هناك اشكالية تربوية وتعليمية تمثل 80% من حجم المشكلة كما أكدت الدراسات التي قام بها العالم الإيطالي الشهير (باريتو) صاحب تقنية الكثرة التافهة والقلة الحيوية. وهذه الأشكالية تتمثل في الكثير من القيادات الوسطي, والتنفيذية, وبعض القيادات العليا التي لا تمت للفكر التربوي قديمه وحديثه بصلة. وهم إما من أصحاب المدرسة التقليدية التي تأتي اليها الترقية بالأقدمية, وإما من أصحاب النفاق الاجتماعي, أو الوساطات, أو العلاقات غير السوية, أو تدخلات اصحاب النفوذ من ذوي الضمائر غير الحية, أو الهدايا.. وبذلك ينفصل الرابط بين التخطيط الاستراتيجي القومي علي مستوي الوزارة, وبين المستويات الوسطي والتنفيذية, لأنهم لا يمثلون فكر القادة المستنيرين الذين اخذوا مناصبهم بناء علي الكفاءة والفاعلية, وبالتالي تنتشر البيروقراطية, واساليب التهديد والإهانة, والأوامر التي تتسم بالكبر والصلف والتعسف في استخدام السلطة. بينما يجب أن تكون هذه القيادات واعية, ومدركة لتحديات عصر العولمة, وتنطبق عليها سمات وخصائص القيادة المبدعة الرشيدة التي تقود مؤسستها بالعلم, والعمل, والأخلاق القويمة, والشخصية التي تؤثر في الآخرين. وقد تنادي الجميع بالتطوير والجودة والاعتماد, وانتجت مؤلفات في الإبداع, وتنمية التفكير, واستراتيجيات التعلم النشيط, وتقويم الانحراف الفكري, والعديد من القضايا التربوية المعاصرة, بالإضافة للتدريس بالجامعة, ومراكز البحث العلمي, ومراكز التدريب وخدمة المجتمع, وعمل الندوات, والمجلات العلمية, وكتابة المقالات بالصحف لنشر فلسفة إدارة الجودة الشاملة والاعتماد, والاطلاع علي التقويم الشامل, وملف الانجاز, وتطبيق التعلم النشيط. وحدثتني نفسي بأن الفرصة مواتية للمشاركة في نهضة الوطن, بل والأمة العربية كلها, وذهبت لأشارك بفكري, وإبداعاتي كما اعتقدت, وعرضت هذه الأعمال علي كثيرين من كبار قيادات الوزارة, ومع احترامي وتقديري لم يكن لديهم الوقت الكافي لمناقشة المشاريع التي قدمتها لتطوير الإدارة التعليمية, ونشر فكر الجودة علي مستوي الجمهورية. وقد ذهبت لوكيل أول الوزارة, الذي لم يكن لديه الوقت الكافي لمناقشة الأمور العلمية التي تتناول فكر التجديد والتطوير, بل كان ضيق الصدر, وبعيدا كل البعد عن أدب الحوار, وكيفية مدارسة المفكرين والاستفادة من آرائهم, وأفكارهم. فأين المنهجية العلمية ودورها في التطوير؟ وأين دور العلماء في نهضة الأمم؟ وما التطوير المطلوب إحداثه؟ ومن الذين يقومون بهذا التطوير؟ وهل بالفعل يراد تطوير حقيقي؟ وأين دور المثقفين ومشاركتهم المجتمعية؟ وأين دور المجتمع المدني كله؟ وما نظرة المجتمع للقادر علي المشاركة ولم يشارك؟.إن هؤلاء الذين يحملون فكر التطوير في المجتمع إما منفصلون عن الواقع وناقلون لأفكار لا تتناسب والمناخ الاجتماعي وأما كيانات غير تربوية, وغير متخصصة, وجامدة لا تعي مفهوم بناء الحضارة الإنسانية. كما قدمت العديد من المشروعات القومية لإصلاح منظومة التربية والتعليم في مصر مثل: نشر ثقافة وفلسفة إدارة الجودة الشاملة وتطبيق الحكومة الالكترونية في كل الإدارات والمديريات, وخفض نفقات التكلفة الاقتصادية الزائدة (هدر الموارد). ومحو الأمية وتعليم الكبار علي مستوي الجمهورية وإعادة هندسة الموارد البشرية التي تعتمد علي الكفاءة. وقد قام الباحث بتصميم تصور مقترح لاستثمار الكفاءات العلمية الحاصلة علي الماجستير, والدكتوراه في وزارة التربية والتعليم كأحد أوجه الإصلاح. وقد تواصلت كثيرا, وبعثت بالعديد من المراسلات بكل أوجه التواصل, ولم يعرني أحد أي اهتمام؟ فهل يتناسب هذا الأسلوب مع عصر ما بعد الثورة!. د. محمد محمد شرقاوي دكتوراه إدارة وتخطيط