لم أندهش من هذا الاعلان بقدر ما اندهشت من ردود الفعل العربي.. اقول لم اندهش حقا من الاعلان الاسرائيلي الاخير في القدس من ضم الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل ومسجد بلال بن رباح. فما يحدث أمامنا يفسر بكثير من الحقائق المعروفة والمعلن عنها من سنوات طويلة, خاصة, وقد جاء رد الفعل الداخلي متوازيا مع طبيعة القرار, فعرفنا أن المجلس الإقليمي الإسرائيلي يعلن أن هذا الموقع في' قائمة المواقع الأثرية'_ أية أثرية؟ تساءلت, ثم راح مسئول إقليمي هناك يعلن ان القرار هو' إنجاز تاريخي'_ اي تاريخي؟ تساءلت أيضا, كما انه حين اعلن ضم هذا الاثر او ذاك راحت تتعالي اصوات حزب' شاس'بهذا الاثر اليهودي- اي يهودي- تساءلت أيضا, بل وصل الامر بالدهشة ليس الحديث المستمر في القدس بل في ربط هذا الاثر' بمسار تاريخي توراتي' مشترك من شمال البلاد الي جنوبها بغية تعريف الاجيال الناشئة بالتراث اليهودي- غبت طويلا في تساؤلات قائمة اي اثر واي تراث يتحدثون عنه هناك.. لم اندهش قط من هذا الموقف- وانا استعيد تعريفات اصحاب هذا الخطر الجاسم علي الارض العربية-.. وانا استعيد هذا المفهوم عن'الجماعة الانحيازية' الذي اطلق علي جماعات بشرية تستجلب أو تاتي من بعيد خارج المجتمع وتجند من داخله ثم يوكل لها بعد ذلك وظائف شتي لا يمكن لغالبية أعضاء المجتمع القيام بها لأسباب مختلفة.. وهو التعريف الذي اشار اليه الكثير من العلماء الغربيين ثم تعرفنا عليه عبر جمال حمدان وعبد الوهاب المسيري وغيرهما مما لا يصلح معه التبرير الذي يعلو هنا وهناك اليوم ويتلمس في التوراة تفسيرا غريبا وفي الاسفار المتوالية تبريرا متعصبا.. لم اندهش قط ونحن نسمع تبريرات اثرية ودينية صهيونية_ ويهودية- عن أنبياء يربط بينهم وبين بني إسرائيل وتعاليم تنسب إلي داوود عليه السلام وأناشيد وابتهالات دينية تزيد عبر الاعلان عن مخططات استيطانية من زمن بعيد.. تنتقل الينا عبر الشاشات الفضية او البيضاء, ويرددها بيننا الكثير من ابناء جلدتنا.. لم اندهش بالفعل علي اصوات الحاخامات المتعصبة من التيار الحريدي المتطرف الذين يزعمون هذه العلاقة التاريخية الاثرية الوهمية بين اثار اليوم وآثار الثراث اليهودي او الصهيوني في الارض العربية( صيحات بعض الحاخامات من التيار الحريدي المتطرف, كالراب الحريدي عضو مجلس الحاخام الأعلي مردخاي إلياهو, والراب عوفاديا يوسيف وهو أيضا من التيار الحريدي المتطرف) فالاول ينتمي للتيار الاشكنازي والاخر لحركة شاس, وهي تيارات تنتمي الي التعصب الذي يفسر به هذه النداءات الوهمية التي تعلو الآن عقب اعلان ضم هذاالحرم الابراهيمي في الخليل.. لم اندهش وانا اقرأ الاعلان عن تخصيص الملايين لتطوير هذه المواقع, لماذا؟ للحفاظ علي العلاقة التاريخية بين اسرائيل والشعب اليهودي والحفاظ علي تراثه'(!!!!) وعن القصد من ضم المسجد الاقصي للقائمة الإسرائيلية, لماذا؟ لان اسمه ليس المسجد الاقصي وانما هو جبل الهيكل او المبكي(!!!!) اقول لم اندهش من الاعلان اليهودي بقدر ما اندهشت من رد الفعل العربي.. فما يحدث أيها السادة ليس جديدا حقا, وإنما الجديد هو في هذه الحالة التي أجد عليها علماءنا ومثقفينا, وفي هذه الحيرة التي اجد عليها كتابنا وصحفيينا وفي هذاالواقع الذي نعثر فيه علي متعلمينا_ حفظهم الله_ في منابرنا الفكرية عبر قنوات الفضاء البعيدة و شاشات الملاعب الكروية وفضاءات الانترنت والمدونات والاتصالات الكثيرة يرددون ما يردد لنا وعلينا من سنوات بعيدة, ويستمعون ويصيحون علي اصوات الحفريات الكثيرة الضالة المضللة.. ** اقول لم اندهش لما يعلن عما يحدث للحرم الابراهيمي, وإنما لان مثقفينا وعلماءنا وكتابنا وكاتبينا_ يرحمهم الله-.. لم يتنبهوا حقا لبدهية لاتحتاج لتعريف او تنبيه, هي, وهل حقا هذا الاثر او ذاك تراثا يهوديا حقا؟