الرئيس السيسى للمصريين: "شغلى الشاغل تخفيف المعاناة وبناء مستقبل أفضل"    مصدر حكومي يعلن تفاصيل التعديل الوزاري وحركة المحافظين وموعد حلف اليمين    أمين سر "دفاع النواب" : ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من الفوضى    وزير المالية: التحديات الجيوسياسية فى الشرق الأوسط لها آثار سلبية على التجارة والاستثمار    تباين أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات الأحد 30 يونيو 2024    أسعار الخضراوات اليوم 30 يونيو في سوق العبور    الإسكان: تكثيف أعمال تطوير الطرق بالقاهرة الجديدة و15مايو والعبور والشيخ زايد    مدبولي: مصر نجحت في اتخاذ العديد من الإجراءات الإصلاحية وأبرزها استقرار سعر الصرف    ثورة 30 يونيو.. كيف حققت الدولة التمكين الاجتماعى للمرأة    انطلاق الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا    ملخص وأهداف مباراة الأرجنتين ضد بيرو 2-0 فى كوبا أمريكا    أبو الغيط: بعد أحداث 11 سبتمبر أدركت أمريكا ضرورة تغيير المجتمعات العربية    رئيس الوزراء: الدولة المصرية تمثل قيمة مضافة لأي مستثمر    هيئة بريطانية تتلقى بلاغاً عن حادث قرب ميناء المخا اليمنى    موريتانيا: الرئيس محمد ولد الغزواني يحصل على 54.87% من الأصوات بعد فرز 50.32% من صناديق الاقتراع    الاحتلال الإسرائيلى يواصل اقتحاماته بالضفة ويمطر نابلس بقنابل الغاز    نتنياهو ووزير الجيش الإسرائيلي يناقشان المرحلة الثالثة من الحرب على غزة    مواعيد مباريات اليوم.. إنجلترا مع سلوفاكيا وإسبانيا ضد جورجيا والمكسيك في مواجهة الإكوادور    ياسر حمد يكشف أسباب رحيله عن الزمالك ..ويشيد بالأهلي وبيراميدز    4 ملفات .. يلا كورة يكشف أبرز بنود اجتماع لجنة التخطيط بالأهلي مع كولر    الأرصاد الجوية : استمرار انخفاض درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 35 درجة    "ظهرت الآن".. رابط نتائج البكالوريا 2024 سوريا حسب الاسم والرقم moed.gov.sy وزارة التربية السورية    ثورة 30 يونيو|النقيب محمد الحبشي.. نال الشهادة قبل ولادة ابنه الوحيد بشهر    إحباط تهريب 1.5 طن دقيق مدعم ب3 مخابز بلدية.. ومصادرة 200 علبة سجائر مجهولة المصدر بالإسكندرية    تفاصيل الحالة المرورية بمحافظات القاهرة الكبرى تزامنا مع ذكرى 30 يونيو    ميتا تبدأ اختبار برامج المحادثة الآلية التي يطورها المستخدمون عبر استديو ميتا أيه آي على إنستجرام    أغاني وطنية عبرت عن فرحة الشعب المصري بثورة 30 يونيو .. تعرف عليها    محمد رمضان يكشف عن عمل سينمائي جديد مع سعد لمجرد    قناة MBC مصر تحصد 4 جوائز في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون    وزيرة الثقافة الأردنية تفتتح الدورة 19 لمهرجان المسرح الحر | صور    دار الإفتاء تستعدُّ لمؤتمرها العالمي التاسع بمشاركة أكثر من 100 دولة    «الإفتاء» توضح حكم الدين في الرقية الشرعية: «اللهم أذهب البأس»    «الرعاية الصحية» تعرض إنجازات «التأمين الطبي الشامل»: علاج 44 مليون مواطن    التعليم تكشف عقوبة المتورطين في الغش بامتحاني الفيزياء والتاريخ    «زي النهارده».. ثورة 30 يونيو تطيح بحكم الإخوان 30 يونيو 2013    مدحت صالح يطرب جمهور الأوبرا بأروع أغانيه على المسرح الكبير    إعادة ضخ المياه إلى منطقة الدقى وإستئناف تسيير حركة السيارات (تفاصيل)    ياسر أيوب: اتحاد الكرة يعاني من تهديد الأهلي والزمالك في قرارات الانسحاب    خاص.. بيراميدز: ما حدث في مباراة سموحة إهمال واضح من صاحب