لا يوجد إعلام محايد في كل القضايا التي يتناولها.. هناك إعلام يتمتع بمهنية عالية.. يتعامل مع كثير من القضايا بحيادية.. ومع بعض القضايا بتحيز لا يشعر به إلا المتخصصون في الإعلام.. لذلك يكون مؤثرا.. وهناك إعلام غير مهني تشعر الجماهير بتحيزه من أول لحظة فلا تثق فيه وتلفظه. ويمكننا أن نلمح ذلك بوضوح بمتابعة الصراع الدائر في ليبيا الآن بين نظام العقيد القذافي ومعارضيه.. الذي يلعب فيه الإعلام دورا لا يقل عن الدور الذي تلعبه القوي الفعلية التي تسيطر علي الأرض. في مواجهة سيل لا يتوقف من الأخبار والبرامج الحوارية التي تبثها قنوات فضائية عديدة تتمتع بمهنية عالية.. لكنها متحيزة ضد القذافي فإن قنوات التليفزيون الليبية تكتفي ببث مظاهرات التأييد للزعيم وهم يرددون شعار الله ومعمر وليبيا وبس. والمتخصصون في الإعلام يمكنهم ملاحظة أن مساندة بعض الفضائيات للثوار الليبيين تتم عبر معلومات عن معارك وقصف وقتلي بشكل يوحي بالمصداقية دون تقديم دلائل كافية في كثير من تلك التقارير باستثناء شهود عيان أو محللين سياسيين هم في حقيقة الأمر من معارضي القذافي. والنموذج الليبي يجعلنا ندرك الأسباب التي دعت جهات غربية مثلBBC لإنشاء قناة فضائية باللغة العربية, وكذلك وزارة الخارجية الأمريكية التي تشرف بشكل مباشر علي قناة الحرة, وهي بالتأكيد فرض رؤية إعلامية تخدم مصالح تلك الجهات وتصل مباشرة لرجل الشارع العربي بعد أن تجاوز حاجز اللغة. وهذا يفتح الباب لطرح سؤال قدرة الإعلام المصري علي المنافسة في ظل وجود وسائل الإعلام الغربية علي الساحة.. والإجابة أظنها معروفة وهي لا. الإعلام المصري أفضل حالا من نظيره الليبي.. لكنه لم يصل بعد لمستوي المنافسين من الفضائيات الأخري.. لهذا فتأثيره أقل من تأثير المنافسين. الإعلام المصري يفتقر للرؤية.. ويتميز بالمباشرة.. ولا يمتلك الخبرات الفنية للتأثير علي الجماهير دون أن يشعرهم بتحيزه للقضايا التي يدافع عنها ويتبناها.. وإذا لم نتعلم كيف نصل لمستوي المنافسين فستفقد مصر سلاحا مهما في معاركها المستقبلية. والبداية هي ما دعونا إليه في هذه الزاوية مرارا منذ سنوات.. وهو تدريب وإعادة تأهيل الكوادر الإعلامية المصرية في جميع المجالات. [email protected] المزيد من أعمدة سامح عبد الله