كتب: سامي فريد بهذه الرواية أرضنا وأرض صالحيكون الروائي الكبير أحمد الشيخ قد أتم خماسيته كفر عسكر وحكاية شوق وحكايات المدندش وسيرة العمدة الشلبي والتي تأتي ضمن مشروعه الذي يرصد فيه حركة الريف المصري بل ومصر كلها اجتماعيا وسياسيا في فترة ساخنة من تاريخ هذا البلد. تقوم الرواية علي فكرة الكولاج الذي وضع فيه المؤلف كل مشاهد الرواية علي اختلافها زمانيا ومكانيا في عقد واحد بمهارة شديدة واقتدار متمكن نقل خبرة فيه عهود صارت الآن بعيدة حكي من خلالها أحمد الشيخ قصة الصراع الرمزي بين أسرتي عوف والشلبي أو الصراع بين أصحاب الحق ومغتصبي هذا الحق وإن بدت في الرواية بعض ملامح من السيرة الذاتية للمؤلف الذي أضاء من خلال سيطرته الواضحة علي السرد مساحات من تاريخنا الحديث ذكرتنا بيوم قتل الزعيم لعميد الرواية العربية نجيب محفوظ والتي كانت شهادة علي حقبة الانفتاح بكل ما فيها من سلبيات أو إيجابيات. إن مهمة الأديب كما يقول إدوار سعيد هي تعرية الخطابات التاريخية الزائفة وهو نفس ما فعله أحمد الشيخ في أرضنا وأرض صالح عندما حاول تعرية هذه الخطابات في خماسيته كفر عسكر مستخدما ضمير المتكلم وشيئا من الفانتازيا في خلفية العمل أضافت إلي القضايا الساخنة التي يتعرض لها أحمد الشيخ رغم احتفائها بخفة ظل مصرية لا تخطئها العين. وفي العمل يطرح أحمد الشيخ من خلال الأحداث ومواقف شخوص روايته جملة من الأسئلة تحتاج إلي اجوبة منها سؤال ماذا يريد المصريون؟ هل يريدون الليبرالية أم الاشتراكية, كما فيها كثير من الاسترجاع من الماضي واستدعاء الذاكرة وبعث للمثيولوجيا والفولكلور من خلال الضرب علي فكرة البعد الاجتماعي والصراع الطبقي. وقد يري البعض في لعبة الصراع بين أسرتي عوف والشلبي شيئا من الصراع العربي- الإسرائيلي كما يري فيها آخرون قدرة المؤلف الواضحة علي نحت الشخصيات الرئيسية والثانوية وبراعته في رسم صور العمل اليدوي في الريف بمثل براعته في رسم صور مظاهرات الشوارع عام68 احتجاجا علي الأحكام الصادرة ضد قادة الطيران في ذلك الوقت. في تلك المشاهد تحديدا تتجلي براعة أحمد الشيخ في كتابته الوطنية التي لم ينزلق بها إلي اللهجة الخطابية عند تعليقه علي حدث في ضخامة هزيمة67 وهو حدث لا يحتمل إمساك العصي من المنتصف وجاءت معالجته له باستدعاءات مشعة من الفولكلور مثل استدعائه لأغاني الشيخ امام أو ملاحقة الأمن للبطل في واحدة من قضايا علاقاته النسائية في العاصمة أما عودة البطل سيد عوف إلي كفر عسكر في النهاية فإن ذلك لم يكن راجعا إلي بحثه عن أرضه وإنما كان بحثا عن مشروع حضاري الذي هو في الحقيقة بؤرة السؤال الذي يلخص فكرة الرواية والتي هي بحق شهادة المؤلف التي أطلقها علي حقبة مهمة من تاريخ مصر.