الأرض وننتظر قرار الرابطة النهائي    هل يجوز التهنئة برأس السنة الهجرية.. الإفتاء توضح    سالم: تم اختزال مطالب الزمالك في مطلب واحد.. ونريد مشاركة الأهلي في الإصلاح ولكن    «السيستم عطلان».. رابطة مصنعي السيارات تكشف أسباب تكدس العربيات في الموانئ    حظك اليوم برج القوس الأحد 30-6-2024 مهنيا وعاطفيا    عصام عبد الفتاح يكشف فضيحة تلاعب كلاتنبرج بالخطوط لصالح الأهلي    ملف يلا كورة.. مصير الشناوي.. انتصار الزمالك.. ونهاية مشوار موديست مع الأهلي    ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر    من هو أول من وضع التقويم الهجري؟ ولماذا ظهر بعد وفاة الرسول؟    أسعار ومواصفات بيجو 2008 موديل 2024    عاجل.. فيروس "حمى النيل" يهدد جنود الاحتلال الإسرائيلي.. وحالة من الرعب    اعرف وزن وطول طفلك المثالي حسب السن أو العمر    حكم الشرع في الصلاة داخل المساجد التي بها أضرحة.. الإفتاء تجيب    عمرو أديب: مستقبل وطن يمتلك كوادر تنظيمية تستطيع تخفيف الأزمة الاقتصادية| فيديو    الإجازات تلاحق الموظفين.. 10 أيام عطلة رسمية في شهر يوليو بعد ثورة 30 يونيو (تفاصيل)    5 علامات تدل على خلل الهرمونات بعد الحمل.. لاتتجاهليهم    رئيس لجنة الصناعة ب«الشيوخ»: 30 يونيو ثورة شعب ضد قوى التطرف والتخلف استجاب لها قائد عظيم لتحقيق طموحات الشعب    «الزنداني»: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هدفها كسب تأييد شعبي    بالتزامن مع بداية امتحاناتها.. 14 معلومة عن برامج الماجستير والدكتوراة المهنية بجامعة الأقصر    إصابة 4 أشخاص بينهم طفل بلدغات سامة في الوادي الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البساطي يتابع إطلاق رواياته

من السهل السباحة اليسيرة في بحر القضايا المثارة لكن من العسير اتخاذ مسافة ثقافية للتأمل ورصد رؤية المبدعين وهم يواجهون الواقع الساخن باستراتيجيات فكرية وتقنية ليعبروا عن استجابتهم الراهنة وقد تلقيت خلال الفترة الماضية كثيرا من الأعمال الأدبية اللافتة وهي مكتوبة بطبيعة الحال قبيل الثورة حيث كانت تخيم علينا حالة من اليأس المحبط في غمار تلك الظلمة الكثيفة السابقة علي انبثاق نور الفجر مما يجعل السؤال عن مدي تمثيلها لتلك الحالة وصدقها في لمح تباشير النور معيارا جماليا يكشف عن نضجها وكفاءتها وقد نشر محمد البساطي وهو أحد جنرالات الرواية العربية كما أطلقت عليه من قبل رواية رصاصية ثاقبة في شهر فبراير أي خلال الثورة في كتاب اليوم بعنوان وسريرهما أخضر لا تتجاوز ثمانين صفحة لكنها تقدم شريحة مقطعية للمجتمع المصري قبيل طوفان التحرير وهي موزعة علي فصلين يحمل كل منهما عنوانا توراتيا دالا فأولهما هو سفر الجامعة والثاني نشيد الانشاد وكلاهما مروي بصيغة الراوي التقليدي الذي يحيط بكل شيء علما ومع ذلك فإن التقابل بينهما يفجر بنية دالة حداثية تفضي الي كشف مكنون الواقع السابق علي الثورة. دأب البساطي في رواياته الأخيرة علي تحريك شخوصه في فضاءات انتقاص الحركة التي تتراوح بين السجن والمعتقل والمساكن الملحقة بهما كي يساعده المكان علي نسج العلاقة الوثيقة بين الإثم والحلم بين الجريمة والفعل السياسي في مجتمع أصبح يحرم علي أبنائه التفكير في مستقبله أو المشاركة في إدارته. في مجتمع شهد أعجب مفارقة تاريخية سجلتها معاهد قياس الرأي العالمية حيث بلغ أبناؤه الذروة في توقهم للحرية والديمقراطية من جانب وحرمانهم المقيت من ممارستهما الواقعية من جانب آخر, مما جعله يتحول إلي فضاءين متناظرين السجن والمعتقل