قرأت رسالتي ثمن البشر وملائكة الطلاق في آن واحد, وربما تعجب سيدي أن ثمة ارتباطا وثيقا بين هاتين الرسالتين المؤثرتين وجدته قابعا في كوامنهما, إذ حضرت ذهني ساعتها الآية الكريمة قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. ها هو سيدي الفاضل كاتب رسالة ثمن البشر شفاه الله وعافاه وألبسه ثياب العافية الكاملة عن قريب إن شاء الله قد استشعرت بين سطوره المفعمة بأنين جرحه حسرته علي المعروف الذي قدمه لاخوته الذين عكف علي تربيتهم وحرم نفسه من أجلهم وفضلهم علي نفسه, ليفاجأ في حوالك محنته بالصدود والجفاء والهجران. وتفاني في عمله لدي من أظهروا له مخالبهم الوحشية وقت شدته, ولم يرحموا مرضه وفصلوه تعسفيا, وقد كشروا له عن أنيابهم الحقيقية علي غرار الكثير من رفقائهم علي الدرب من أصحاب المال الذين يحسبون حساب القروش قبل الجنيهات, وأسدل ضباب المادية ستائره الحديدية علي ما تبقي من ضمائرهم إن كانت هناك ثمة بقية. وها هم أبطال قصة ملائكة الطلاق من أب يوغر صدر أولاده علي والدتهم ويصورها في أبشع الصور وأدناها, ويبذر بذور الكراهية والانشقاق لتصير هي الأسطر الأولي في صفحات مازالت في طور البراءة والنقاء, لكنها تلطخت سريعا بأحبار العداوة والبغضاء, وأن لونها لشديد القتامة, ورهيب السواد. ويبقي السؤال: ماذا بعد؟! ماذا بعد أن يقابل المعروف بنقيض المعروف؟!! وماذا بعد أن تضخ الكراهية.. أو حتي تقطر في القلوب؟!! أبدا!!!! فقط تأتي النهاية المحتومة ربما والنفوس في أوج عنفوانها.. والبطش والجبروت والطغيان هو سيد قرارها!!!! من يدري؟! هل هو سر غامض أن ما لا يحسبون حسابه ربما يأتيهم بدون أي عارض؟! ينتهي كل شيء.. وهو في غفلتهم وغفوتهم.. في غمار ظلمهم.. طمعهم.. جشعهم.. فتكهم.. بطشهم.. ليصدق عليهم قوله جل وعلا: إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا. ومن هنا صار الارتباط, وأضحي التساؤل. ألم يأن الوقت بعد لإخلاص النية كلها لله؟ وقتها لن تصير ذرة كراهية أو أقل كامنة في القلوب. وقتها ستشفي النفوس من ازدواجية المعايير وكيل الأمور بمكيالين التشدق بالآيات القرآنية تارة, وتارة أخري السب واللعن والتكبر والتجبر والمعايرة بالأصل والفصل. وقتها لن نتحسر في فعل طيب أو حتي مجرد كلمة طيبة خالصة لوجهه تعالي كان ردتها هي الأذي والسوء والنكران, وقد قلنا ما قلناه, وفعلنا ما فعلناه ونحن لا ننتظر المقابل من الآخرين, لن نطغي عليهم بطغواهم, خاصة إن كانت هناك ثمة رحم بيننا وبينهم, لن ننتظر أن نسمع هتافات المديح أو أن نراه في العيون حتي من بال التلميح. ومن هنا كانت بعض تجليات النية الخالصة لله.. إنها هي المنجي لنا من تقلبات وجوه البشر.. والحافظ لنا من القلوب إن أصابها الشرر. علياء ناصف [email protected]