دولة عجيبة لم أر فيها القمر ولا النجوم لليلة واحدة من الليالى القليلة التى مكثت بها أواخر يونيو فالقمر لا يظهر لمدة 73 يوما فى سماء فنلندا فى الصيف. لا أعرف هل لحسن الحظ أم لسوئه أنى كنت فى جنوب فنلندا فى مدينة هلسنكى العاصمة قال لى أحد الفنلنديين إذا توافر لك الوقت عليك بزيارة مدينة «نوفاجيمي» فى أقصى نقطة شمال فنلندة على القطب الشمالى تحديدا يوم 24 يونيو لترى الشمس ساطعة فى سماء المدينة 24 ساعة. لكن لم يتوفر الوقت خاصة أن الوصول لهذه المدينة يستغرق 11 ساعة بالقطار وكنت قد أخذنى الحنين إلى رؤية شروق الشمس وغروبه فى ميعادهما اللذين تعودنا عليه فى مصر فالشمس لا تغرب فى هلسنكى الا فى الثانية عشرة مساء هذا يجعلك لست فى حاجة للنوم كنا نذهب للفندق ونغلق الستائر ونحكم إغلاقها حتى نستطيع النوم. إن الفنلنديين قوم متصالحون مع أنفسهم ومع بيئتهم فهم بحق خير أصدقاء للبيئة دون منافس يقول: روب سوارت أحد علماء المناخ فى معهد البيئة الفنلندى إن الفكر السياسى والاقتصادى والبيئى ينصب على الفهم المشترك الذى تريده فنلندة مع العالم بشأن المستقبل البيئى فخططنا فى مجال البيئة حتى عام 2020- 2030 -2050 الهم الرئيسى لنا هو البيئة وذلك الفكر من منطلق الإيمان بأن تامين إمدادت الطاقة أصبح قضية سياسية إقتصادية أساسية نحن نعمل فى هذا المجال تحت هدف واحد هو التغيير فى صناعة الطاقة0 إن مسألة إعادة تدوير أى مخلفات لديهم هى ضرورة من ضرورات الحياة وأن الجوانب البيئية ستحسن الجوانب الإقتصادية ثم تعود بالنفع على الجوانب الاجتماعية حتى باتوا خبراء متقدمين فى الطاقة المتجددة تقدما عظيما يلفت النظر إليهم وإلى ضرورة الاستفادة من هذه الخبرات . وفى ضوء أن قمامة القاهرة وحلوان فقط كل يوم 16 ألف طن ومقارنة بما يحدث فى مدينة هلسنكى العاصمة حيث شاهدنا كيف أنتجوا محطة قوى كهربية تغذى هلسنكى وضواحيها تنتج 17 ميجا وات من قمامة 1 مليون نسمة فقط هم سكان العاصمة بالإضافة الى مخلفات الحدائق ومياة الصرف الصحى التى يتم معالجتها بتكنولوجيا جديدة هى التخمر الهوائى و هذا المشروع هو أحد المشروعات المقترحة للتعاون بين الحكومة المصرية والفنلندية كما يقول الدكتور يحيى المحجرى خبير البيئة المصرى الفنلندى إن مشروع التحكم فى التلوث الصناعى و الحد من انبعاث ثانى أكسيد الكربون سيدخل مرحلته الثالثه ومعنا فيه ثلاث دول عربية هى مصر والأردن والمغرب من خلال وزارة البيئه فى كل من مصر و الأردن و مركز الإنتاج الأنظف فى المغرب حيث تقوم كل دوله من الدول الثلاث بتحديد 3 مشروعات يتم تنفيذها على المستوى الإقليمى تحت مسمى رئيسى هو تدوير المخلفات بأحدث الطرق التكنولوجيه وتوليد الطاقة ,وإذا تم الإتفاق بين الحكومتين المصرية والفنلندية فسوف يشارك فى تنفيذ المشروعات برنامج الأممالمتحدة للبيئة « unep»». فى طريقنا الى مدينة «لهطي» إحدى مدن شمال شرق فنلندة التى تحيطها الغابات من الجانبين لمحت أشجارا كثيفة وسط الغابات ذات أوراق بنية جميلة تخطف الأبصار تسمى «ماندو هيدو» وهى كلمة من مقطعين وتعنى ماندو التى تمنح هدوءا للمكان». هذه الشجرة لا تسقط أوراقها صيفا أو شتاءا و بالمناسبة إن مساحة الغابات فى فنلندة تبلغ 68% من مساحة الدولة و قد حافظت عليها حفاظا يدعو للإعجاب وقد سألت أحد علماء البيئة كيف حافظتم على مساحة الغابات دون نقصان على مدار التاريخ قال إن الحكومة لديها من القوانين الصارمة التى تطبقها بكل حسم و قوة فيما يخص قطع الأشجار خاصة أنها الثروة القومية للبلاد والقطع من اختصاص الحكومة فقط وليس من حق أى مواطن المساس بشجرة ولهم سياسة منظمة حيث تقطع الشجرة وفى نفس اليوم تزرع الاخرى مكانها . عند وصولنا مدينة «لهطي» وكانت آخر محطات الزيارة قال الدكتور يحى «على مصر أن تراجع استراتيجية التغيرات المناخية التى وضعتها وانه يمكن لمصر الاستفادة من فنلندة فى إعادة صياغة تلك الإستراتيجية خاصة أن فنلندا هى أول دولة فى العالم تضع خطة للتكيف مع التغيرات المناخية عام 2005 وسوف تراجعها العام القادم كما اتفقت فنلندة مع عدد من الدول الأوروبية على ضرورة خفض معدلات انبعاث الغازات الدفيئة بحلول عام 2020 وتقليل إستخدام الوقود الأحفورى الذى يسبب تلوث البيئة . يقول أحد خبراء المناخ فى هلسنكى إنهم يريدون ضمان آداء ممتاز للطقس البارد فى البلاد. من المشروعات التى يمكن تنفيذها مع الجانب الفنلندى فى مصر التخلص من المخلفات الصلبة ومشروعات الطاقة المتجددة حيث نجحت فنلندة فى التخلص من نفاياتها الصلبة واستخرجت طاقةوهو مارأيناه بوضوح، كذلك على مصر ان تدرس استخراج الطاقة من المخلفات الحيوانية والأسماك والخضروات وفى مصر العديد من شركات الأغذية التى تحتاج إلى مثل هذه المشروعات خاصة إذا عرفنا أن فنلندا يسكنها خمسة ملايين نسمة على مساحة ثلث مساحة مصر بقليل ومع ذلك إستطاعت أن تحول قمامتها إلى نور وضياء .