدولي والمجلس الأطلنطي الأمريكيان يحمل عنوان المرحلة الديمقراطية الانتقالية في مصر:خمس خرافات هامة حول الاقتصاد والمساعدة الدولية. , أكد فريق أبحاث رفيع المستوي أن هناك حاجة لتصحيح الصورة المغلوطة عن اوضاع الاقتصاد المصري في مرحلة ما بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالنظام السابق. وأطلق خبراء من المؤسسات البحثية المشاركة هذا التقرير من مؤسسة كارنيجي في واشنطن قبل يومين في حضور العشرات من ممثلي وسائل الإعلام والمجتمع السياسي والمالي والإقتصادي الأمريكي, وحدد التقرير خمس خرافات خاطئة متصلة بطريقة تناول المجتمع الدولي لأوضاع الإقتصاد المصري في المرحلة الدقيقة الراهنة, وهي خرافة أن الاقتصاد المصري حالة ميئوس منها, وخرافة ان التركيز يجب أن ينصب علي السياسة وإمكانية إنتظار الإصلاح الإقتصادي لمرحلة مقبلة, وخرافة أن المشكلات المالية الرئيسية- مثل دعم السلع- لا يمكن معالجتها في وقت قريب, وخرافة أن الحكومة المصرية تحتاج إلي دعم عاجل للموازنة, والخرافة الأخيرة هي أن المجتمع الدولي فعل كل ما في وسعه لدعم المرحلة الإنتقالية. ويقول التقرير إن الإقتصاد المصري نشط ومتنوع- بخلاف اقتصاديات التخطيط المركزي لدول شرق ووسط أوروبا في أوائل التسعينيات- فضلا عن عدم حاجة مصر لخلق أسواق, فهي مرتبطة بالفعل بأسواق عديدة بالفعل, وشهد الاقتصاد مراحل مهمة للنمو في مرحلة ما قبل الثورة, وفي حالة ضمانة الحكومة الجديدة في مصر تجديد الإلتزام بتحسين بيئة الأعمال وتقويم العجز المالي, فإنه لن يكون هناك مبرر لكي لا تستأنف مصر النمو السريع مجددا. ويضيف التقرير أن عملية الانتقال إلي ديمقراطية ناجحة ومكتملة سوف يحتاج إلي توفير ظروف ملائمة للنمو الإقتصادي ونمو مالي مستديمين وهو ما يتطلب إصلاحات عاجلة وليست آجلة, وفيما يتعلق بالمشكلات المالية الرئيسية, يقول التقرير إنه بدون حل مشكلة الدعم سوف تنزلق البلاد إلي أزمة إقتصادية عميقة, مشيرا إلي قضية دعم أسعار الوقود والدعم المقدم لها يمكن أن يوضع لها حد وفقا لخطة مبرمجة. ويقول التقرير إن عمليات الدعم باتت غير كافية وتنازلية وتشكل عبئا علي المالية العامة للبلاد. ويشير التقرير إلي أن دعم الموازنة العامة من خلال القروض الميسرة من البنك والصندوق الدوليين من غير المحتمل أن يؤدي إلي إحداث فارق كبير في عملية انتقال البلاد إلي مراحل أفضل من النمو حيث يجب العثور أولا علي وسائل لضخ المساعدات من خلال الاستثمار المباشر في القطاع الخاص والمشاركة بين القطاعين العام والخاص في البني التحتية والمشاركة الفعالة من المجتمع المدني أيضا. وينتقد التقرير ما يتردد في الغرب عن التحرك لمساعدة الإقتصاد المصري, ويؤكد أن ما فعلته الدول الكبري خاصة الولاياتالمتحدة والإتحاد الأوروبي وقوي دولية أخري غير كاف لحفز الإقتصاد ودعم الإصلاحات التي بدورها سوف تدعم عملية الإنتقال السياسي إلي الديمقراطية, داعيا القوي الدولية إلي النظر في تعزيز التجارة والإستثمارات الخاصة وتشجيع مبادرات خاصة من المساعات التي تسهل مبادرات التنمية الأهلية وتعزز المجتمع المدني بصورة تخلق تطورا مهما. ويشير التقرير إلي قيام فريق العمل بزيارة إلي مصر في يونيو الماضي وإجتماعه بكل ألوان الطيف السياسي والإقتصادي والمالي ومجتمع الدبلوماسيين الأجانب, وتوصله إلي أن ثورة مصر هي نقطة تحول يجب الاحتفاء بها, وأن الشهور والسنوات المقبلة سوف تقرر مستقبل مصر بأيدي المصريين أنفسهم, بيد أن المجتمع الدولي له مصلحة في مصر مستقرة وديمقراطية ومزدهرة ولها دور في محيطها, ولو تعثرت مصر فسيتردد صدي فشلها في طول الشرق الأوسط وعرضه, وإذا فشلت عملية الانتقال الديمقراطي في مصر وانتهجت البلاد شكلا قمعيا أو سيطرت عليها سلطة دينية فإن المضاعفات ستكون عميقة جدا, فالفشل في مصر سيدفع بلدانا أخري في المنطقة إلي إدارة الظهر لفكرة الإصلاح الديمقراطي, والديمقراطية في الدول الأخري ستصعد وتهبط استنادا إلي ظروف محلية, ومع ذلك لو نجح التحول في مصر وظهرت حكومة قابلة للمساءلة وفعالة, فمن المحتمل أن تصبح نموذجا قويا وتكون في نهاية المطاف قوة استقرار في منطقة مضطربة. ويشدد التقرير علي ان الحكومة المصرية التي سوف تظهر بعد الانتخابات المقبلة سوف تواجه تحديات إقتصادية كبيرة, فعلاوة علي ضرورة وضع الدين العام المرتفع والمتصاعد تحت السيطرة سيكون علي حكام مصر الجدد أن يضمنوا استثمارات ومعدلات نمو اقتصادي وتوفير فرص عمل تواكب الزيادة السكانية وتحولات المجتمع المصري, وهو ما يقدر اليوم بحوالي700 ألف فرصة عمل سنويا. ويحذر التقرير من أن استجابة الحكومة للمطالب الشعبية الحالية أمر مفهوم, إلا ان استمرار السياسات نفسها بعد الانتخابات المرتقبة سوف يؤدي إلي كارثة إقتصادية في ظل استمرار زيادة الدعم للسلع الغدائية مع تواصل ارتفاع الأسعار عالميا واضافة450 ألف عامل مؤقت للجهاز الإداري للدولة في الآونة الأخيرة. ويضيف أن العديد من الإصلاحات مثل استخدام عطاءات المناقصات المفتوحة لعقود الشراء العامة أو النشر الافضل والأكثر اتساقا للمعلومات والمعطيات المتعلقة بالقطاع العام قد لا تكلف شيئا تقريبا وقد تجلب فوائد جمة في فترة وجيزة من الزمن.