بامتدادهما علي مساحة أرض الوطن بأكلهما. يصف البساطي الشخصية المحورية في الرواية وتسمي يوسف وهو الصديق الحالم المنذور لانقاذ مصر من الشهوة والقحط كما استقر في الوجدان وهو يمشي وراء الحارس لينهي اجراءات خروجه الأوراق بيد الحارس يدخل بها من مكتب لآخر ينتظره يوسف بالطرقة أمام باب المكتب المفتوح الافراج عنه كان لأسباب صحية يرقب يوسف حركة الحارس الذي لا يخفي فرحه بإنهاء إجراءات الافراج عنه مع أنه هو نفسه من كان مكلفا بضربه وتعذيبه كلاهما ضحية لمن يصدر الأوامر الفوقية وعندما يستحضر في ذاكرته مشهد اعتقاله والتهمة التي لم يواجه بها أبدا تتجسد بغلظة صورة مصر الحبلي بالثورة فقد كان يشهد إحدي المظاهرات ويسمع الهتافات المعادية المطالبة بالتغيير وكان مجرد متفرج واقف علي الرصيف المقابل أقبلت المظاهرة صاخبة تقهقر هو وآخرون بجواره التصقوا بجدار خلفهم المظاهرة كبيرة يلوحون بلافتات وميكروفون بيد واحد يحملونه علي الأكتاف ابتعدت المظاهرة تسحب في مؤخرتها جمهرة من الناس يصنتون ويغنون ربما ابتسم لتعليق سمعه من واحد بجواره وربما عقب بكلمات لا يتذكرها تدين الوضع القائم هو الحذر سقط في هفوة ماإن انتبه لهفوته حتي زايلت الابتسامة وجهه ولمح في نفس اللحظة ثلاثة من الرجال يرمقونه بنظرات مزمجرة أحاطوا به وسحبوه ومن حوله إلي صندوق عربة شرطة تحركت العربة بعد ان امتلأت بهم مشهد كان عاديا تماما في الشارع المصري القبض العشوائي علي المارة واعتقالهم في ظل قانون الطواريء الذي شحن المصريين بأعنف طاقة من الغضب وهو يسلبهم حقوقهم الانسانية هذا الشاب الذي خرج محطما من المعتقل لأسباب صحية دعت الطبيب الي أن يسجل في ورقته أن مرضه لا أمل في البرء القريب منه. يستهل البساطي الفصل الثاني من روايته المكثفة بكلمات مرحة من نشيد الانشاد تقول ها أنت جميل ياحبيبي وحلو وسريرنا أخضر فيبوح لنا عرضا بسر تسمية الرواية وسريرها أخضر لكنه بمقدار مايصور من مشاهد السرير بين يوسف ورفيقته يعصر قلب قرائه وهو يجسد حالة الهذيان والاستلاب التي انتهي إليها, ابتداء من اللحظة التي عثرت فيها عليه متكوما في أسماله هو يوسف أفلتت منها صيحة خافتة تقف علي بعد ثلاث خطوات منه يجلس في الصف الأمامي المجاور للرصيف المقاعد القريبة منه خالية عرفته بصعوبة كان مهلهلا ملابسه كل شيء نحف كثيرا وجهه شاحب منهك وعيناه تائهتان بين العربات المكدسة في الطريق رمقها خطفا وعادت نظراته الي الشارع, حذاؤه متهالك تبرز منه أصابع قدميه يداه بين ساقية المضمومتين منحنيا قليلا يلتفت ناحيتها علي صوت سارينة سيارة تقف خلفها يرمقها متمهلا ومضت عيناه لحظة ثم خبت الومضة كاد يدير وجهه حين مدت يدها نحوه وهمست: يوسف نظر اليها أمسكها: سهير, وقف, يده تحتوي يدها في شدة, خذيني من هنا صعدت به الي شقتها وحممته وفي المساء حضر الطبيب لم تجازف بالخروج الي العيادة أخبرته بتصرفاته الطفولية ولسانه المتعثر وأقواله المختلطة سهير بخوف هل هو جنون؟ فأجابها الطبيب: لا الجنون شيء آخر سأجرب معه المهدئات في هذه المرحلة لمدة أسبوعين ونري مايحدث, المهم ألا يكون هناك سلوك عدواني في هذه الحالة الوسطي بين المرض والصحة بين العقل والجنون يعيش يوسف كالأطفال الصغار تجلب له اللعب فيجري وراء نماذج السيارات منبطحا علي الأرض يسيل اللعاب من فمه, ويقيم معها أشكال البيوت الصغيرة بحدائقها الخضراء وحيواناتها الأليفة يحقق في هذيانه ماعجز عن تحقيقه في صحوة.
المزيد من مقالات د‏.‏ صلاح فضل

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.