اتهمت المعارضة مجلس الشعب أمس بمحاولة تقييد دورها وتهميش نشاطها داخل القاعة برغم محدودية عددها, بعد أن تقلص عددها بشكل كبير قياسا بما كان عليه الأمر في المجلس السابق. وأكد نواب المعارضة أن القواعد التي أدخلتها اللجنة الخاصة بقبول الاستجوابات المقدمة منهم, استهدفت رفض هذه الاستجوابات, بحجة عدم تضمنها المستندات التي تؤكد الاتهامات التي يوجهونها للحكومة, وكذلك اعتراضهم علي الوقت المحدد الذي حدده المجلس لنظر الاستجوابات التي تتم إجازتها للمناقشة. وكان مجلس الشعب برئاسة الدكتور أحمد فتحي سرور قد ناقش في جلسته أمس تحديد موعد مناقشة عدد من الاستجوابات التي تقدم بها الأعضاء من المعارضة, وقرر المجلس بعد الموافقة علي قواعد مناقشة الاستجوابات تفويض اللجنة العامة بالمجلس في تحديد وقت عرض الاستجوابات وبحث طلب المعارضة بزيادتها علي30 دقيقة, وهو الوقت الذي كان محددا سلفا في البرلمان الماضي. وقد أعلن الدكتور فتحي سرور رفضه لهذه الاتهامات, مؤكدا أن القواعد التي وضعت لإدراج الاستجوابات ليست جديدة, لكنها مطبقة منذ المجلس السابق. وقال: إن توافر المستندات أمر حتمي لتأكيد جدية الاستجواب, فإذا لم تتوافر هذه المستندات فمن الممكن أن يتقدم به النائب علي شكل طلب إحاطة أو سؤال, ومن الممكن أن يحول فيما بعد إلي استجواب باعتبار رد الحكومة علي الطلب المقدم مستندا لذلك. وقال سرور: إنه لا يمكن اعتبار ما ينشر في الصحف مستندات للاستجواب حول القضايا المطروحة, لكنها تكون ضمن المستندات المقدمة. أما من حيث وقت عرض الاستجوابات فقد أكد سرور أن صدره يتسع للمعارضة ككل, وأنه علي استعداد لمناقشة الاستجواب في10 ساعات وليس نصف ساعة علي الأقل إذا ما وافق المجلس علي ذلك. وقد استطاع الدكتور فتحي سرور نزع فتيل الأزمة التي كانت ستنشب بين المعارضة واللجنة الفرعية المنبثقة من اللجنة العامة برئاسة زينب رضوان لوضع قواعد الاستجوابات, حيث وافق المجلس علي طلبه بإعادة القواعد السابقة التي طالبت المعارضة بعدم تغييرها, والمتعلقة بقبول أي استجواب جديد مرتبط بالاستجواب المعروض حتي إذا لم يكن قد أدرج في جدول أعمال تحديد مناقشة الاستجواب, علي أن تكون مدة عرض الاستجواب الجديد10 دقائق, ورفض المجلس بذلك اقتراح اللجنة بعدم قبول أي استجواب جديد واعتباره بمثابة طلب للكلمة في حدود3 دقائق فقط. وقد استعرض الدكتور سرور القواعد الخاصة بمناقشة الاستجوابات التي وافق عليها المجلس والتي تتضمن أن تكون الأولوية في المناقشة للاستجوابات التي تثبت فيها معيار المصلحة العامة والعجلة والأهمية التي يحددها مكتب المجلس. كما تتضمن القواعد ضم الاستجوابات المرتبطة للمناقشة في يوم واحد, وعدم إدراج استجوابين متتاليين لنائب واحد, وعدم الاعتداد بقصاصات الصحف كمستندات إذا قدمت بمفردها ما لم تكن متضمنة تصريحا لأحد المسئولين لم ينفه, أو أوردها نقلا عن وثائق رسمية. وقد أوضح الدكتور سرور أن المستجوب يمكنه الاستعانة بقصاصات الصحف كأحد المستندات, لكن ألا تكون هي الأدلة الوحيدة, معلنا تقديره لما ينشر في الصحف. وكان نواب المعارضة قد شنوا هجوما علي المجلس لرفضه إدراج عدد من الاستجوابات بحجة عدم استيفائها للشروط الموضوعة, حيث تساءل النائب المستقل مجدي عاشور عن رفض اللجنة الاستجوابات حول انتشار الأمراض خاصة الخطيرة منها في مصر, واستجواب آخر حول انتشار القمامة في مدن الجمهورية, بحجة عدم وجود مستندات تؤكد صدق هذه الاتهامات الموجهة للحكومة, علي الرغم من أن المستشفيات مليئة بالمرضي, والشوارع تكتظ بأكوام القمامة أمام الجميع, وكلها أمور ليست في حاجة إلي أي مستندات, اللهم إذا كان الأمر هو التعنت مع المعارضة وإجهاض استخدامهم للأدوات الرقابية, خاصة الاستجوابات. ومن جانبه قال النائب محمد عبدالعليم داود: إن ما يحدث في مجلس الشعب أمر غريب وغير مبرر ضد المعارضة, خاصة أن أعدادها أصبحت محدودة للغاية, بعد أن تم إسقاط نوابها ورموزها خلال الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب. وقال النائب: إن