قالت لي صديقتي أماني والتي يعمل زوجها مديرا لمركز في أحد الفنادق الشهيرة في شرم الشيخ. "تصوري يا ريهام أن فندق "..." لا يسمح بنزول المتحجبات أو غير المتحجبات ممن يردن التحشم بارتداء "المايوه الشرعي" (وهو رداء أشبة ببدلة الغطس يغطي معظم أجزاء الجسم).. والفندق يقبل بأي شيء من الأجنبية حتى لو تجردت تماما من ملابسها.. إيه العنصرية دي وعدم احترامنا لقيمنا؟" كنت قد تناولت في مقالي السابق بعنوان "المواطن المصري أولا".. فكرة العروض البخسة التي تقدمها شركات السياحة للسائح الأجنبي في شرم الشيخ في حين يدفع المواطن المصري أضعاف أضعافها ولا يحصل على نصف المزايا التي يحصل عليها الأجنبي.. وكأن البلد مش بلدنا! وقد كتب لي قارئي المحترم الدكتور عصام بسيوني، من الولاياتالمتحدة، وأشكره على فكره المتحضر، معلقا أن مصر هي بلادنا وأنه من المفترض أن نكون تجاوزنا مرحلة النقاش عن حقوقنا، لأنها من المفروض أن تكون شرعية ومكتسبة.. وطبيعي المواطن المصري أولا ثم أي جنسية أخرى بعد ذلك. الواقع في الحقيقة هو عكس كلام الدكتور بسيوني، فالمواطن المصري مازال درجة ثانية ويعامل معاملة مختلفة عن الأجنبي.. ولما سمعت صديقتي تحدثني بخصوص لباس البحر المحتشم، ومنع استخدامه في أحد فنادق شرم الشيخ، في حين يمكن للأجنبية فعل ما تشاء، تستحم بلباس بحر يكشف ولا يستر وقد تستغنى عن قطعة منه أثناء أخذها حمام الشمس، بصراحة شعرت بالغيظ، فهذه المشاهد قد تؤذي مشاعر الأغلبية من المصريين ممن يغارون على قيم بلدهم وتبعد تماما عن جوهر الموروثات التي تربينا عليها و ترفض العائلات أن يرى أبناءها مثل هذه المناظر! رحت أسئل أهل الخبرة عن إمكانية وضع قوانين أو لوحات تعلق أمام حمامات السباحة وشواطئ الفنادق يكتب عليها قواعد وشروط النزول تلزم باحترام السائح لقيمنا وما إذا كان سيؤثر ذلك على السياحة سلبا في مصر؟ "بالفعل هناك قوانين في السياحة تمنع أن يقوم السائح بإظهار عورات جسده، لكن لا أحدا يعمل بها.. في الحقيقة كل هذه "البلاوي" لا نراها إلا من السائح "....... " (دوله في شرق أوروبا)، أتمنى أن يبعدوهم عن شرم الشيخ،.. لأنه يحصل على عروض تصل إلى 20 دولار للفرد في اليوم شاملة الإقامة.. و بلدنا لا تستفيد منهم الكثير، بل تخسر بمثل هذه السلوكيات المشينة" هذا كان رد فعل السيد محمد عبد المجيد، الشهير بكابو، وهو مدير التسويق بأحد مراكز الغطس في شرم الشيخ. أما السيد محمد دردير، صاحب مركز للتدريب على ركوب الخيل في أحد الفنادق الكبيرة هناك، فقال لي: "الأجنبي يحترم القوانين ويعرف كيف يلتزم بها جيدا، وأعتقد أن وضع مثل هذه القوانين سيحفظ لنا هويتنا وتراثنا، وإذا كنا نحترم قيمنا وموروثاتنا، فبالتأكيد سيحترمنا الآخرين، ولن يؤثر ذلك على السياحة في مصر.. لأن السائح الأجنبي أيضا لا يجرؤ أن يقوم بمثل هذه التصرفات في بلده، ففي دول كثيرة في العالم هناك شواطئ خاصة بالعراة أو لمن يرغب في ذلك دون أن يجرح الآخرين، ولي صديقة أمريكية قالت لي ذات يوم أنها لم تر مثل هذه المناظر في بلادها". قررت أن أسأل جاكي وسول، عائلة إنجليزية تقضي فترة إجازتها في شرم الشيخ، عن رأيهما إذا وضعت مصر قانونا يمنع رفع أي جزء من لباس البحر وهل سيعتبره الأجنبي حدا من حريته الشخصية، فقالا: "لا نعتقد أن في ذلك أي نوع من الحرج على مصر، فنحن لا تعجبنا أيضا بعض تصرفات السيدات التي تخلع الجزء العلوي من "المايوه" وتكشف صدرها مثلا، والسائح الذي يحب أن يأتي إلى مصر لن تمنعه أي قيود، بل سيحترم قوانينها كما هي". إذن، المشكلة تتلخص فينا نحن، نحن من يعمل ألف حساب وحساب للآخرين، دون التفكير ولو ذرة واحدة فيما سينفعنا أو يضرنا! نمنح الأجانب أسعارا ظنا منا أننا نقوم بإنعاش السياحة، السائح يأكل ويشرب "ببلاش" إلى أن يثمل، في حين أن المنفعة الحقيقية تكون لأصحاب الشركات الخارجية التي تحصل على عروض رهيبة وتعطينا الفتات في المقابل! متى سنحترم أنفسنا ليقوم باحترامنا الآخرين! أعتقد وكما قد يتفق معي البعض أنه أن الأوان لوضع قواعد تتناسب مع طبيعتنا كمصريين ونجبر العالم على احترامنا ونبطل مبدأ "الطبطبة" والسير وراء الآخرين.. بعدها سنكون مختلفين.