التعليم في أسبوع | جولات مستمرة لمتابعة انتظام العام الدراسي الجديد    فريد زهران: المنتدى الديمقراطى الاجتماعى إشارة إيجابية وسط تحديات إقليمية وأزمات عالمية    رئيس لجنة الإسكان بالنواب يشيد بإلغاء اشتراطات البناء للتخفيف عن المواطنين    سعر الريال السعودي بالبنوك في ختام اليوم الجمعة 27 سبتمبر    وزير التعليم العالي يستقبل سفير مملكة السويد بالقاهرة لبحث تعزيز التعاون    «حياة كريمة» توزع 3 آلاف وجبة غذائية ضمن مبادرة «سبيل» بكفر الشيخ    وزير الخارجية: مصر تواصل جهودها لخفض التصعيد في المنطقة    نتنياهو أمام الأمم المتحدة: على «حماس» أن تغادر السلطة في قطاع غزة    مسؤول لبناني: المدارس لم تعد جاهزة لاستقبال الطلاب بسبب الهجمات الإسرائيلية    «رونالدو» يقود النصر في مواجهة الوحدة بالدوري السعودي    الخليج السعودي يهزم كاليفورنيا في أولى مباريات بطولة «سوبر جلوب»    بالأرقام| جهود مداهمة بؤر السلاح والمخدرات خلال 24 ساعة    اتهام بسرقة ماشية.. حبس المتهم بقتل شاب خلال مشاجرة في الوراق    22 فرقة مصرية وأجنبية.. تفاصيل عروض مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    المنيا تحتفل غدا باليوم العالمي للسياحة على المسرح الروماني    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    نائب وزير الصحة تتفقد وحدة أسرة سيدي بشر وتشيد بجهود الفريق الطبي    استشاري تغذية: الدهون الصحية تساعد الجسم على الاحتفاظ بدرجة حرارته في الشتاء    ما هي الفروق الرئيسية بين السكتة القلبية والأزمة القلبية؟    محافظ أسوان يؤدي صلاة الغائب على شهيد الواجب معاون مباحث كوم أمبو    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    آس: راموس لم يتلق أي عرض من الزمالك    انتصارات أكتوبر.. "الأوقاف": "وما النصر إلا من عند الله" موضوع خطبة الجمعة المقبلة    التنسيقية تثمن توجه الدولة بإطلاق نقاش حول الدعم النقدي وتعقد حلقات عمل بشأن آليات التطبيق    محافظ الفيوم يعلن نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طامية المركزي    رئيس هيئة المحطات النووية يزور معرض إنجازات الصناعة الوطنية الروسية    إطلاق حملة ترويجية دولية لمصر احتفالاً بيوم السياحة العالمي    أيمن بهجت قمر: «تامر حسني بيحب يغير في كلمات الأغاني» (فيديو)    أنغام تتألق في «ليالي مصر» بالمتحف المصري الكبير    غموض موقف نجم ريال مدريد من خوض الديربي    القومى للطفولة والأمومة بالبحيرة ينظم ندوة تثقيفية بدمنهور    روسيا تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك    بدء تطبيق المواعيد الشتوية لغلق المحلات.. الحد الأقصى العاشرة مساءً.. زيادة ساعة يومي الخميس والجمعة.. وهذه عقوبة المخالف    النيابة تطلب التحريات حول فنى متهم بالنصب على مصطفى كامل    مصرع تلميذة سقطت من أعلى مرجيحة أثناء لهوها بقنا    انطلاق فعاليات ماراثون الجري بالزقازيق    "كنوز مصرية".. متحف شرم الشيخ يحتفل بيوم السياحة العالمي    توجيهات لوزير التعليم العالي بشأن العام الدراسي الجديد 2025    إيرادات الخميس.. "عاشق" الأول و"ولاد رزق 3" في المركز الرابع    تغييرات غريبة تنتظرك.. ماذا يحدث ل5 أبراج فلكية في آخر 3 شهور من 2024؟    