ما يحدث هو تحجيم للمعارضة داخل المجلس, وكأن هناك من يرفض أن يكون هناك صوت واحد للمعارضة في البرلمان, وأشار إلي تقديمه10 استجوابات حتي الآن ولم يدرج أي منها علي جدول البرلمان, وتساءل: هل هناك يد خفية من الحكومة سرقت المستندات التي تتضمنها الاستجوابات, وقد وجه اتهاما إلي أحد الوزراء بالاستيلاء علي المال العام. وكذلك قال النائب عاطف الأشموني: إن الحكومة ترفض مناقشة استجواب متعلق بموضوع سوف يناقشه المجلس في هذه الجلسة والخاص بنقص إنتاج القمح, نظرا لفشل سياساتها الزراعية, وقال النائب: إن الاتهامات عديدة للحكومة, وإن التقصير واضح, وإذا كانت الحكومة تريد أن تطلع علي سجل الاتهامات وعلي المستندات لكي ترد علي مثل هذا الاستجواب, فلماذا لم تقم بهذا الأمر برغم أن الاستجواب قد تم تقديمه منذ أكثر من10 أيام, وعاد النائب ليقول: إذا كانت الحكومة تدعي أنها لم تتطلع علي هذه المستندات نظرا لعدم وصولها إليها, فإن الخطأ يجب تحميله لأمانة مجلس الشعب لتقاعسها عن إرسال الاستجواب للحكومة. كما أكد النائب أن الاستجواب الذي تتم إجازته يجب عدم تحديد مدة عرضه بنصف ساعة فقط, خاصة أن هناك العديد من المستندات التي يستلزم عرضها علي المجلس أكثر من هذه المدة, مؤكدا أن المجلس أغلبية ومعارضة في قالب واحد من أجل كشف الفساد, وعدم التستر علي المنحرفين أيا كانت مواقعهم. وقد أيده في ذلك نواب من التجمع والغد, حيث أكد النائب رجب هلال حميدة ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الوفد أنه إذا كانت القواعد المانعة قد وضعت في عهد المجلس السابق نظرا لوجود أعداد كبيرة من نواب المعارضة والمستقلين, فإن هذه القواعد لا تصلح الآن, خاصة أن أعداد نواب المعارضة تعد علي أصابع اليدين, ومن اليسير أن يتفرق دمهم بين القبائل مثلما يقال داخل مجلس تسيطر عليه الأغلبية بشكل غير مسبوق, وطالب حميدة بزيادة مدة عرض الاستجواب إلي ما لا يقل عن45 دقيقة, ومدة عرض تعقيب المستجوب عن15 دقيقة. وكان النائب عبدالحميد كمال( تجمع) قد طالب بوضع ضوابط جديدة لمناقشة الاستجوابات بالنسبة للمجلس الجديد, دون أن تسري الضوابط السابقة علي هذه الاستجوابات لاختلاف المجلسين كل عن الآخر, وقال: إن رئيس المجلس سوف يكون سعيدا إذا ما ناقش المجلس استجوابا قويا يؤكد حرصه علي المصلحة العامة. وقد رد الدكتور فتحي سرور علي مقولة النائب مؤكدا أنه علي استعداد للسماح بعرض استجواب في عشر ساعات إذا ما وافق مجلس الشعب علي هذا الأمر, مشيرا إلي سعة صدره مع المعارضة. ومن جانبه قال النائب فاروق المقرحي( وطني): إنه يجب علي المجلس أن يتسع صدره للاستجوابات إذا ما كانت تستهدف المصلحة العامة, وقال: وما المانع أن يناقش المجلس استجوابا في6 ساعات مثلما كان يحدث مع النائب علوي حافظ في برلمانات سابقة. وعاد النائب رجب هلال حميدة ليذكر المجلس باستجواب استعرضه من قبل في إحدي الجلسات في المجلس قبل السابق ضد الدكتور عاطف عبيد, وقد استغرق أكثر من ساعتين وثلث الساعة, وهو ما أدي علي حسب قوله إلي إبعاده خارج البرلمان لمدة سنتين. أما زعيم الأغلبية د. عبدالأحد جمال الدين فقد أكد أن الأغلبية وحكومتها لا تخشي من الاستجوابات, وهي علي استعداد لمناقشتها فورا لعرض الحقائق علي الشعب الذي يتابع نشاط البرلمان. ومن جانبه قال الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية: إن الحكومة ترحب بمناقشة الاستجوابات في المواعيد التي يحددها المجلس, مؤكدا أن الحكومة علي أتم استعداد لمناقشة أي استجواب. ورفض شهاب المناقشة الفورية أمس لاستجواب النائب عاطف الأشموني حول السياسة الزراعية للحكومة, معللا ذلك بعدم وصول مستندات الاتهام الخاصة بالاستجواب إلي الحكومة, وطالب بأن تصل هذه المستندات قبل الرد, وأشار إلي أن الحكومة مستعدة علي الفور للرد علي أي طلب مناقشة, أو بيان عاجل, أو طلب إحاطة يتعلق بالسياسة الزراعية, وقد أيده في ذلك الدكتور فتحي سرور وقال له: معك حق في عدم مناقشة الاستجواب دون مستندات. ويواصل المجلس جلساته صباح اليوم