اكتسبت ثورة52 يناير الشبابية شرعيتها بإجماع الرأي العام المصري حول مبادئها الخمسة وشعاراتها ومطالبها الوطنية. وإجماع الرأي العام المصري يكتسب مصداقيته علي الرغم من عدم إجراء استفتاء أو استبيان رسمي للفئات المسجلة في جداول الانتخابات الرسمية. ويعني هذا أننا أمام ظاهرة رأي عام مصري جديدة تتشكل تلقائيا لتعبر عن وجهة نظر عامة في ساحة ميدان التحرير والميادين والشوارع الأخري. ويعني هذا أيضا أن المواطنة المصرية أكدت في هذا الموقف غير المسبوق أن المواطنة ليست مجرد رقم قومي أو بطاقة أو هدية شخصية بل هي( أي المواطنة) إرادة سياسية كامنة في قلب ووجدان كل مواطن, وتسري في عروقه مسري الدم المتدفق في شرايين الجسد ذهابا وإيابا, وتبعث في قلبه روح الانتماء للأرض وتحثه علي المشاركة المجتمعية وأداء واجبه الوطني في أي موقع جغرافي يختاره أو أي موقع يكلف به. وتكتسب المشاركة المجتمعية وأداء الواجب الوطني أهمية في هذا الصدد مع البدء في تعديل أحكام الدستور المعنية بالنزاهة والشفافية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة حيث يجري حاليا تعديل المواد الست التي تضمن إجراء تلك الانتخابات بمنتهي العدالة, وذلك لضمان ديمقراطية الحكم وسلامته قانونيا وشعبيا ودستوريا, وفي هذا الإطار الدستوري الجديد يسهم المواطن في ممارسة حقوقه المدنية والسياسية, ابتداء من الانضمام إلي الأحزاب والاتحادات المهنية والنقابية إلي الترشيح للمناصب العامة وتولي تلك المناصب والتصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية الي المشاركة في الحملات الانتخابية والندوات والمؤتمرات الي المشاركة في جمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي من الأهمية إحياء وتنشيط دورها. {{{ ومع تداعيات ثورة52 يناير الشبابية, فمن الأهمية أن تتعزز مبادرة الإصلاح السياسي الجديد بثقافة سياسية جديدة, وخطاب إعلامي جديد, ومناهج دراسية جديدة. وبشأن الثقافة السياسية الجديدة فيقصد بها( في تعريف أساتذة الاجتماع السياسي) مجموعة القيم والمعايير من الأنماط السلوكية المتعلقة بالفرد وعلاقته بالسلطة السياسية والتي تمكن أعضاء المجتمع من أداء دورهم في المجتمع, من حيث التمتع بالحقوق التي يحددها لهم ومن تحمل المسئوليات التي يفرضها عليهم. ووفقا لهذا المفهوم فإن المجتمع المتقدم سياسيا هو ذلك الذي تسوده ثقافة سياسية يغلب عليها عنصر المشاركة والاسهام. ولذا لابد أن ينال البعد الثقافي في أدب التنمية حظه من الاهتمام لتأكيد الإيمان بضرورة المشاركة في حياة المجتمع والإحساس القوي بالمواطنة المسئولة بكل مايترتب عليه من حقوق والتزامات. ولن تتحقق المشاركة السياسية المثلي للشباب دون استمرار عملية التثقيف السياسي, وذلك إدراكا لما للثقافة السياسية من ارتباط وثيق بمدي وعي الشباب وتعميق إدراكهم للمفهوم السليم للحقوق والواجبات, ومن هنا يستطيع الشباب التعامل مع المتغيرات السياسية الدولية الإيجابية والسلبية ومؤثراتها داخل مجتمعه. ومن الأهمية أن يواكب مناهج التعليم وجهود مراكز الشباب نصيب من الثقافة السياسية حتي لا يتلقي الشباب المصري ثقافته السياسية بطريقة غير منهجية, وذلك عن طريق معايشته للأحداث السياسية علي المستوي الوطني أو الاقليمي أو الدولي بفعل الثقل السياسي لوطنه مصر, أو بحكم مشاركة الشباب في هذه الأحداث بالفعل أو القول أو السماع. {{{ وبشأن الخطاب الإعلامي الجديد لثورة52 يناير فيتسم منذ انطلاقه بالموضوعية والمصداقية والشفافية. ومن منطلق أن ممارسة العمل الاعلامي بصفة عامة تندرج في سياق ممارسة الحقوق السياسية فإن المسئولية التي يمكن للحكومة الجديدة التعامل معها هي دمج ممارسة الحقوق الاعلامية في سياق قانون ممارسة الحقوق السياسية التي تعود أصوله الأولي الي القانون1791 لسنة6591, وتم إجراء تعديلات عديدة علي القانون ويتطلب حاليا إعادة النظر في تعديله من جيد في إطار المباديء الخمسة التي أعلنتها ثورة52 يناير, ونشير بصفة خاصة الي المبدأ الخامس إقامة حياة ديمقراطية جديدة. ومع إدراكنا أن غياب حقيبة الاعلام في التشكيل الوزاري الأخير لا يعني أن الحكومة تتجاهل أهمية واستراتيجية الاعلام كرسالة أساسية في سياق المهام الوطنية الملقاة علي الحكومة, وتستطيع الحكومة أن تستعين بالمراكز العلمية والإعلامية المتخصصة لإعداد بحوث أو دراسات إعلامية متخصصة تعين الحكومة علي اتخاذ قرارها بصدد قضايا تخص الرأي العام وعلي سبيل المثال معرفة توجهات الرأي العام, بقضية ما أو موقف بذاته أو معرفة ميول وانطباعات جماعات بصفة عامة في المجتمع لها مطالب محددة. {{{ وبشأن المناهج الدراسية المقررة أو المقترحة فمن الأهمية التعامل مع تلك المناهج الدراسية وكأنها تشكل الضلع الثلث في المثلث وبمشاركة الضلعين الآخرين الثقافة السياسية, الخطاب الاعلامي. والمناهج الدراسية بشأن ثورة52 يناير الشبابية من الأهمية تعميمها علي أكبر عدد من المواد الدراسية, ووفقا لطبيعة كل مادة دراسية بمعني أن مقدمات ثورة52 يناير ترتبط بكل الثورات والانتفاضات الوطنية التي تملأ صفحات كل مراحل التاريخ الوطني القديم والوسيط والحديث, ومن الأهمية أن تكتسب الكتابة تسجيل المقدمات التي عجلت باندلاع هذه الثورة بمبادئها الخمسة وتزويد الكتابة بالرسوم والصور التي تجعل طلابنا مبهورين بهذا الحدث الكبير. المزيد من مقالات د. أحمد يوسف القرعى