محافظ بني سويف يتابع الإجراءات والحلول المنفذة بشأن شكاوى ومطالب المواطنين    وزير السياحة: اهتمام حكومي غير مسبوق بتعزيز مكانة مصر في الأسواق السياحية    تين هاج يتحدث عن عدم تسجيل برونو حتى الآن    رئيس الرعاية الصحية والمدير الإقليمي للوكالة الفرنسية يبحثان مستجدات منحة دعم التأمين الشامل    باكستان تؤكد رغبتها في تعزيز التعاون الثنائي مع نيبال    الأنبا مكاريوس يترأس حفل تخريج دفعة جديدة من الكلية الإكليريكية    شهيدان في قصف إسرائيلي استهدف سكان حي الشجاعية شرق غزة    بعد تداول مقطع صوتي.. الداخلية تضبط طبيبين تحرشا بالسيدات أثناء توقيع الكشف الطبي عليهن    مواعيد مباريات اليوم 27 سبتمبر.. القمة في السوبر الإفريقي ومونديال الأندية لليد    مميزات وشروط الالتحاق في مدارس «ابدأ».. تخلق كيانات تعليم فني معتمدة دوليا وتواكب سوق العمل    سيميوني: أتلتيكو مدريد يحتاج لهذا الشئ    موعد مباراة النصر والوحدة في الدوري السعودي والقناة الناقلة    ولي عهد الكويت يؤكد ضرورة وقف التصعيد المتزايد بالمنطقة وتعريضها لخطر اتساع رقعة الحرب    خالد الجندي: لهذه الأسباب حجب الله أسرار القرآن    حريق كشك ملاصق لسور مستشفى جامعة طنطا (تفاصيل)    وزير الصحة اللبناني: أكثر من 40 عاملا في مجال الرعاية الصحية استشهدوا في العدوان الإسرائيلي    أحمد الطلحي: سيدنا النبي له 10 خصال ليست مثل البشر (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البناء علي الأراضي الزراعية‏..‏ كيف نحل المعضلة؟

شهدت مصر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة وتحديدا منذ انفجار الثورة المصرية الكبري ضد نظام مبارك‏,‏ موجة هائلة من البناء علي الأراضي الزراعية بالمخالفة للقانون‏,‏ في ظل الانفلات الأمني الذي صنعه نظام الديكتاتور المخلوع مبارك وحزبه الوطني الذي صار هو وقياداته عنوانا للفساد السياسي ونهب المال العام والاستيلاء علي أراضي الدولة وتبديد ما بنته الحكومات والأجيال السابقة. من خلال برنامج الخصخصة الفاسد كلية, بحيث حق عليه الحل, ويحق علي قياداته الفاسدة الحرمان الدائم أو المؤقت من المشاركة في الحياة السياسية التي صادروها وأفسدوها لأكثر من ثلاثة عقود.
وهناك مواطنون لم يقوموا بالبناء المخالف, ولا ينبغي معاقبتهم لاحترامهم للقانون, بل ينبغي أن يكون لديهم حقوق متساوية من خالفوا القانون, بحيث تطبق قواعد واحدة عليهم, إما بالسماح بالبناء بنسب تطبق علي الجميع, أو إزالة التعديات علي الأراضي, بحيث تكون هناك مساواة حقيقية في هذا الشأن.
ورغم أن هذه الموجة من البناء قد حدثت في ظل غياب الدولة وبمشاركة وربما بتحريض من المجالس المحلية التي تضم في غالبيتها الساحقة عناصر حزب الفساد الحاكم سابقا والتي جاءت بانتخابات مزورة شأن كل ما كان يجري من انتخابات في عهد مبارك وتستحق الحل بدورها, والتي ساعدت هي وبعض جهات الحكومة علي عمليات الاعتداء علي الأراضي الزراعية من خلال مد المباني المخالفة بالكهرباء وبعدادات مؤقتة, إلا أن ذلك لا ينفي أن هناك قضية حقيقية تتمثل في حاجة أبناء الريف المصري للتوسع العمراني لاستيعاب الزيادة السكانية في المحافظات الريفية وبالذات التي لا توجد لها أية منافذ علي الصحراء. وهذه القضية المحورية في حياة الفلاحين, لم تتعامل معها الحكومات المتعاقبة منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين وحتي الآن بأي درجة من الجدية أو التخطيط لحلها بصورة أخلاقية وإنسانية واقتصادية, تساعد علي توفير مساكن لائقة وملائمة للأعداد المتزايدة من أبناء الريف المصري الذي يسكنه نحو57% من سكان مصر, والحفاظ في الوقت نفسه علي الأرض الزراعية في وادي النيل ودلتاه وهي من أخصب وأعمق الأراضي الزراعية في العالم بأسره, وفقدانها بالبناء يعني فقدان جوهرة حقيقية لا يمكن تعويضها مطلقا.
