أكد الدكتور أيمن سلامة, أستاذ القانون بجامعة القاهرة, أن مبارك أصبح مواطنا عاديا لكنه مازال يتمتع بالحصانة القضائية المطلقة بموجب الدستور المعطل, وأنه لا يجوز محاكمته الآن إلا عن جريمة الخيانة العظمي في حال ثبوتها. أما ما يثار من جرائم أخري فمن الصعب تحريكها إلا وفق ضوابط معينة. وكشف أستاذ القانون الدولي عن ضوابط المحاكمات فيما يتعلق بجرائم القتل الجماعي سواء دوليا أو محليا. وإلي التفاصيل. بداية هل يعني تخلي مبارك عن منصبه أنه أصبح مواطنا عاديا؟ بالتأكيد مبارك لم يعد رئيسا لجمهورية مصر العربية, وأصبح مواطنا عاديا لا يحوز أية سلطات أو صلاحيات سواء انتهت مدة ولايته بشكل طبيعي وهذا لم يحدث أو رئيسا مخلوعا فإنه بهذه الصفة كرئيس سابق يحوز حصانة قضائية بموجب الدستور الحالي المعطل في هذه الظروف الاستثنائية الانتقالية فإنه سواء عاد نفس الدستور من جديد دون تعديل أو تغيير لن ينال من حصانة الرئيس القضائية فإن رئيس الجمهورية في الدستور المصري الحالي والمعطل يملك حصانة قضائية مطلقة حال ارتكابه أي جريمة من الجرائم الوطنية أي التي تتم داخليا بموجب التشريعات الجنائية المصرية ومنها جرائم اختلاس المال العام والاستيلاء عليه أو التربح أو السرقة فإنها جرائم عادية لرئيس الدولة السابق والحالي بموجب هذا الدستور المعطل لا يتم تحريك الدعوي الجنائية ضده إلا حال ارتكابه جريمة الخيانة العظمي وهي التخابر أو التآمر مع دولة أجنبية ضد مصر أو تعطيل العمل بالمؤسسات الدستورية بالبلاد. إطلاق النار علي المتظاهرين ووقوع قتلي بينهم كيف يتم توصيفه قانونيا؟ إطلاق النار بواسطة قوات فض الشغب أو قوات الأمن المركزي يكون بقيود ومعايير حددتها الجمعية العامة للأمم المتحدة, وعلي الدولة واجب قانوني هو الالتزام بهذه المعايير, وهي حين تيقن هذه القوات أن المتظاهرين يهمون باستخدام الأسلحة النارية الحية يستلزم الأمر من جانب القوات أن تطلق الرصاص التهديدي في الهواء فإن لم يمتثل المتظاهرون تقوم القوات بإطلاق الرصاص في الأرض أي أسفل أقدام المتظاهرين ويحظر اللجوء إلي استخدام الأسلحة النارية الحية إلا في حالة اطلاق الرصاص الحي علي هذه القوات, أي تكون في حالة الدفاع عن النفس وضرورة التناسب في إلا يتحول الاستخدام المفرط في استخدام السلاح وهو ما حدث خلال مظاهرات25 يناير من استخدام مفرط للسلاح أدي إلي وقوع مأساة انسانية لم يشهدها التاريخ المصري وهي ارتكاب جريمة القتل الجماعي, والتي تعد من ضمن خمس جرائم تصنف ضد الانسانية ومن ثم تخرج من عداء الجرائم الوطنية المحصن أمامها الرئيس المصري. وهنا من الواجب علي الحكومة والسلطات القضائية المصرية ملاحقة الرئيس السابق عن ارتكابه هذه الجريمة بشرط الا تشرع الدولة في الملاحقة القضائية إلا بعد تشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة, ومحايدة تتمتع بالنزاهة وإلا تكون انتقامية أو صورية أي هزلية تعتمد علي أدلة دامغة ومستندات واتصالات هاتفية باعطاء أوامر وشهادة الشهود وهناك تقارير الطب الشرعي فكلها تعد قرائن أو ترقي إلي أدلة دامغة مع الوضع في الاعتبار السياق الأمني والسياسي الحاصل قبل وأثناء الأحداث. علي من تقع المسئولية في هذه الجريمة؟ المسئولية الجنائية تقع علي كل من أسهم في ارتكاب الجريمة وهم الآمر بارتكاب الجريمة والمتآمر علي ارتكابها أي المشارك في الخطة الاجرامية والمحرض علي ارتكابها ويستلزم التحريض أن يكون عاما ومباشرا من خلال مسئولي الدولة وأدواتها, ومنها الإعلام وأيضا المساعد والمسهل لارتكاب الجريمة. وكيف يمكن تحريك الدعوي الجنائية؟ هناك التزام قانوني علي السلطات المحلية سواء شرطية أو قضائية بتشكيل لجنة تحقيق حول جريمة القتل الجماعي وإذا ثبت أنها جريمة قتل جماعي يجب ملاحقة الرئيس المصري السابق. وإذا كان الدستور المصري يستلزم محاكمة الرئيس حال ارتكابه جريمة الخيانة العظمي أمام محكمة خاصة تشكل بقرار يصدر عن مجلس الشعب في هذه الحالة لا تنطبق علي جريمة القتل الجماعي لأنها جريمة دولية وليست وطنية, من هنا يمكن أن يحاكم الرئيس السابق أمام المحكمة الجنائية الدولية. علي افتراض حدوث ذلك كيف تسير الأمور؟ يقوم المدعي العام بقراءة قرار الإحالة وفحصه والتحقق من أن هناك جرائم ارتكبت في أحداث الثورة وتخضع لاختصاص المحكمة وإذا لم يجد ثمة جريمة فيرفض قرار الاحالة من قبل مجلس الأمن وتجدر الإشارة إلي أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية هو الهيئة الوحيدة في العالم بأسره المنوطة برفض ورد قرار مجلس الأمن. وإذا ثبت وقوع الجريمة يقوم باستئذان الغرفة التمهيدية للمحكمة أي غرفة ما قبل المحاكمة للشروع في بدء التحقيقات. وبالرغم من أن مصر دولة ليست طرفا في النظام الأساسي فإنها لا تستطيع إلا أن تستجيب لاستقبال مكتب المدعي العام للمحكمة وكذلك للتحقيقات في الدولة المصرية بل عليها واجب قانوني بتسهيل أعمال التحقيقات بتوفير الأدلة والمستندات والشهود والضحايا والجناة المزعوم ارتكابهم للجرائم. وكيف يمكن ملاحقة ثروة الرئيس السابق؟ كما أشرنا فإن جرائم الاختلاس للمال العام والاستيلاء عليه والتربح من الجرائم الوطنية العادية التي تخص الدولة المصرية وأن الدستور المعطل يمنح حصانة قضائية ضد محاكمة الرئيس إلا في جريمة الخيانة العظمي. لذلك لن تستحيب الدول الخارجية قانونيا بل بصورة ودية.. لذلك تفهم عدم مطالبة الجهات المصرية التحفظ علي أموال محتملة للرئيس السابق في الخارج بالمانع الدستوري الذي يعطي الرئيس سواء كان في الخدمة أو سابقا حصانة قضائية تحتاج إلي نزعها من مجلس الشعب وهو منحل الآن.