مع تصاعد وتيرة الاعتصامات والمظاهرات المطالبة بتثبيت العمالة المؤقتة وتصحيح الأوضاع المعيشية للعاملين في الدولة بتحسين الأجور والمرتبات تثار عدة أسئلة ملحة . علي رأسها ماهي مصادر التمويل التي ستلجأ إليها الحكومة لتمويل هذه الزيادات في المرتبات والمعاشات وتثبيت هذه العمالة في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من ارتفاع العجز في الموازنة العامة وضعف الانتاجية المحلية سواء الصناعية أو الزراعية؟! اقترح مجموعة من الخبراء في مجال الاستثمار والضرائب والاقتصاد مصادر عديدة للتمويل علي رأسها: تنمية الموارد المحلية. يقول الدكتور شريف دلاور أستاذ الاستثمار والخبير الاقتصادي هناك تحديان رئيسيان أمام الحكومة هما: الحفاظ علي العملات الأجنبية وتنميتها خصوصا بعد تدهور النشاط السياحي, وانخفاض حصيلة التحويلات من المصريين العاملين بالخارج بسبب هذه الاضطرابات, يضاف إلي ذلك أن حصيلة الصادرات قد تأثرت أيضا, وفي الوقت ذاته فإنه يتوقع زيادة قيمة فاتورة الواردات بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميا كالقمح والسكر والزيوت واللحوم والألبان, مما يترتب علي ذلك ضغوطا متزايدة علي الدولار فيترتب علي ذلك انخفاض قيمة الجنيه المصري وينتج عن ذلك المزيد من ارتفاع الأسعار والتضخم فيصاحب ذلك أيضا ارتفاع فاتورة الدعم الموجه لغير القادرين وهذا بالطبع يفرض علي الحكومة توفير مصادر بالنقد الأجنبي علي رأسها عودة البعثات الترويجية والتنشيطية عن السياحة المصرية واستمرار دعم الصادرات مع التوسع في القيمة المضافة للسلع المحلية, وايقاف عمليات جلب الشركات الاستثمارية العالمية في مجال بيع وتداول السلع الغذائية في الأسواق لأنها تحقق أرباحا كبيرة تقوم بتحويلها للخارج بالعملة الأجنبية وتنتشر المنافسات الاحتكارية, وزيادة الانتاجية المحلية في السلع الاساسية كالقمح والسكر والأعلاف واللحوم والألبان لتقليل فاتورة الاستيراد. ولزيادة فاتورة النقد المحلي يستلزم إصدار عدة مشروعات من القوانين لتنمية موارد الدولة. وثاني هذه المصادر كما أوردها الدكتور دلاور هي فرض ضرائب علي الأرباح السريعة الناتجة عن المضاربات وبيع الأسهم في البورصة. وثالث هذه المصادر هي الاهتمام بالفاقد الذي يمثل40% من مواردنا القومية في المياه والكهرباء والمحاصيل الزراعية الأساسية وهو مايعني زيادة مواردنا. أما رابع هذه المصادر فهو ترشيد النفقات الحكومية وايقاف تصدير الخامات الاساسية. أما خامس هذه المصادر هي فرض ضرائب تصاعدية علي كل نشاط غير إنتاجي مثل أعمال السمسرة. يختتم دلاور قائلا: ان القيادات في مصر يجب أن يكونوا قدوة للشعب, وان تطبيق الديمقراطية علي أسس سليمة لابد ان يصاحبها نشاط اقتصادي وصناعي قوي ليحمي هذه الديمقراطية. اما الدكتور سعيد عبد المنعم أستاذ الضرائب والمحاسبة ونائب رئيس جامعة عين شمس فيري أن موارد الدولة ضعيفة ولاتلبي هذه المطالب, وان لجوء الحكومة إلي طبع البنكنوت أو الاقتراض من البنوك يترتب علي ذلك ارتفاع معدلات التضخم التي تزيد من المشاكل الاقتصادية, مشيرا إلي أن الحكومة بدأت نشاطها بعملية اقتراض كبيرة وصلت إلي13 مليار جنيه من خلال طرح أذون الخزانة بعائد مرتفع مما يزيد من أعباء الدين الذي يضغط بدوره علي الموازنة العامة, وهذا التصرف لايبشر بالخير لكن الحكومة بدأت بالمسكنات لمواجهة المتطلبات الملحة مثل صندوق التعويضات للمضارين من ثورة الشباب وتمويل العلاوة15% التي ستصرف مع مرتبات شهر أبريل المقبل اقترح عدد من المصادر للتمويل أولها تنمية حصيلة بيع أراضي الدولة سواء للاستصلاح أو البناء عليها وإحكام السيطرة عليها وزيادة الاستكشافات البترولية وحقول الغاز مع التوسع في إستخدام الغاز في الصناعة وكوقود لتخفيف فاتورة الدعم السنوية الموجه للطاقة التي وصلت إلي67 مليار جنيه والاستفادة من المنح والقروض المدعمة وإستغلالها في مشروعات إنتاجية وبحثية لتدر عوائد مالية كبيرة من وراء توظيفها لزيادة الناتج القومي.