بعد ان كشف حجم الفساد في كل مناحي الحياة المصرية في العهد البائد, وبعد ان تحولت مصر الي شبه دولة فاشلة في ظل القيادة التي حكمت لثلاثين عاما عجاف نجد ان البعض من اصحاب المصالح المتضررين من الثورة والإصلاح. يحاولون خداع البسطاء من القراء بمقولات مثل: عهد مبارك قدم الكثير لمصر, خصوصا في السياسة الخارجية..!! عجبي.. ما تفسير ذلك؟ هل هو الجهل!! هل هو الاستغفال؟ اعتقد انه كل ذلك واكثر مما لا نستطيع أن نذكره علي الملأ. فقد نشر علي صفحات أهرام الأحد الماضي مقال أحد السادة المعروفين بانتمائهم للماضي. كتب سيادته يلوم الثوار ويلوم منتقدي النظام السابق, ويصفهم بأنهم يتبعون العادة الفرعونية المذمومة او المرذولة التي تقوم علي إهالة التراب علي كل ما فعله الحاكم السابق ولا تمدح إلا ما يفعله الحاكم الجديد.. كلام حق يراد به باطل. يردد سيادته نشيد لجنة السياسات البائدة والذي كان يتغني به كل كوادر ها في كل المحافل وهم يقولون ان مبارك جنب مصر الحروب, وأنه تعرض لضغوط عاتية من إسرائيل وأمريكا والدول العربية وقاومها.. ونسي الكاتب ومرددو النشيد أن ميدان السياسة الخارجية بالذات كان أكثر الميادين فشلا في سياسات مبارك.. لقد تبنت مصر آنذاك سياسة التبعية وفقدت إرادتها الحرة ومارس قادتها سياسة الانبطاح مقابل الالتصاق بالكرسي وتوريثه فلم يكن سلاما عادلا بل كان استسلاما مهينا.. فقد فقدت مصر دورها الاقليمي لمصلحة دول عربية وغير عربية ولإسرائيل,, وفقدت مصر دورها الريادي للعالم العربي, وكذلك فعلت في إفريقيا حيث تعاظم الدور الإسرائيلي في المقابل. أما علي المستوي الدولي فقد اصبحت مصر من أوائل الدول المصنفة بالفساد والتخلف والاستبداد, وتبع ذلك التدهور غير المسبوق في المجال السياسي تدهور اقتصادي حاد, فبعد ان كان الجنيه المصري يساوي دولارا كاملا عندما تولي مبارك الحكم, أصبح الدولار يساوي ستة جنيهات في بعض المراحل وقفز الدين العام الي أكثر من تريليون ومائة مليار جنيه..!! ؟ الثقافة المصرية وصلت الي القاع فلم تظهر جامعة مصرية واحدة ضمن أول خمسمائة جامعة في العالم. السينما المصرية اختفت والكتاب المصري فقد مناخ الحرية اللازم للفكر وللحضارة وللتقدم والأغنية المصرية وصلت الي كوز المحبة اتخرم.. وإلي إحنا اللي خرمنا التعريفة.. انحل الذوق العام وسادت ثقافة الرعاع.. والبطالة بلغت حدا جعلت السلطات لا تعلن عن نسبتها الحقيقية وتبع ذلك أمراض اجتماعية خطيرة أهمها القتل الأسري والعنوسة أما في المجال الصحي فقد عانت مصر من أعلي نسبة في العالم في الإصابة بفيروس سي والفشل الكلوي, وفتك السرطان بالمصريين نتيجة للأغذية المسرطنة والتي كان رموز النظام وأركانه هم من أدخلها مصر. ثم ان كاتب المقال يفترض ان حاكم البلاد لابد ان يكون أخرق يعلن الحرب علي الجيران ويلغي المعاهدات والمواثيق المعقودة.. وكان مبارك استثناء من هذه القاعدة.. أتقوا الله ايها المرجفون في المدينة فالشعب دفع مئات الشهداء وآلاف الجرحي ومليارات الجنيهات والخسائر ثمنا للحرية والكرامة والأمل في المستقبل.