الركود الذي يشهده الاقتصاد المصري الآن بعد نجاح الثورة المصرية في إسقاط النظام السياسي والاستعداد بكل قوة لبدء تغيير النظام الاقتصادي الذي يريده الشعب لمواجهة توقف أغلب الأنشطة الاقتصادية وحركة البيع والشراء مما يستلزم من الدولة كأحد الحلول أن تعمل علي تمكين القطاع التعاوني باعتباره شريكا مناسبا لما يملكه من خبرة وقدرة منذ حوالي 100 عام ولما يضمه هذا القطاع من 18000 جمعية تعاونية بمختلف أنشطتها الاستهلاكية والزراعية والإسكانية والإنتاجية والثروة السمكية، ويستطيع أن يساهم في توفير السلع والخدمات والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي التحديات التي تعوق عمل هذا القطاع والحلول المقترحة ليكون حلا لأم المشاكل في مصر والخروج من هذا النفق المظلم. منذ تأميم الجمعيات التعاونية بعد ثورة 1952 أصبحت منافذ لبيع السلع المدعمة، ومع بداية التسعينيات من القرن الماضي اتجهت الدولة إلى الخصخصة وبدأت تهملها مما أستدعي التفكير في ضرورة عودة هذا القطاع الهام لما يمكن أن يكون له من دور فعال في مساندة أعضاءه خاصة من محدودي الدخل، لأنه عاني من إهمال كامل رغم ما يضمه من عشرات الملايين الذين يمكن أن يكونوا قوة ضاربة لدفع الاقتصاد الوطني. ولكن من الغريب انه ليس هناك قانون واحد يحكم التعاونيات بل أن كل نشاط تعاوني يحكمه قانون خاص (زراعي، إنتاجي، إسكاني) ونتيجة لذلك نتج لدينا تعدد تشريعي مما عقد البيئة التشريعية للتعاونيات، رغم أنه عام 1956 كان هناك تجربة هامة جدا وهي "قانون التعاون الموحد" حيث كان يتسم بالبساطة لأنه ترك المسائل التفصيلية للوائح.. فهل حان الوقت الآن ليكون لدنيا رؤية لهذا القطاع لمواجهة المشكلات الاقتصادية من ركود وبطالة وغلاء الأسعار وأساليب السماسرة والوسطاء وتحقيق البعد الاجتماعي في التنمية من خلال توصيل السلع الضرورية للمواطنين بالأسعار المناسبة وتحقيق العدالة في توزيع الدعم والتي تعتبر من أبرز التحديات الحالية في خضم الزيادة المستمرة في أسعار السلع واتساع وطأة الغلاء على محدودي الدخل الذين يمثلون غالبية الشعب وذلك من خلال عدة مقترحات تتمثل في تمكين التعاونيات الاستهلاكية من القيام بدورها في ضبط الأسواق وموازنة الأسعار خاصة بالنسبة للسلع الأساسية الأكثر ارتباطا بأمن البلاد، خاصة سلع البطاقات التموينية والدقيق البلدي وأنابيب الغاز والسكر، فتكون التعاونيات هي الموزع الرئيسي لهذه السلع وهى بحكم انتشارها هي الأكثر قدرة عن غيرها للقيام بذلك الدور، والبدء بعمليات التطويروالتحديث بفروع. الجمعيات بالمحافظات ضمن منظومة شاملة للتطوير، بتوفير تمويل طويل الأجل أسوة بما تم مع شركات المجمعات الاستهلاكية وشركات الجملة حيث إن القدرات الذاتية لهذه الجمعيات محدودة، المعاونة في توفير فرص العمل الجديدة بالتعاونيات الاستهلاكية من خلال برامج الصندوق الاجتماعي، فالتعاونيات تجد صعوبة في إحلال العمالة وتطويرها لافتقارها التمويل اللازم بما يؤدى إلى زيادة إسهام التعاونيات في الحد من البطالة وتخصيص أماكن للتعاونيات الاستهلاكية بالمجتمعات العمرانية الجديدة لممارسة نشاطها بالإضافة إلى مد خدمات التعاونيات الاستهلاكية إلى المناطق النائية، والسماح للتعاون الاستهلاكي بمزاولة تجارة الجملة بكل فروعها وبنفس التيسيرات، مع تأكيد دورها في زيادة الإنتاج السلعي والخدمي بما يكفل إشباع احتياجات السكان اعتمادا علي الإنتاج المحلي ومن ثم تقليل الواردات، والترخيص لهذه الجمعيات التعاونية بالاستيراد من الخارج لتحقيق التوازن بالأسواق.. وكل ذلك بشرط أساسي إلا يتولاها أهل الثقة بل أهل الخبرة والكفاءة مع وجود الرقابة الفاعلة. المزيد من مقالات محمد مصطفى