المستثمرون متمسكون بما حصلوا عليه من أراض من الدولة بأسعار متدنية لاقامة مشروعات مختلفة عليها حتي ولو لم يقوموا بالبناء أو الزراعة فيها أو استثمارها فبعضهم لم يوف بالتزاماته الخاصة بهذه الأراضي وبعضهم تركها حتي يتم تسقيعها والبعض الآخر استغلها في غير الأغراض المخصصة لها والبعض باع منها وحقق مليارات. تبقي قضية التلويح بالتحكيم الدولي واردة, خاصة بعدما تم بالنسبة للمستثمر سياج في سيناء وهو ما أضطر لالتزام مصر بدفع تعويضات كبيرة له, وذلك بعد أن وصل الحكم إلي الحجز علي فروع بنوك مصرية بالخارج.. فهل تستمر محاولات معالجة عوار هذه العقود وتصحيح الفاسد منها أم سيكون التفاوض هو الوسيلة الأجدي للمعالجة؟ شروط التحكيم سامح عاشور رئيس الحزب الناصري ورئيس المركز الدولي للتحكيم يري أن90% من العقود التي يبرمها المستثمرون مصريون وغيرهم تضع شروط التحكيم سواء أكان وطنيا أو خارجيا, وفي جميع الأحوال هذا الشرط ملزم للمتعاقدين, وبالتالي يحظر لأي طرف اللجوء للقضاء العادي ويلجأ للتحكيم. ويضيف بأن الجهة المختصة بالتحكيم يمكن أن تنظر في فساد العقد, وهناك أطراف التعاقد العادي التي تلجأ للقضاء الوطني, مشيرا إلي ضرورة وجود هيئة متخصصة في التعاقد حتي لاتضطر مصر للدخول في متاهات. ويشير إلي أن الحكومة في أغلب الأحوال تتعامل مع صيغة غير موضوعية للعقود, وأغلب قضايا التحكيم خسرناها لهذه السببية وعدم الدقة. شابها البطلان المستشار مصطفي الطويل رئيس لجنة فض المنازعات ووكيل عام المحاكم بوزارة العدل سابقا يري أنه لم يكن يجب فسخ العقود التي شابها البطلان أو شيء من الفساد, هذا الاجراء من شأنه أن يخيف المستثمرين الجدد ويمنعهم من الاستثمار في مصر, هذا لأن السبب الأول لفساد هذه العقود هو نحن الذين أبرمنا هذه العقود وقبلنا بمثل هذه الشروط, وإن كان المستثمر يشارك في قسط من هذا الفساد فإن العبء الأول يقع علي عاتق المصريين الذين أبرموا العقود, وعلي ذلك فاني أري الحد بقدر الامكان من ابطال هذه العقود أو علي أقل تقديرتعويض المستثمر تعويضا منصفا حتي يكون ذلك دافعا لعودة المستثمرين إلينا مرة أخري. غير مزعج قصة مدينتي كانت تلوح فيها أداة التهديد بالتحكيم الدولي وائل حمدي السعيد المحامي بالنقض والمنوط به قضية مدينتي كدفاع يري أن التحكيم الدولي بالنسبة لمصر يجب ألا يكون مزعجا لعدة أسباب أولا أن التحكيم يكون له محل إذا كان الاخلال بالعقد من أحد طرفيه أو أن طرفا كالدولة يفسخ العقد من جانب واحد كما حدث في قضية سياج, لكن أن يكون هناك حكم صادر من المحاكم بالبطلان في دعوة متاحة من أحد من غير أطراف العقد, هنا لايكون هناك مجال أو حق للجوء أي طرف للعقد للتحكيم, كذلك إن القضاء ببطلان العقود يبني علي أمرين قد يتوافر أحدهما أو كلاهما وهو أن يكون التعاقد بالأمر المباشر بالمخالفة لقانون المناقصات. وأن يكون التعاقد يخفي وراءه شبهة الاستيلاء علي المال وفي قضية عمر أفندي علي سبيل المثال اعتبرت المحكمة حكمها بالبطلان بمثابة بلاغ للنائب العام والأموال العامة وجهاز الكسب غير المشروع ضد الطرفين ووفقا لأن العقد مخالف للقانون ويقع تحت طائلة المساءلة القضائية ينتفي الحق في الرجوع للتحكيم الدولي لأنه لا يجوز أن يستفيد المخطيء من جريمته فإذا ثبت أن هناك تواطؤا في تحرير العقد وإهدار للمال العام لا يجوز لأي طرف اللجوء للتحكيم. أخطاء المسئولين د. حمدي عبدالعظيم رئيس اكاديمية السادات للعلوم الادارية الأسبق يقول ان أداة التحكيم يتحملها الاقتصاد المصري نتيجة اخطاء المسئولين في