ولإدراك حجم المأساة التي تسبب فيها غياب الاستراتيجية الحكومية لمعالجة قضية إسكان أبناء الريف المصري, يكفي أن نعلم أن البناء علي الأراضي الزراعية في مصر قد التهم خلال الخمسة وثلاثين عاما الأخيرة ما يتراوح بين1.5, و2 مليون فدان من أخصب أراضي مصر والعالم في وادي النيل ودلتاه, وهي أراضي لا يمكن أن تعوضها المساحات المستصلحة في الصحراء والتي تقل كثيرا في نوعيتها عن الأراضي القديمة. وكانت حكومات مبارك المتعاقبة قد اكتفت بإحالة المخالفين للقانون الذي يحمي الأراضي الزراعية إلي القضاء, ثم سحب القضايا أثناء الانتخابات البرلمانية أو الاستفتاءات الرئاسية كرشوة للناخبين الفلاحين, ولم تكترث أصلا لوجود قضية تتعلق بتوفير المساكن للأجيال الجديدة من أبناء الريف دون الاعتداء علي الأراضي الزراعية.
وقانون تجريم البناء علي الأراضي الزراعية يعني عمليا حرمان الأجيال الجديدة من أبناء الريف المصري من حق السكن, خاصة وأنه لا توجد أنشطة صناعية وخدمية وزراعية تستوعبهم بصورة فعالة خارج محافظاتهم الريفية. وبالتالي فإنه لابد من التفكير بشكل منفتح لمعالجة هذه المعضلة لضمان حق السكن لأبناء الريف, والحفاظ في الوقت نفسه علي الأراضي الزراعية المصرية القديمة التي كونها طمي النيل كطبقة غنية وبالغة العمق الذي يصل إلي17 مترا في بعض الأحيان والذي يفوق الطبقات المناظرة في أحواض الأنهار الأخري في مختلف بلدان العالم.
والحقيقة أن حل هذه القضية الاقتصادية- الاجتماعية, يمكن أن يتم من خلال عدة مسارات: الأول أن تقوم الدولة بإنشاء مساكن شعبية ومتوسطة المستوي بارتفاعات عالية نسبيا وعدد أدوار أكثر من المعتاد في الوادي والدلتا وتهيئة البنية الأساسية وبالذات محطات المياه لتتوافق مع هذه الارتفاعات, وذلك لتقليل التوسع الأفقي وتحجيم الاعتداء علي الأرض الزراعية, والاعتماد علي التوسع الرأسي في توفير المساكن للأجيال الجديدة من أبناء الريف. مع ضرورة أن يكون تصميم تلك المساكن ملائما لاحتياجات وأنماط معيشة أبناء الريف, وأن تكون أسعارها مرتبطة بالتكاليف الفعلية, بحيث تكون ملائمة للقدرات المالية لأبناء الريف الفقير, وأن يكون هناك تقسيط طويل الأجل لأسعار هذه المساكن. وهذا يعني أن الدولة يجب أن تقوم بهذا الدور بغرض حماية الأراضي الزراعية وليس بغرض تحقيق الأرباح, وسيكون عليها أن تلتزم بالمعايير الاقتصادية المتعلقة بتحقيق التوازن المالي وتعويض الإهلاكات وضمان استمرار عمل شركاتها العاملة في هذا المجال, حتي لا نفتح بابا جديدا لعجز الموازنة العامة للدولة, ويمكن تحويل قسم من مخصصات دعم إسكان محدودي الدخل لبرنامج البناء الرأسي في الريف, بدلا من تبديد تلك المخصصات بصورة فاسدة بدفعها لكبار الرأسماليين الذين حصلوا علي الأراضي المرفقة في المدن الجديدة بسعر70 جنيها للمتر وحصلوا علي منح لا ترد قيمتها15 ألف جنيه عن كل وحدة مساحتها63 مترا, وبدلا من بيعها بسعر عادل يتراوح بين40, و45 ألف جنيه ويتضمن ربحا جيدا, باعوها بضعفي أو ثلاثة أضعاف هذا السعر العادل واستغلوا الشعب مرتين الأولي بالحصول علي أرضه ب5% من سعرها في السوق, والثانية بالحصول علي منح لا ترد من المال العام المملوك للشعب, والثالثة ببيع المساكن له بأسعار احتكارية مبالغ فيها ولا علاقة لها بالتكلفة الحقيقية.
