اثارت فتوي صدرت مؤخرا لعضو بارز لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تؤكد ان القرآن الكريم لايمنع المرأة من قيادة السيارة وتطالب بافساح المجال لها في العمل جدلا واسعا في الاوساط السعودية.. حركت هذه الفتوي الجريئة موضوع اوضاع المرأة السعودية التي تمثل حوالي1 ر49 في المائة من عدد سكان المملكة البالغ عددهم حوالي18 مليون نسمة والتي تثير بين فترة واخري كثيرا من النقاش بين السعي لنيل المزيد من الحقوق وبين كيفية الاستفادة من الدراسة الجامعية للمشاركة في التنمية بشكل اوسع... ومعروف ان المرأةالسعودية محظور عليها قيادة السيارات او السفر للخارج الا بوجود محرم أي الزوج أو الاب أو الاخ أو العم أو الخال.. الخ.. هذه الاشكالية القت بظلالها علي المجتمع السعودي سواء المطالبة بزيادة بعض الحقوق للمرآة او منع ذلك بواسطة بعض رجال الدين.. يضاف الي ذلك ظاهرة تزايد العنوسة للمرأة السعودية نتيجة للعصبية القبلية والعائلية وغلاء مهور الزواج ومنع البنات من الزواج من غير السعوديين. هذه الامورالمقيدة بدأت تتخفف بالفعل في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يحظي بشعبية وحب كبيرين في قلوب الشعب, حيث اتجه فور تسلمه مقاليد الامور في بلاده عام2005 الي اجراء عدة تغييرات في صالح المرأة السعودية بما في ذلك تعيين اول امرأة سعودية في منصب مساعدة وزير التربية والتعليم نورة الفايز. كما افتتح خادم الحرمين في سبتمبر الماضي اول جامعة سعودية عالمية يسمح فيها باختلاط الجنسين في اطار العمل الاكاديمي وهي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجا( كاوست). ومنح الملك عبدالله بن عبدالعزيز الباحثة السعودية الدكتورة خولة الكريع وساما رفيعا تكريما لعملها في مجال مكافحة مرض السرطان. اذن هناك خطوات اصلاحية كبيرة حدثت في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز وستحدث تباعا ومن بينها مايتعلق بوضع المرأة السعودية علي وجه الخصوص. الا ان هناك ترددا وتضاربا في الآراء والمواقف من قبل البعض في المجتمع السعودي. من حق المرأة كما يقول عدد كبير من ابناء الشعب السعودي المثقفين واهل النخبة الفكرية وشباب الجامعات ان تحصل علي حقوقها الانسانية والوطنية وفقا للتعاليم الاسلامية السمحاء وليس المنع درءا للمفاسد. وكشفت نائب وزير التربية والتعليم نورة الفايز ان الانشطة الرياضية في مدارس البنات ستري النور قريبا. في الوقت الذي صرحت فيه الاميرة بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز بضرورة واهمية ممارسة الرياضة في مدارس البنات لان وضعها بالصورة الحالية يعد مخالفة للسيرة النبوية. ورأت انه يتوجب ان تصبح الرياضة واقعا ضمن المنهج التربوي. كانت الاميرة بسمة ترد علي مااعلنه عضو هيئة كبار العلماء السعوديين الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير الذي افتي بحرمة ممارسة البنات للرياضة معللا ذلك بماتجره من( مفاسد), مؤكدا ان النساء وظيفتهن الجلوس في البيت وتربية الاولاد. ولقيت هذه الفتوي انتقادا مكتوما من بعض الاوساط الشبابية والنسائية السعودية, وتساءل احد الكتاب السعوديين في مقالة نشرت هنا مؤخرا لماذا صار كل شئ جديد يسعي لتمكين المرأة من ان تكون محورا فاعلا في المجتمع مرفوضا ويتم سد كل باب يفتح امامها بدعوي المحافظة عليها وعدم التشبه بالغرب ألا يجب ان ناخذ في الحسبان تغير الظروف في مجتمعنا