جسور كثيرة تمتد مابين القاهرةواسطنبول يكشف عنها أكمل الدين إحسان أوغلي القاهري المولد التركي الجنسية في كتابه الأتراك في مصر وتراثهم الثقافي الذي صدرت منه طبعة جديدة مؤخرا. قدمه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان معتبرا ما اشتمل عليه من دراسة تبين بوضوح إلي أي مدي يرتبط مصير تركيا بمصير مصر و إلي أي مدي يرتبط مصير اسطنبول بمصير القاهرة. فالكتاب يتناول الأتراك الذين عاشوا في مصر, والوجود الثقافي التركي المتطور في هذا البلد, ونتاج التأثير المتبادل بين ثقافتين امتزجتا معا واسهمتا في تشكيل ما أطلق عليه الوجه الثقافي المصري العثماني الذي يقترب كثيرا من الوجه التركي العثماني, من خلال الكشف عن التأثيرات الاجتماعية والثقافية التي وقعت بين الأتراك والمصريين والتي ترسخت في مصر قرنا ونصف القرن من الزمان حتي أصبحت وكأنها جزء لا يتجزأ من المجتمع المصري. يري المؤلف أن تاريخ الترك في مصر لم يحظ حتي الآن بالعناية والاهتمام اللازمين رغم تشعبه واتساعه علي الرغم من توجههم نحو مصر منذ نهاية القرن الثامن عشر, لذا يحاول من خلال كتابه أن يلقي الضوء علي مناطق يعتبرها لم تلق حظا وافرا من البحث والدراسة في تاريخ العلاقات المصرية التركية عبر دراسة استغرقت منه نحو40 عاما, تناول فيها تغلغل الثقافة واللغة التركية في الحياة الاجتماعية في سراي الخديو والأوساط الارستقراطية المحيطة به وفي الإدارة والجيش والتعليم في مصر وحركة الترجمة في مصر ومكانة اللغة التركية فيها مع إلقاء نظرة عامة علي الكتب التركية المطبوعة في مصر والدور الذي لعبته مطبعة بولاق منذ عهد محمد علي وفروع المعرفة التي تناولتها تلك الكتب ولم يغفل الكتب التي ترجمت من التركية إلي العربية وطبعت في مصر وكذلك الصحف والجرائد التركية الصادرة في مصر. ثم تناول الطباعة في مصر وتاريخها وما طبع بها من آثار الثقافة التركية وتاريخ مطبعه بولاق والكتب التركية التي طبعتها والمطابع الأخري التي مارست طباعة الكتاب التركي مثل مطبعة ديوان الجهادية ومطبعة سراي الإسكندرية, ليقترب مما يتم طباعته في اسطنبول في ذلك الوقت لافتا إلي أن الكتب المطبوعة في بولاق كانت تلقي استحسانا ورواجا في تركيا والدليل علي ذلك وجود نسخ منها في العديد من المكتبات والمجموعات الخاصة في تركيا. ويختتم الكتاب بملاحق توثيقية تعرض للأسماء التي أطلقت علي مطبعة بولاق وكذلك المصححين والكتب التركية التي قاموا بتصحيحها بالإضافة إلي أسماء الملتزمين والكتب التركية التي طبعت لحسابهم. تأليف: أكمل الدين إحسان أوغلي تقديم: رجب طيب أردوغان صدر عن دار الشروق