فقد مئات من الشباب حياتهم ثمنا للحرية والقضاء علي الفساد وأصيب الآلاف بعاهات مستديمة مقابل ما ظفرنا به من حرية وحلم جميل بأيام أفضل في عهد جديد ومصر جديدة.. تقول سطور الرسالة الأولي: اسمي مصطفي عطية شحاتة وأعمل في وظيفة بأحد مصانع العاشر من رمضان بلا تأمين ومتزوج ولدي طفلة لم تبلغ عامها الثاني وفي يوم جمعة الغضب28 يناير, نزلت مع اصدقائي وزملائي العمال الي ميدان كبير لكي نشارك جموع الناس اعتراضنا علي الفساد والاحتكار والظلم الاجتماعي, وعدنا الي بيوتنا عند سماعنا نبأ نزول الجيش الي الشوارع, ثم فوجئنا بصرخات الأهالي من اقتحام المساجين الهاربين من السجون المجاورة للمنطقة ونزلت مع جيراني في لجان شعبية لكي ندافع عن أمن مدينة العاشر من رمضان وحرمة بيوتنا, بينما اتصلت أسرنا بالقوات المسلحة لكي تساعدنا في القبض علي المساجين خصوصا اننا في ساعات قليلة قبضنا علي ثلاثين منهم وقيدناهم بحبال وحرسناهم حتي وصول القوات المسلحة التي لم تتأخر كثيرا حيث جاءت قوة كبيرة من الدبابات والعربات المدرعة الي المنطقة والقوا القبض علي المساجين الفارين, وطلب مني أحد الضباط أن ارافق جنود القوات المسلحة في جولة بالمنطقة حتي أرشدهم الي مداخلها ومخارجها والأماكن التي يحتمل اختباء المساجين الفارين بها, وذهبت معهم الي اطراف المدينة عند أحد الدروب الصحراوية, وما أن اقتربنا من المكان المقصود حتي فوجئنا بوابل من الرصاص امطرنا جميعا واستشهد جندي كان بجواري واصيب اثنان آخران.. أما أنا فقد اصبت بطلقات في قدمي وفقدت الوعي بعدها, وتم نقلنا جميعا الي مستشفي القوات المسلحة وتلقيت العلاج والاسعافات الأولية واظهر التقرير الطبي التشخيصي لحالتي اصابتي بطلق ناري نافذ بالفخذ اليسري وطلق ناري غير نافذ في الفخذ اليمني وان حالتي لا تحتاج الي تدخل جراحي عاجل.. هكذا قالت السطور التي كتبها الطبيب المعالج, وعندما استفسرت منه عن حالتي فور افاقتي قال لي إن الرصاصة لاتزال في ساقي ولكنها لا تشكل خطورة حاليا وأن عملية استخراجها خطيرة جدا ويلزمها بعض الاستعدادات الطبية لأنها في مكان حساس جدا. وفي اليوم التالي غادرت المستشفي سائرا علي قدمي وبعدها بيومين شعرت بآلام شديدة في قدمي واصبحت عاجزا عن المشي عليها, وتوجهت الي مستشفي حكومي آخر فافادني الطبيب بأنني احتاج الي عملية جراحية دقيقة لاستخراج الرصاصة في اقرب وقت ولكن المستشفي لايجري هذا النوع من العمليات الدقيقة ونصحني بأن اتوجه الي مركز طبي خاص, لكني تراجعت بعد أن سمعت ثمن الكشف فقط, وحاولت أن أتوجه الي وزارة الصحة ولكنني لم أصل الي أي حلول, فهناك شلل تام في استخراج أي أوراق أو اجراءات علاج والعمل شبه متوقف, فاهتديت الي أن أرسل إليك أوراقي والتقارير الطبية لكي تشاركني حل معضلتي فأنا احتاج الي عملية عاجلة في مستشفي خاص لا أملك ثمن دخوله ولا أستطيع الوصول الي مسئول في وزارة الصحة لكي ينقذ ساقي قبل أن افقدها الي الأبد. أما الرسالة الثانية فقد تلقيتها من والدة الشاب محمود أحمد عبدالباري وتقول فيها: أنا أرملة أعول ثمانية أبناء, ونعاني من ظروف معيشية صعبة دفعت ابنائي الكبار الي الخروج في المظاهرات للتعبير عن الظلم الاجتماعي والاوضاع المعيشية الصعبة التي نعيشها, وقد خرج ابني محمود مع اقرانه ولكنه لم يعد معهم, فقد كانت الاتصالات مقطوعة وقتها ولم يستطع أحد ابلاغي بما حدث لابني عن طريق التليفون, وجاءني أحدهم وأخبرني بأن ابني في مستشفي الهلال الأحمر بعد تعرضه لإطلاق نار في فخذه اليسري من الشرطة, وتوجهت الي المستشفي فوجدته في العناية المركزة وقد اثبتت الفحوص أن العصب مقطوع وهناك تهتك بالعظام, وعليه تم اجراء عمليات جراحية لتركيب ثمانية شرائح ومسامير, علي أن تكون هناك عمليات أخري لكي يسير علي قدميه من جديد بالإضافة الي أدوية وحقن باهظة الثمن لا استطيع توفيرها من معاشي الضئيل ومتابعة طبية وفحوصات دورية ومصاريف اعجز عن الوقوف أمامها وحدي.. والأمر أمامكم فأنظروا ماذا أنتم فاعلون. * تحية عطرة لكل شهداء الثورة الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل توفير الحرية ومحاربة الفساد وبدء عهد جديد قائم علي الشفافية والصراحة والوضوح, وتحية مماثلة لكل من اصيبوا في الثورة دفاعا عن الحق والواجب, والواقع أن هؤلاء الشباب أثبتوا قدرتهم وجدارتهم بأن يتبوأوا أعلي المناصب وأن يحملوا راية التجديد في البلاد. ولكل أم وكل أب أقول: عليكم أن تفخروا بأبنائكم الذين صنعوا ما لم يصنعه الكبار.. وأرجو أن تدرك الحكومة ذلك, فلا تهمل الشباب ويتعين عليها أن تجعلهم في مقدمة الصفوف فبهم وعلي أكتافهم سوف نصل الي المستقبل ونكتب شهادة عهد جديد خال من الظلم والاستبداد. ولا أدري أين وزارة الصحة من المصابين الذين مازالت جراحهم تنزف ولا تجد من يداويها.. فإذا كان العلاج حقا طبيعيا لكل إنسان فإن هذا الحق يتضاعف لمن عرضوا حياتهم للخطر وهم يقودون ثورة التغيير في مصر. وأعتقد أن وزير الصحة الجديد الدكتور أشرف حاتم يعلم ذلك جيدا وقد كان مديرا لمستشفي قصر العيني.. فلا أقل من أن يصل الي هؤلاء المصابين ويقرر علاجهم علي نفقة الدولة بالمراكز الطبية المتخصصة في حالاتهم.. فتغيير الوزراء يجب أن يتبعه تغيير في السياسات وإلا فلا فائدة ترجي من تغيير النظام. مطلوب فلسفة جديدة تكفل توفير العلاج المناسب للجميع والذي نادينا به كثيرا.. فهل يتحرك الوزير الجديد علي هذا الطريق؟ وهل يتعاون رجال الأعمال مع الحكومة لوضع حد لآلام المرضي الذين ضاقت بهم المستشفيات الحكومية حتي أنهم يجلسون علي أبوابها لعدم وجود مكان خال لهم؟.. أرجو ذلك.