أما المسار الثاني لمعالجة قضية البناء علي الأراضي الزراعية بصورة توفق بين حقوق واحتياجات أبناء الريف للسكن, وبين ضرورة الحفاظ علي أخصب الأراضي الزراعية في مصر, فإنه يتلخص في ضرورة قيام الدولة بعمل امتدادات تنموية صناعية وزراعية وخدمية وعمرانية في المناطق الصحراوية المتاخمة لمحافظات وادي النيل في مصر الوسطي والعليا, وفي المحافظات المتاخمة للصحراء في الوجه البحري لجذب الكتل السكانية من الأجيال الجديدة في تلك المحافظات إلي تلك المناطق الصحراوية الجديدة. ويمكن للدولة أن تستعيد الأراضي المستصلحة التي نهبها بعض كبار الرأسماليين والسياسيين الفاسدين بصورة خارجة علي القانون, سواء من زاوية السعر أو من زاوية تغيير النشاط المخصصة له, أو الاتجار غير المشروع فيها, وأن تعيد توزيع هذه الأرض علي الفلاحين المعدمين وخريجي المدارس والكليات الزراعية من أبناء الريف بما يضمن انتقالهم واستقرارهم خارج محافظاتهم الزراعية القديمة, بما يقلل الطلب علي المساكن في الوادي والدلتا, ويخفف الضغوط الرامية لتحويل جزء من الأراضي الزراعية إلي مناطق عمرانية فيهما.
وفي هذا الإطار أيضا, فإن التصورات المطروحة حول الامتداد العمراني والتنموي منه محافظات الوادي والدلتا المتاخمة للصحراء يمكن أن تكون ملائمة وأقل كلفة في الوقت الحالي لتحقيق هذا المسار. وحتي مشروع ممر التنمية في قلب الصحراء, فإنه رغم تكاليفه المرتفعة, والمدي الزمني الأطول لتنفيذه وتحويله إلي منطقة جاذبة للسكان بصورة دائمة, إلا أنه يبقي حلا استراتيجيا ممكنا علي ضوء ما ستتوافق النخبة والأمة عليه في هذا الشأن.
أما المسار الثالث فيتمثل في جذب أبناء المحافظات الريفية غير المتاخمة للصحراء مثل الغربية وكفر الشيخ ودمياط والدقهلية, للعمل في مناطق التنمية الزراعية والعمرانية الجديدة التي يتم إنشاؤها في الصحراء بكل ما تتضمنه من مشروعات صناعية وزراعية وخدمية, من خلال تمليكهم لأراض مستصلحة فيها, وتمويل مشروعات صغيرة وتعاونية لهم في تلك المناطق.
وعندما تنفذ الدولة هذه المسارات سيمكنها تطبيق القانون بصورة صارمة وعادلة لمنع تبديد الأراضي الزراعية القديمة التي تشكل ثروة عظمي لمصر ينبغي الحفاظ عليها كأساس للتنمية الزراعية.
المزيد من مقالات أحمد السيد النجار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.