يصاب الإنسان بالدهشة وتنتابه الحيرة حين يتابع المولد الصاخب والزفة الإعلامية الكبيرة التي صاحبت الإفراج عن السيدين أو الشيخين عبود وطارق الزمر. فلقد تسابقت القنوات والصحف القومية والخاصة علي حد سواء إلي الفوز بإجراء مقابلات تركزت في مجملها علي استدراج الرجلين إلي الولوج في مواضع متفرقة تمتد من أمور شخصية ومواقف تاريخية إلي آراء ذات صبغة دينية وهي أخطر ما في الأمر حيث استرسل الرجلان في عرض افكارهما وقناعاتهما الشخصية حول قضايا كثيرة منها الخروج علي الحاكم وفرض الجزية واستصدار فتاوي التكفير والاحلال من المشايخ المتفقين معهما في الغلو والتطرف, وكان لكل هذا تأثيره السلبي علي الكثيرين مما دفع السيد كرم زهدي رئيس مجلس الشوري للجماعة الاسلامية لانتقادهما ووصف تصريحات وحوارات عبود الزمر بأنها تضليل واتهم البعض بالسعي للنكوص عن مبادرة وقف العنف والعودة إلي ما قبلها. إن مجمل الحوارات التي دارت مع عبود وطارق الزمر خاصة الأول مازالت تدلل علي فقه متشدد وفكر متطرف ومنهج خوارجي ولا شك إن ثلاثين عاما قضياها في غياهب السجون وقضيناها نحن في ظلمات نظام فاسد وحكم جائر وقانون طوارئ مدمر تدعونا جميعا إلي إعادة النظر في الكثير من أفكارنا وقناعاتنا وخطابنا الديني حتي نبني مجتمعنا الجديد علي أسس من وسطية الاسلام التي خصنا الله سبحانه وتعالي بها, وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. كنت أتمني بدلا من الحوارات والمكالمات العديدة التي خاضاها أن يخرجا علينا ببيان مقتضب يؤكدان فيه أمورا ثلاثة: أولهما التوبة النصوح إلي الله تعالي والعود الحميد إلي صحيح الدين من نبذ للعنف بكل صوره والتمسك بالتسامح والوسطية فهما جوهر الاسلام. وثانيهما الاعتذار الي شعب مصر بكامله عما أرتكبا في حقه من خطأ كان سببا في مآسي وأضرار بالغة أثرت عليه اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وأسلمتنا إلي حكم جثم علي صدورنا بكل ظلمه وفساده وجبروته إلي أن قامت ثورة25 يناير المجيدة المباركة. وثالثهما الاعتذار إلي العالم الاسلامي كله عما لحق من اتهام بالتطرف ووصم للإسلام الحنيف بكل ما هو منه برئ. د.علي علي خلف أستاذ جامعي