بعد عشر سنوات من إعلان الولاياتالمتحدة الحرب علي الإرهاب في أفغانستان والعراق اكتشفت وزارة الدفاع الأمريكية في عام2010 أن الحرب علي الإرهاب قد أوجدت حالات فساد ورشوة وتزوير واسعة النطاق تورط فيها عسكريون أمريكيون. وبالرغم من أن الحرب علي الإرهاب قد أدت إلي تحسن محدود في البنية التحتية والخدمات لملايين المواطنين في أفغانستان والعراق من خلال عمليات إصلاح المنشآت في الداخل وبناء طرق ومرافق إلا أن الجانب الأكبر من الأموال المخصصة لذلك استولي عليه مسئولون حولوا هذه الحرب لمصلحتهم الشخصية. وعلي سبيل المثال فقد تبين إختفاء أكثر من74 ألف قطعة سلاح العام الماضي كانت الولاياتالمتحدة قد قدمتها للقوات الأفغانية ثم اتضح أنها تباع في السوق السوداء وأحيانا يشتريها أعضاء التنظيمات أو الجماعات التي تقاتل ضد حكومة كابول والقوات الأمريكية. وأخطر ما في هذه القضية والتي كشفت عنها صحيفة التايمز البريطانية أن المستفيدين من هذه الحرب ومن تورطوا في عمليات الفساد يديرون عمليات خفية لإطالة أمد الحرب ونشر الفوضي وعدم الاستقرار في هذين البلدين بسبب كم الأموال التي يحصلون عليها. وقد تبين من خلال التحقيقات التي أجرتها وزارة الدفاع الأمريكية أن مسئولين أمريكيين حصلوا علي ملايين الدولارات كرشاوي من أجل إرساء عقود علي شركات معينة. وجاء مؤخرا في تقرير لمجلس الشيوخ الأمريكي أن بعض المختصين بالإنفاق علي هذه المشروعات قدموا عقودا لشركات لها علاقات بالمخابرات الإيرانية. وكان البنتاجون قد تعاقد مع شركات أمن خاصة في أفغانستان لتنفيذ العمليات المساندة للجانب القتالي الذي تقوم به القوات الأمريكية في أفغانستان ثم ظهرت شبهات تشير الي أن هذه الشركات لها علاقة بحركة طالبان من ناحية وبشبكات للحرب المنظمة من ناحية أخري. وقد بلغ عدد قضايا التزوير والاختلاس التي يفحصها المحققون الأمريكيون بشأن عمليات إعادة إعمار العراق110 حالات من هذه الحالات وفي نفس الوقت صدرت أحكام علي12 من ضباط الجيش الأمريكي كانوا قد أدينوا بتهمة تلقي رشاوي مقابل منح عقود من وزارة الدفاع لمقاولين محليين في المنطقة. وهنا يشير المراقبون إلي أنه يبدو أن الفساد الذي ساد عمليات الحرب علي الإرهاب قد حدث نتيجة للتضارب في سياسة بوش الخارجية المتعلقة بالحرب علي الإرهاب خاصة بعد أن ثبت كذب ادعاءاته وأن الهدف الحقيقي طبقا لما ألمحت اليه بعض المصادرالأمريكية أن هذه الحرب تمت لصالح إسرائيل ولتحقيق أهدافها التي تبدأ بإشاعة الفوضي في العراق ثم تنتشر بعد ذلك إلي الدول المجاورة في العالم العربي ولعل ذلك ما يبرر توجيه القوات الأمريكية لغزو العراق بحجة الحرب علي الإرهاب بينما كانت القواعد الحقيقية للإرهاب موجودة في أفغانستان وهو ما أدي إلي حالة من الشك في النوايا الحقيقية لقيادات وزارة الدفاع الأمريكية وأنه ربما يكون هناك أسباب شخصية وراء هذه الحرب مثل علاقتها بإسرائيل ورغبتهم في إعادة تشكيل العالم العربي وتغييره من الداخل خدمة لأهداف إسرائيل وهو ما شجع مسئولين عسكريين في مناصب أدني لمحاولة إستغلال هذا الوضع لصالحهم خاصة بعد أن توسعت وزارة الدفاع الأمريكية في توقيع عقود مع شركات أمن خاصة وشركات مقاولات للعمل في العراق وهو ما أدي إلي عمليات فساد وإستغلال من جانب هذه الشركات الأجنبية ودفع هؤلاء المسئولين الأمريكيين إلي التربح من هذا الفساد الواسع النطاق. وكان الجنرال ديفيد بترويس قائد القوات الأمريكية في أفغانستان قد اعترف بوجود قضايا فساد وقال إنها مشكلة لم يتم التغلب عليها حتي الأن. وكان أول المذنبين الذين أدينوا وحكم عليهم في هذه القضايا هو السيرجنت راي سكوت تشيز الذي صدر ضده حكم بالسجن سنة بعد أن اعترف بتلقي رشاوي بلغت مليونا و400 ألف دولار من شركات محلية في الخليج لكي يرسي بعض العقود في العراق لصالحها وقد أرغمته المحكمة علي إعادة الأموال التي حصل عليها. كما صدر حكم أشد ضد الميجور جون كوكرهام في ديسمبر الماضي بالسجن17 عاما بعد إدانته بتهمة تلقي رشاوي بقيمة10 ملايين دولار لإرساء عقود من وزارة الدفاع الأمريكية علي مقاولين محليين. ولعل ذلك يبرر حالة السخط التي يشعر بها المواطنون سواء في العراق أو أفغانستان, ذلك أنه رغم انفاق عشرات المليارات حتي الآن بدعوي إصلاح الأوضاع الداخلية وكسب تعاطف الشعب الأفغاني علي سبيل المثال فالأمر الواقع أن النسبة الأكبر مازالت تعيش في أشد ظروف الفقر والفوضي فضلا عن انتشار الفساد وهو ما يعوق أي فرصة لنجاح العمليات العسكرية. [email protected]