تخرجت في الجامعة وبتقدير جيد وحلمت بأن أبواب العمل ستفتح ذراعيها لي, وقد كنت من المتفوقين طوال دراستي المدرسية وبالجامعة أيضا. ومضي عام وراء عام وأمي وأبي ينظران الي بأسي خاصة أننا من أسرة متواضعة وكانا ينتظران تخرجي حتي أساعدهما في المصروفات حتي أرشدني زملاء لي بالجامعة الي وظيفة جرسون بناد رياضي شهير. وقد رحبت بقبول هذا العمل الشريف خاصة أننا نعمل في مكان يضم صفوة المجتمع وحينما يعلم أي عضو أنني من خريجي الجامعة فإنه يعاملني بمزيد من التقدير والاحترام ولا نتضرر اطلاقا من خدمة الأعضاء حتي لو كان بعضهم من زملائنا السابقين في الجامعة, لأننا نلقي منهم أحسن معاملة حتي أن بعضهم يخجل من أن يناديني ليطلب أي مشاريب أو مأكولات, واذا تصادف أن طلب أحد منهم أي طلب فإنه يقف احتراما لي في أثناء تقديم الطلبات مراعاة لزمالة الجامعة, ولما سألته في أي كلية تخرجت ومتي؟ أجابني بقوله تخرجت منذ3 سنوات في كلية التجارة وطلب مني عدم ذكر اسمه وأضاف: والدي يعتقد أنني أعمل بالحسابات في النادي ولكن أمي تعرف طبيعة عملي وبعد عودتي للمنزل ترفض أن أقوم بأي عمل بالبيت وتقول لي: كفاية عليك مشقة العمل, فأقبل يدها داعيا لها. وأضاف: إنني سعيد بالعمل الشريف وخاصة انني أري بعض زملائي بالجامعة وجيران ومازالوا ينتظرون وظيفة علي مكتب وربما تكون ظروفهم الأسرية تسمح لهم بانتظار قد يطول, ولما سألته عن الرياضة وممارستها أجابني أن الرياضة رفاهية بالرغم من أنه كان لاعب كرة سلة في فريق الكلية وكان يأمل في الالتحاق بفريق كرة السلة بالنادي ولكن لم يوفق لأن الفريق كان يضم صفوة المنتخب وبالتالي لم أوفق, خاصة أن طبيب النادي كان قد اكتشف اصابتي بأنيميا حادة مما يتطلب راحة قد تطول ولكنني لم أندم وأتابع الفريق كلما كانت ظروفي تسمح بذلك, أما عن زملائي في العمل فلا أخبر أحدا بأنني من خريجي الجامعة لا أنا ولا زملائي سواء دفعتي أم لا حتي لا أجرح أحدا أو حتي نفسي. وأضاف أن سعادتي لا توصف بالجنيهات التي أعود بها الي البيت وأقدمها لأمي التي تشعر بأنني أقدم إليها الكثير بالرغم من قلتها, إلا أنها تشعر بالفخر لأنني أساعد في مصروف البيت ولا تخبر أبي بأنني أساهم في مصروف البيت حتي لا تسبب له أي حرج. شعرت بالفخر وأنا أحدث هذا الشاب الذي أشعرني بأن مصر بخير مادام فيها أمثال هذا الشاب الذي رفض المكتب أو انتظار الوظيفة.