في مبادرة فريدة لرئيس فرنسي قام نيكولا ساركوزي بزيارة مقابر الجنود المسلمين تكريما لذكري الآلاف من الجنود المنحدرين من اصول عربية وافريقية من الذين ضحوا بحياتهم فداء للتراب الفرنسي . جاءت زيارة الرئيس ساركوزي لمقابر' نوتردام دو لوريت' وهي القريبة من دوراس بالشمال الفرنسي لتسجل الزيارة الأولي بعد مرور ما يزيد علي ثلاثة عقود منصرمة, فلم يسبقه اليها سوي الرئيس الفرنسي السابق فاليري جسكارديستان عام1977. الجدير بالذكر ان هذه الزيارة تواكبت مع صدور التقرير البرلماني المنوط به حظر النقاب بفرنسا كما انه تواكب ايضا- مع الجدل القائم منذ اشهر حول الهوية الوطنية. والواقع ان الرئيس الفرنسي جاء الي' نوتردام دو لوريت' وفي جعبته رسالة للمهاجرين العرب والمسلمين في الوقت الذي يتنامي فيه الشعور لدي فئة من ابناء المسلمين بفرنسا بأنهم مستهدفون. ففي أثناء تأدية مراسم الزيارة المعتادة لجنود عسكريين حرص ساركوزي علي ان يلقي كلمة تعمد فيها إلقاء الضوء علي تفاني هؤلاء الجنود المسلمين. ولم يكتف بتخليد ذكراهم فحسب بل اقتبس نماذج- للتذكير-من سجلات التاريخ لبعض أسماء هؤلاء الجنود من الافارقة الذين حاربوا وماتوا حبا لما سماه الوطن لكونهم فرنسيين ليكون ذلك اعترافا ضمنيا بان اجيال المهاجرين فرنسون ولاجدال!! قاصدا الربط بين هذا التفاني وما يرمون اليه من القانون الذي يثير جدلا واسعا- ويناقش حاليا- تحت قبة البرلمان الفرنسي والمعروف بالهوية الوطنية( ومن الفرنسي؟) وهو ما تقدم به وزير الهوية الوطنية وشئون المهاجرين اريك بيسون.موضحا انه يرغب من هذا القانون مضمونه وليس التفرقة او التمييز بين ابناء الوطن الواحد مهما كانت جذورهم او انتماءاهم العرقية اوالدينية أو لون بشرتهم حسب قوله. يذكر ان مقابر نوتردام تضم مربعا مخصصا للجنود المسلمين وهو الذي شهد ثلاثة اعتداءات من عمليات تدنيس متكررة وصلت الي ثلاث مرات منذ ان تولي ساركوزي الرئاسة في عام2007 وكانت اخرها قبل نحو عام. ومما لاشك فيه ان هذه الزيارة لاقت استحسان الجاليات المسلمة ومن ناحيته أصدر المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية بيانا مضمونه ان الخطوة التي اقدم عليها الرئيس الفرنسي بادرة قوية وتحمل شحنة رمزية عالية خاصة انها تعد تكريما لذكري الجنود المسلمين بعد ما دنست مقابرهم اكثر من مرة بعبارات عنصرية ومعادية للاسلام. ويري المراقبون ان تحركات وسياسة ساركوزي في تلك الآونة تهدف في المقام الأول إلي كسب أصوات الأقليات في الانتخابات المقرر لها منتصف مارس المقبل, فما سبق من الشروع لاستصدار قانون لحظر النقاب او جدل الهوية الوطنية ماهو الا سيناريو لكسب أصوات اليمين المتطرف من أصحاب النزعة العنصرية الرافضين لكل اشكال التواجد الاجنبي العربي او الافريقي المسلم علي الاراضي الفرنسية. ومن اجل خلق حالة توازن اختار ساركوزي هذا التوقيت بالذات للقيام بتكريم جنود المسلمين لضرب عصفورين بحجر. وفيما يخص قضية المهاجرين الاكراد التي استحوذت علي اهتمام الفرنسيين واثارت جدلا واسع النطاق حول عدم احقية فرنسا في احتجازهم نظرا لأنهم يطلبون اللجوء السياسي برر ساركوزي ضلوع الدولة في ذلك من منطلق توخي الحذر من بعض المتسولين والخارجين عن القانون من الذين ينتهكون الحدود ولم يكن معهم بطاقات تؤكد هويتهم وهم من اطلق عليهم حسب تعبيره متسولي الحدود. لكنه وعد بان وزير الهجرة اريك بيسون سيدرس ملفاتهم حالة بحالة ليتم حصولهم علي اللجوء السياسي حسب قانون البلاد. ويذكر انه تم إطلاق سراح123 مهاجرا كرديا غير شرعيين عثر عليهم مؤخرا في جزيرة كورسيكا الفرنسية والذين كان وضعهم في مراكز احتجاز خارج إطار القانون وهو ما القي لوما شديد علي الحكومة من الاحزاب ومنظمات حقوقية.