من المؤكد أننا جميعا قد عبرنا ميدان التحرير من مختلف مداخله آلاف المرات من قبل في حياتنا اليومية, و لكن أحدا منا لم يتوقف قليلا ليتأمل في معني إسم هذا الميدان. فقد لاحظت أنني لم أشعر بمعني الميدان اسما علي مسمي إلا بعد ثورة الشباب, ولهذا فإن عبورنا للميدان الآن لابد أن يكون مختلفا عن ذي قبل, ولذلك فأنا لست مع من يريدون تغيير اسم الميدان وأري من الأفضل أن يظل دوما وعبر الزمن محتفظا باسمه رمزا ومكانا للحرية, أما عن الثورة البيضاء العظيمة, ومن قاموا بها, فلا يمكن أن تتسع هذه السطور للتعبير عما يجيش في قلوبنا تجاههم, فمما لا شك فيه أنها كانت ثورة مختلفة عن كل الثورات التي عرفها العالم في كل شيء. فبجانب كونها ثورة سلمية بيضاء قام بها الشباب والتف حولها الجيش والشعب لتأييدها وحمايتها, فهي أول ثورة في العالم تعتمد علي تكنولوجيا المعلومات. وجدت ثورة الشباب في52 يناير التأييد من كل أفراد الشعب والأحزاب ومختلف طبقات المجتمع, أغنياءه وفقراءه, مسلماه ومسيحييه, أو يخترقوه, وهنا لابد أن نشيد بدور القوات المسلحة المصرية الشامخة, فبرغم ما شهدته الأيام الخمسة الأولي للثورة من عنف مفرط من جانب قوات الأمن, ونزيف دم أفضي إلي استشهاد نخبة غالية من شباب مصر الواعي المخلص المدرك لأهدافه, فقذ نجحت في الأحاطة بجموع الثوار وحمايتهم من البلطجية والمندسين, دون قطرة دماء واحدة حتي اكتمل الانجاز وتحققت جميع أهداف الثورة بإسقاط النظام والغاء مجلسي الشعب والشوري وتعطيل العمل بالدستور المحتوي علي المواد الفاسدة, تمهيدا لتعديله وفتح باب الانتخابات الحرة النزيهة لتنعم مصر بديمقراطية حقيقية, وتختار بحرية كاملة من يحكمها في السنوات القادمة أخيرا أدعو لإقامة نصب تذكاري لشهداء الثورة الأبرار في قلب ميدان التحرير تكتب عليه أسماؤهم ليكونوا رموزا للنضال الثوري أمام الأجيال القادمة عبر الزمن.