والعمل علي صياغة رؤي جديدة تتناسب مع تلك الظروف مع الاخذ في الاعتبار القيم الثابتة للمجتمع. ولااستطيع التحدث عن اوضاع المرأة السعودية دون ذكر اسم الاميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز التي تحظي بمكانة رفيعة في قلوب النساء السعوديات لما تحدثه من حراك اجتماعي كبير من خلال آرائها المستنيرة الواعية لتترك بذلك بصمة في ترسيخ قيم المواطنة للمرأة السعودية, وكان آخرها عقد منتدي عن المرأة اقيم في مركز خديجة بنت خويلد بجدة في30 نوفمبر الماضي وشهد هذا المنتدي آراء جريئة من مدير هيئة الامر بالمعروف بمنطقة مكةالمكرمة الشيخ احمد الغامدي اعلن فيها ان القرآن الكريم لايمنع المرأة من قيادة السيارة وطالب بافساح المجال لها للمساهمة في دور اكبر في الحياة العامة بالمملكة, وقوبلت تصريحاته بعاصفة من الانتقادات في شرائح قبلية ودينية من المجتمع السعودي مفادها ان مبدأ المنع يأتي تطبيقا لقول الله تعالي( وقرن في بيوتكن ولاتبرجن تبرج الجاهلية الاولي) وايضا وفقا لمبدأ درء المفاسد. الاميرة عادلة بنت الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي تشارك منذ14 عاما في الحياة الاجتماعية لتحسين اوضاع المرأة في بلادها تقول نحن نسعي لاصلاح الوضع في جميع المجالات وتطالب بانشاء وزارة لشئون المرأة لصياغة استراتيجية لتحقيق تواجد لها بشكل فعال في المجال الاقتصادي وتعيين النساء اعضاء في مجلس الشوري لضمان تمثيل مصالح صاحبات الاعمال السعوديات والنساء بشكل عام والتخفيف من القيود علي تنقل المرأة من حيث وسائل النقل العامة والقيادة والسفر الدولي. وتكشف الاميرة عادلة بنت عبدالله عن مدي استجابة المجتمع السعودي للقرارات التي تأتي من السلطة وقالت علينا التفرقة بين هذه القرارات ومايريد بعض فئات المجتمع السعودي, فمن الصعب ان يتم التغيير للعادات والتقاليد بين عشية وضحايا الا اننا لايمكن ان نقبل للعادات والتقاليد ان تترسخ لتتحول الي اوامر دينية واشارت الي ان النقاب للنساء من التقاليد وليس من الدين. ومن خلال لقاء كاتب هذه السطور مع عدد من المواطنين السعوديين باختلاف اعمارهم ومستواهم العلمي والثقافي تبين ان الصورة ليست قاتمة, فالمرأة تعمل حاليا في مجال التعليم المخصص للبنات وفي الطب والمستشفيات والمراكز الصحية وفي مجال الاعلام( صحافة وتليفزيون) وايضا تمارس اعمالا حسابية في البنوك النسائية السعودية, وتم اخيرا تخصيص اماكن واوقات مسائية في مباني امانات محافظات جدةومكةالمكرمة والرياض بعد الثالثة ظهرا لاستقبال النساء من موظفات نساء لتسهيل امورهن واعمالهن في ممارسة التجارة من خلال منازلهن ويسوقون مايشتغلن به او يصنعونه علي المحال والمراكز التجارية الا ان ذلك لايكفي فلايزال النساء يسعين للحصول علي مزيد من الحقوق الاجتماعية.. وخلاصة القول ان الايام والشهور المقبلة ستشهد حل معظم هذه الاشكاليات تباعا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ونائب خادم الحرمين الامير سلطان بن عبدالعزيز والامير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الذين يريدون ان يصنعوا تاريخا جديدا للمرأة السعودية ويسعون ايضا لتحقق مزيد من الحرية المسئولة لها للمشاركة في تنمية مجتمعها وفق ضوابط شرعية ومدنية تسيران بشكل متواز مدروس وواع ودؤوب.. اذن يؤكد ذلك ان قطار التطوير للمرأة السعودية بدأ التحرك بالفعل حتي ولو كان بطيئا في البداية.