التعاقد مع المستثمرين ثم محاولة تصحيح الخطأ بخطأ جديد وهذا ما حدث في تحكيم قضية أراضي سياج التي تراجعت عنها الحكومة المصرية بعد التعاقد وأقام رجل الأعمال قضية ضد الحكومة أمام القضاء المصري وكسبها ولكن الحكومة رفضت التنفيذ مما أدي للتحكيم الدولي والذي حكم لصالحه وقضي بتغريم مصر نحو300 مليون دولار. هذا عبء تحملته الخزانة العامة للدولة كما تحمله ميزان المدفوعات المصري وكاد نفس الأمر يتكرر في حالة الوليد بن طلال وهناك مفاوضات وإذا تم التحكم قد يكون في صالحه لأن الحكومة وافقت علي منحه الأرض, وفي حالة اصرار الحكومة علي سحب الأرض سيكون التحكيم والتعويض الذي ستتحمله خزانة الدولة ونفس الأمر في قضية عمر أفندي حيث يهدد مالك الشركة الجديد باللجوء للتحكيم الدولي وربما أيضا يكون الحكم لصالحه نتيجة اخطاء المسئولين رغم اعتراض اللجنة المشكلة في هذا الوقت حول التسعير وهذا كله يأتي في ظل معاناة اقتصادية من نقص الموارد, ولعله من الأفضل حل هذه المنازعات عن طريق التفاوض بين الطرفين للوصول إلي أفضل صيغة لحفظ حقوق مصر وعدم الإضرار بالمشترين, لأن هذا يؤثر علي مناخ الاستثمار وقدرة الاستثمار المصري علي جذب الاستثمارات العربية والأجنبية خاصة أن هذه الاستثمارات تعتبر ضرورية لعلاج البطالة وزيادة النقد الأجنبي في البنك المركزي وزيادة القدرة علي نقل التكنولوجيا المتطورة وزيادة الصادات نتيجة القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في هذه الحالات. .. و10 قضايا تحكيم ضد مصر في الخارج قضايا الدولة لا يتم الرجوع إليها إلا بعد اللجوء للتحكيم.. ومهلة6 أشهر للتسوية الودية والتعويضات هيئة قضايا الدولة هي الجهة المنوط بها تمثيل مصر في قضايا التحكيم بالخارج ومن خلالها يتم تمثيل الجانب المصري في هذه القضايا وحول هذا الدور يقول المستشار عبدالمنعم أمين رئيس المكتب الفني بالهيئة إن هناك أكثر من10 قضايا تحكيم دولي مرفوعة حاليا في الخارج خاصة في باريس ولندن وهي في غالبيتها تتعلق بنزاع سواء علي تخصيص أراض أو التزامات يري المستثمر أن الحكومة قد أخلت بها مثال ذلك قضية ناشيونال غاز المرفوعة في لندن للتحكيم وهي شركة متعددة الجنسيات وتنفذ مشروعات في مصر من خلال مجموعة شركاء أجانب ومصريين وحدث الخلاف حول السعر الذي تحصل به الشركة علي الغاز بعد أن تم تعويم سعر الجنيه المصري. ويشير إلي أن لكل قضية من قضايا التحكيم أسبابها وإن كانت تدور حول العقد وشروطه والمفترض أن تكون هناك جهة متخصصة في مجال وضع القواعد والشروط بالعقود حيث أن الرجوع إلي هيئة قضايا الدولة لا يتم إلا بعد وصول النزاع الي مرحلة اتخاذ اجراءات اللجوء للتحكيم والذي يعطي في البداية مدة6 أشهر للتسوية الودية وبعدها إذ لم تتفق الأطراف المتنازعة يكون اللجوء للتحكيم. ويشير إلي أن جهة التحكيم يمكن أن تراعي مظاهر الفساد والمحاباة في العقد وفقا لاتفاقية الفساد الموقعة2003 إذا كان يبين فيه ذلك ولكن لو أبرم العقد في ظروف طبيعية وبدون قوي قاهرة فإن نصوصه تصبح الأساس للتحكيم. ويشير إلي أنه في عقد تخصيص الأراضي لأحد المستثمرين تبدو صورة فجة للمحاباة من حيث السعر ومساحة الأرض والأمتيازات التي تضمنها العقد خاصة بالنسبة لتوفير مياه الري ويبدو الأمر أن المستثمر وضع الشروط التي يرغبها والدولة اذعنت له. ويضيف المستشار عبدالمنعم أمين أنه في بعض القضايا يكون التفاوض أقيد خاصة فيما يتعلق بالاشقاء العرب حيث يمكن التعويض باستثمارات أخري ويؤكد أن قضايا التحكيم تحتاج لوقت وإجراءات حتي يتم الحكم فيها.