ارتفاع أسعار المواد الغذائية لم يعد مجرد قضية محلية خاصة بدول أو عدة مناطق تعاني من هذه المشكلة ولكنها تحولت الي أزمة عالمية بدأت تجتاح العالم بقوة منذ عام 2008 ولاتزال مستمرة حتي الآن وتمر بموجات صعود وهبوط متوالية. ورغم التقدم التقني في مجال الزراعة والهندسة الوراثية ومحاولات العلماء المستمرة لرفع مستوي الانتالج الزراعي وتحسين الانتاجية فإن عوامل الطبيعة وغيرها من العوامل البشرية لاتزال تلعب دورا كبيرا في إشعال هذه الأزمة بين وقت وآخر. ووفقا لتقديرات البنك الدولي فإن موضوع ارتفاع أسعار الغذاء أصبح يصل الي درجة عالية من الخطورة خاصة بعد سقوط نحو44 مليون شخص في السنوات الأخيرة تحت خط الفقر في البلدان النامية بسبب هذه الأزمة الغذائية ويشير تقرير بعنوان مراقبة أسعار الغذاء والصادر عن البنك الدولي الي تحذير خطير من أرتفاع أسعار المواد الغذائية في الفترة الأخيرة علي مستوي العالم ووصوله الي معدلات غير مسبوقة تشكل ضغوطا كبيرة خاصة علي الشرائح الأكثر معاناة والتي تنفق أكثر من نصف دخلها علي الغذاء. ورصد التقرير أهم السلع التي ارتفع سعرها في الفترة الأخيرة وعلي رأسها القمح والذرة والأرز والسكر والزيوت وهي سلع ذات أهمية كبيرة بالنسبة للغالبية العظمي من فقراء العالم. ولكن يوضح التقرير انه خلافا للزيادة التي حدثت في عام 2008 واثرت علي العالم كله في أسعار الغذاء نجد الأرتفاع الحالي هو أقل خطورة وتأثيرا لأنه تواكب مع زيادة المحاصيل في العديد من البلدان الإفريقية وخاصة الذرة الصفراء وهي إحدي السلع الغذائية الأساسية وساعدت الي حد كبير علي الحفاظ علي استقرار الأسعار الي جانب الزيادات في أسعار الأرز العالمية والتي جاءت معتدله هذا العام. ويشير التقرير الي ان هناك تدابير يجب أتخاذها لاحتواء الموجة الأخيرة من الزيادات في أسعار المواد الغذائية منها توسيع نطاق شبكات الأمان وبرامج التغذية في البلدان التي تشهد ارتفاعا سريعا في أسعار الغذاء وتفادي فرض اجراءات حظر علي الصادرات الغذائية وتوفير معلومات أفضل بشأن المخزونات الغذائية وذلك الي جانب الحاجة الي زيادة الاستثمارات في قطاع الزراعة وتطوير أنواع جديدة من الوقود الحيوي أقل استهلاكا للمحاصيل الزراعية بالاضافة الي التكيف مع تغير المناخ. ويشير التقرير الي أن أزمة الغذاء تحتاج الي تحرك عالمي للمساعدة في معالجتها وذلك من خلال عدة اجراءات مقترحة علي رأسها مساعدة صغار المزارعين وتزويدهم بالبذور والأسمدة وتحسين التنبؤ بأحوال الطقس وتحسين وسائل نقل المنتجات الزراعية الي الأسواق. بالاضافة الي إقامة برامج تغذية وشبكات آمان اجتماعي فعالة لصالح الفئات الأكثر معاناة ويوضح التقرير أن هذه بعض العوامل التي يمكنها المساعدة علي حل أزمة الغذاء ولكن لا يوجد حلول سحرية مشيرا الي أن الأمن الغذائي بات الآن يمس صميم الأمن العالمي وينبه التقرير الي أن هناك3.5 مليون طفل دون الخامسة يموتون لأسباب ترجع الي نقص التغذية, وكثير من الذين يعيشون لا يمكن الاستفادة من كامل طاقتهم بسبب سوء التغذية. ويطالب برنارد هوكمان مدير إدارة التجارة بمكتب نائب رئيس البنك الدولي بعدم وضع أي قيود علي تجارة الأغذية للمساعدة في حل أزمة الغذاء وليكون ذلك حافزا لزيادة الاستثمار في انتاج الغذاء كما سيساعد علي زيادة حجم التجارة العالمية في المواد الغذائية وسيحد بشكل كبير من الزيادات الحادة في أسعار الغذاء. بينما يؤكد كريس ديلجادو مستشار السياسة والاستراتيجية بإدارة الزراعة والتنمية الريفية التابعة للبنك الدولي أنه من المنتظر أن تبقي أسعار الغذاء مرتفعة في المستقبل القريب مشيرا الي ضرورة زيادة الانتاج الزراعي بنسبة 70% لتلبية الاحتياجات المستقبلية.