لوحظ فى الآونة الأخيرة أن بعض وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة مرئية ومسموعة وفى العديد من الفضائيات العربية تردد ما يثير الرأى العام ضد دين معين وأن بعضها تجاوز بمحاولة بث الفرقة داخل بعض المجتمعات العربية بإثارة النعرات الطائفية. وقد وجدت إن الدين فى المقام الأول والضمير الصحفى فى المقام الثانى يحتمان أن أتناول هذه الظاهرة، فأمانة الكلمة وشرف حمل القلم توجب على الإعلامى أن يكون نزيهاً فى الخطاب أمينا فى الرأى واعيا بما يقول ملماً بجوانب ما يعرضه. فهذا الدين الإسلامى الحنيف يحض على الإخاء والتعايش فيما بين معتنقى الأديان جميعاً فى سلام ومحبة على الأرض الواحدة فيجب على كل من يؤمن بالله أن يحترم ويوقر أخيه فى الله مسلماً كان أو مسيحياً أو يهودياً، فالإيمان يكون بالله وملائكته وكتبه ورسله، إذ أن الإسلام لله فى معناه الأوسع والأعم هو إسلام الوجه لله فى الأديان السماوية جميعاً. فالأديان السماوية منزلة جميعاً من عند الله بتعاليم أوجب الله على معتنقيها تطبيقها، وسوف يجازى الله الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور كل إنسان الجزاء الذى يستحقه يوم القيامة. والإسلام ذلك الدين السمح يدعو إلى توطيد العلاقة بين الأديان السماوية وخير دليل على ذلك أنه أحل للرجل المسلم الزواج بالمرأة الكتابية – يهودية كانت أم مسيحية – وفى ذلك تقدير عظيم للأديان السماوية ومعتنقيها ودليل قاطع على طبيعة استمرارية هذه الأديان وبالتالى احترامها ووجوب توطيد العلاقة مع معتنقيها. فليس هناك فرق بين أنبياء الله فكل من الله وإلى الله "قولوا أمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون" (الآية 136 من سورة البقرة). كذلك فإن تعمد هذه الأقلام وتلك الفضائيات إثارة النعرات الطائفية فى بعض البلدان العربية المسلمة المستقرة والتى يعيش أهلها فى وئام وسلام لأغراض سياسية معلومة أم خافية ومحاولة إثارة الشعوب العربية مهما كان القصد والهدف لهو من قبيل شق الصف وإحداث الفتنة والفرقة التى نهانا الله فى كتابه العظيم عنها، بل لقد قرنها سبحانه بالقتل وأشد "الفتنة أشد من القتل"، فالمستفيد الوحيد من ذلك هم أعداء الأمة. ولذلك يجب فى خطابنا الإعلامى أن نفرق بين الدين الإسلامى والمسيحى واليهودى كديانات منزلة من عند الله تحتوى على كلماته التامات وبين الذى يعتنق أى دين منهم ليس لغرض سوى المتاجرة به والإساءة إليه فحينما نرفض الممارسات الإسرائيلية وما ترتكبه من فظائع وقتل ودمار يجب توجه هذه الحملة إلى الصهيونية العالمية ومن يتبع الاستراتيجية الصهيونية وليس على جميع اليهود والدين اليهودى الذى نؤمن به وعندما نشجب ما تقترفه الجماعات الإرهابية الإسلامية والمسيحية يكون ذلك بمهاجمة التطرف الدينى والسياسى وننأى عن الأوصاف المغرضة بنعتهم بالأصولية الإسلامية والمسيحية. فمن أجل المؤاخاة فى الدين والشعور بالانتماء للدين والوطن وإنسانية الإنسان يجب أن نتجه نحن الإعلاميين لما للدور الإعلامى من أهمية فى إزالة المسافات وصفاء النفوس والتقريب بين أبناء الوطن الواحد، فالدين لله والوطن للجميع. المزيد من مقالات ايناس عبد القادر