ديمقراطية الرأي العام! هناك سؤال يفرض نفسه علينا هذه الأيام.. وموضوع السؤال هو: ما الذي ينبغي عمله لكي نجعل من حالة الحوار والحراك السياسي الواسع الذي تعيشه مصر مدخلا لإنعاش حقيقي لمسيرة الديمقراطية وترسيخ دعائمها بالمظلة الاجتماعية العادلة؟ ولعلي بداية أقول: إنه لا قيمة ولا معني لمجمل الحوارات الدائرة هذه الأيام إذا بقيت في دوائر الجدل الصاخب بين النخب السياسية فقط ومن ثم فإن الحاجة لإنعاش المسيرة الديمقراطية تستوجب بناء جسور للتواصل مع نبض الرأي العام الذي بمقدوره أن يؤكد أن المصلحة العليا للوطن تسبق أي اعتبارات أخري تقف وراء اشتداد حدة الجدل بين أهل النخبة. إن قضايا الحاضر والمستقبل التي يجري النقاش حولها هذه الأيام أكبر من أية محاولة لحصر مسئولية التعامل معها داخل الدوائر المغلقة للنخب السياسية لأن الدور الأكثر أهمية لحسم هذه القضايا الخلافية يجب أن يكون دور الرأي العام الذي نزعت عنه ثورة25 يناير غبار السلبية وأسقطت نهائيا أكذوبة الأغلبية الصامتة. وربما يكون ضروريا ومفيدا أن أشير إلي أهمية الدور الذي ينبغي أن تلعبه وسائل الإعلام بكل أشكالها المكتوبة والمسموعة والمرئية في تشجيع الرأي العام علي أن يكون بالفعل شريكا أساسيا في بوتقة الحوار الوطني حول كافة القضايا المطروحة حيث أن ضرورات الحاضر ومتطلبات المستقبل تفرض علي الجميع أمانة التناول وموضوعية النقد. ولعل من تحصيل الحاصل القول بأن حق النقد وضمانات المعارضة من الأمور التي لم تعد محل شك لكن المسئولية الوطنية تفرض علي كل صاحب رأي أن يتجشم عناء الاجتهاد بدلا من استسهال النقد للنقد والمعارضة للمعارضة لأن أخطر ما يمكن أن يهدد الديمقراطية حسب اعتقادي هو إغماض العين عن أي سلوكيات تتحول بها إلي فوضي هي في النهاية أبشع وأسوأ من الديكتاتورية. ثم أقول في النهاية إن الديمقراطية السليمة هي التي تتباري تحت ظلالها كل القوي السياسية لكي تسهم بالآراء والحلول في نطاق أحكام الإعلان الدستوري والقوانين التي نلتزم بها جميعا.. وأي شيء غير ذلك باسم الديمقراطية هو عدوان عليها وتهديد لمستقبلها.
خير الكلام: من يستسلم للواقع وهو قادر علي تغييره إنسان جبان بطبعه! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله