يبدو أن مدينة لندن ستظل هدفا للإرهاب, والدليل علي ذلك المؤامرة الارهابية الأخيرة التي تكشفت ملامحها . واستهدفت عددا من أهم المنشآت البريطانية الحساسة إلي الحد الذي دفع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للإعلان أن بريطانيا تواجه خطرا لم يسبق لها أن واجهته من قبل, وكان يعلق علي بدء محاكمة تسعة إرهابيين جميعهم من أصول بنجلاديشية بتهمة التخطيط لتفجير عدد من المنشأت منها ساعة' بيج بن' الشهيرة وإحدي الكنائس في لندن, وهي المحاكمة التي كانت قد بدأت في منطقة وست منيستر وأستؤنفت يوم14 يناير الحالي في محكمة أولد بيلي. تعود أحداث هذه القضية إلي شهر أكتوبر الماضي عندما إشتبهت الشرطة في بعض الأشخاص الذين شوهدوا يترددون علي بعض الأماكن الحساسة, وهي الأماكن التي تبين فيما بعد أنهم يخططون لتفجيرها ويقفون أمامها بطريقة من يعاين المكان ثم يلتقون بعد ذلك في إحدي الشقق, فبدأت في مراقبتهم حتي تأكدت أن تصرفاتهم مريبة وأن هناك نية لديهم لشيء خطير. وفي صباح يوم20 ديسمبر قامت وحدة مكافحة الإرهاب بإقتحام الشقة التي يلتقون فيها وعثروا علي كتب ومنشورات عن تنظيم القاعدة تتضمن كيفية صناعة القنابل وكيفية الهروب والتخفي, كما تم العثور أيضا علي قائمة لستة مواقع مستهدفة للتفجير وتشمل بالإضافة إلي ساعة بيج بن والكنيسة البورصة والسفارة الأمريكية وعددا من المنشآت الأخري. وكانت النية مبيته لديهم للقيام بتلك المؤامرة الإرهابية ليلة رأس السنة. وكان هذا التصعيد في النشاط الإرهابي في بريطانيا قد دفع الكثيرين للتساؤل عن أسباب هذا التطرف والذي يظهر بين شباب مسلمين ويدفعهم إلي هذا السلوك الإرهابي والإجرامي في مجتمعات تحتضنهم وتوفر لهم كل سبل المعيشة. وهو أيضا ما دفع ديفيد كاميرون لأن يقول إن المجتمع الإسلامي في بريطانيا عليه أن يبحث عن إجابة عن هذه التساؤلات لأن عليه مسئولية مكافحة الإرهاب الذي يهدد الجميع. وقد نقلت صحيفة الديلي تليجراف البريطانية عن ممثل الإدعاء في هذه المحاكمة بييرز أرنولد أن الشرطة قد عثرت علي مفكرة موجودة بجوار جهاز كمبيوتر في شقة أحد المتهمين ومكتوب فيها بخط اليد تفاصيل المواقع الستة المستهدفة بالتفجير. كما عثر البوليس اثناء التفتيش علي عددين من المجلة التي تحمل إسم تنظيم القاعدة وتنشر بالإنجليزية في اليمن واسمها'INSPIRE' يعني إلهام وأحد المقالات في هذه المجلة تشرح كيفية صناعة قنبلة داخل البيت. وتشير أصابع الإتهام إلي أنور العولقي الارهابي اليمني الذي يقوم بتعليم من لديه إستعداد للتطرف بكيفية القيام بالأعمال الإرهابية وذلك عن طريق الإنترنت. وقد أبدي مسئولو المخابرات البريطانية قلقهم المتزايد من نفوذ قادة تنظيم القاعدة داخل اليمن وفي بعض أنحاء الجزيرة العربية وإتجاه هذا التنظيم إلي جعل بريطانيا هدفا رئيسيا للإرهاب. واذا كانت المؤامرة الإرهابية ضد بريطانيا قد تم الكشف عنها قبل وقوعها, فإن تنظيم القاعدة من الممكن أن يكون قد أرسل عملاءه ممن لا يثيرون الشك خاصة الآسيويين القادمين من الشرق الأقصي للقيام بأعمال إرهابية في دول أخري لنشر الفوضي أو لإثارة الفتن, وهو أحد الاحتمالات التي من الممكن أن تكون وراء حادث الأسكندرية الإرهابي. ومن ناحية أخري ذكرت الديلي تليجراف أن السلطات البريطانية قدمت إلي مسئولين أمريكيين كبار معلومات عن مشروع تتبناه بريطانيا لمكافحة التطرف الإرهابي ومنعه, وهو مشروع جري دراسته من جانب الحكومة الإئتلافية في لندن. وجاء ذلك بعد أن دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي الإستفادة من تجربة أوروبا في مقاومة الإرهاب خاصة بعد أن بدأ يظهر إرهابيون ينشأون في الولاياتالمتحدة نفسها. وكان أوباما يرد علي السيدة سو مايرك عضو لجنة المخابرات بمجلس النواب الأمريكي والتي قالت إن الولاياتالمتحدة متخلفة عن أوروبا في إجراءات التعامل مع التطرف المتزايد من جانب شباب لديهم إستعداد للقيام بأعمال عنف. وقالت جانيت نابوليتانو وزيرة الأمن الداخلي في بريطانيا إنه قد بدأ تصعيد إجراءات مواجهة أي أعمال ارهابية من جانب القاعدة موجهة إلي أهداف مدنية مثل الفنادق والمراكز التجارية وتضيف نابوليتانو أننا قد بدأنا الآن نهتم بهذه الأهداف الناعمة وهي الأهداف غير العسكرية وتم إدخال برنامج تدريب للعاملين في هذه الأماكن لمواجهة أي إحتمالات لأعمال إرهابية. ومن الواضح أن ما كشفت عنه المؤامرة الموجهة إلي أهداف مهمة في بريطانيا أن المشاركين في هذه الأعمال ينتمي الكثير منهم إلي دول آسيوية إما من باكستان أو من بنجلاديش مثل حالة التسعة الذين يحاكمون في بريطانيا الآن. وأن الأعمال الإرهابية المتأثرة بفكر تنظيم القاعدة وهو فكر إجرامي يقتل عشوائيا بشكل يخلو من أي حس إنساني أو حضاري تحاول أن توسع نشاطها بضرب المؤسسات التي ترمز إلي الدولة ومنها الكنائس لزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.