تتسارع الخطي في مصر لإعادة بناء الدولة بما يطلق طاقات الشعب المصري ويحقق طموحات تليق به وبقدرات أبنائه, ونحن نريد لثورة25 يناير أن تكون بعثا لطاقات كامنة وخبرات معطلة وسياسات جديدة تضع مصر علي طريق صحيح وآمن يكفل لهذا الوطن الاستقرار اللازم للبناء والتعمير. مثل كثيرين غيري أؤمن بأن طاقات المصريين لو أطلقت فهي كفيلة بأن تضع هذه الأمة في مكان مختلف كثيرا عما نحن فيه, وهي قادرة علي أن نبلغ بها آمالنا..والتحدي الذي يواجهنا اليوم هو البحث عن آليات عمل تستطيع تفجير طاقات المصريين وهم بناءون بطبيعتهم. تلك هي مقدمة أولوياتنا وتتزامن مع ضرورات المرحلة الانتقالية التي نسير فيها عبر التعديلات الدستورية المرتقبة التي تهيئ البلاد لعودة مؤسسات الدولة السياسية, والانتقال إلي سلطة مدنية ديمقراطية مستقرة ينتخبها الشعب بحرية كاملة. جاءت ثورة تغيير النظام والأوضاع لتكشف عن مظالم كثيرة لم تكن قد وجدت من قبل وسيلة للتعبير عنها وتصحيحها, غير أن الواقع الراهن يفرض شيئا من التروي حتي ينصرف الجهد العام لإعادة بناء هياكل النظام الجديد وتسيير عجلة الاقتصاد.لا أحد يجادل في مشروعية المطالب الفئوية لمن نزل بهم الظلم هنا أو هناك.. ولكن إنصاف أصحاب المظالم في الظروف الراهنة يمكن أن يحمل الاقتصاد المصري الكثير من الأعباء التي تعوق تعافيه السريع من أزمته الراهنة ومن أخطاء الماضي أيضا, فالمطالب الفئوية أعاقت حتي الآن إعادة تشغيل المدارس والمصانع والكثير من مؤسسات الدولة, ومنها البنوك والمؤسسات الاقتصادية العامة بل والخاصة.. وهي المهمة الأولي التي تنتظرنا. ربما يتشكك أصحاب هذه المظالم في أي ضمانات مستقبلية لإنصافهم, ولذلك يمارسون أكبر قدر من الضغوط الآن.. وفي هذا لهم الحق استنادا إلي الخبرة السابقة ولكن العودة لما قبل25 يناير لم يعد ممكنا ولم يعد مقبولا. ومهما تكن الوعود والتعهدات برفع المظالم, فإن روح ثورة الشباب والمصريين تظل وحدها الضامن الأكبر لعدم وقوع المزيد من المظالم وتصحيح ما كان منها, فقد أسقطت حواجز الإهمال وعدم الاكتراث والتستر وراء قوانين كان تطبيقها ظالما. وكذلك فإن صوت المطالبين بالحقوق لم يعد خائفا يستجديها من هنا أو هناك. ليس أمامنا من خيار إلا أن نستعيد عجلة الإنتاج لكي نعوض بها خسائرنا وندفع بها قدراتنا خطوات إلي الأمام, ونحقق بها المطالب الفئوية وغيرها من الاحتياجات اللازمة لتحسين ظروف حياة المصريين. ----------- ----------- وما ينتظرنا في قادم الأيام أهم كثيرا مما كان من أخطاء.. ولايعني ذلك التسامح فيما مضي. فبدون ذلك الحساب ليس هناك ضمان ألا تتكرر الأخطاء, غير أن مراجعة ما كان من أخطاء ينبغي ألا يشغلنا عما هو قادم وينبغي ألا يتم بروح الانتقام, فتلك الروح كفيلة بإشاعة الكراهية في مجتمع صنع واحدة من أنقي الثورات في العالم. روح الانتقام سوف تدفعنا إلي المبالغة في تقييم كل شيء.. هناك الكثير من الأصوات التي تحض علي الكراهية وفي سبيل ذلك تبالغ في كل شيء. فالأرقام الخاصة بالفساد يتم تداولها علي أنها حقائق دامغة وثابتة, برغم أن التحقيقات لاتزال جارية ولم يقل القضاء فيها كلمته بعد. وأخشي حين يظهر القول الفصل أن يفقد الناس وقتها الثقة حيث تكون المقارنة بين الأرقام الحقيقية والأرقام التي تنتشر الآن. ففي كثير من وسائل الإعلام أكاذيب مرسلة عن رواتب كبار العاملين في العديد من مؤسسات الدولة بغير سند وبغير دليل. فهي في النهاية رواتب مثبتة ومعروفة ويمكن التحقق منها, ولكن الراغبين في الانتقام هم من يقفون وراء تلك المبالغات الغريبة, استغلالا لمناخ يسوده الكثير من الغموض والغضب والشك, مناخ ملائم تماما لتصديق أي شيء حتي وإن لم يكن منطقيا ومقبولا. وقبل أن تتضح الحقيقة لابد من التريث في توزيع الاتهامات حتي لاينتهي الأمر بنا إلي فقدان الثقة في كل شيء حين نكتشف أننا كنا نتحدث عن مئات المليارات التي لم يكن لها وجود إلا في مخيلة الراغبين في نشر الفوضي واعتلاء أكتاف الغاضبين. ----------- ----------- النضج المصري الراهن يجب أن يمتد إلي كل المجالات في مختلف نواحي حياتنا, فالعالم يتحدث عن أول ثورة شعبية ملهمة في العالم تنظف الميدان الذي انطلقت منه.. والشباب من كل المدارس والجامعات بل والمؤسسات والحقول انطلقوا لتصحيح معادلة المشاركة بين الدولة والناس في إدارة شوارعهم وحفظ الأمن فيها واحترام القانون مع غياب الأمن الرسمي وسيادة الخوف والغضب.. وكلها علامات علي صحة المجتمع وقوة مصر الداخلية ويجب أن تنتقل إلي كل الأجيال في كل الأماكن.. في القري والمدن ومؤسسات الانتاج الصناعي والزراعي والخدمي.. فالوطن يحتاج إلي الجميع ولندرك عن قناعة لا زيف فيها أن كل شئ تغير وأن مصر ستعيش أوضاعا جديدة ومختلفة.. وأننا جميعا يجب أن نضعها في المكانة التي تستحقها وحلمنا بها. [email protected]