شباب مصر بخير.. فهم الذين خرجوا ينددون بالارهاب الأعمي الذي لا يفرق بين عنصري الأمة.. لكن بعض الشباب خرج عن المسار وتحول الي قنبلة موقوتة وتعرض لغسيل مخ, فصور له عقله أن يقتل الآخرين من أبناء وطنه ليحولهم إلي أشلاء! البعض قد يفسر تحول هذه القلة بأنهم وقعوا فريسة لمن استغل مشاكلهم: الفقر والبطالة والغلاء والفراغ.. وغيرها.. لكن هناك حلقة مفقودة يجب أن نعثر عليها.. فلماذا ضعف هؤلاء؟! وكيف نحمي أمثالهم من الوقوع في براثن الارهاب والتطرف والفتنة؟ تقول الدكتورة مني الحديدي( استاذ الاعلام بجامعة القاهرة): أولا يجب الاهتمام بالنشء وهم الشباب في سن المراهقة وتنشئة الأجيال الجديدة علي نبذ العنف بكل أشكاله وأساليبه; فالعنف أو الاعتداء ليس هو الأسلوب الأمثل لمواجهة أي مشكلة من المشاكل, وأن طبيعة الحياة تستلزم القدرة علي التعبير عن مشاعر الغضب والاحتجاج بأساليب مشروعة وليس بما يخالف القيم والأديان والأعراف, وأن الاعتداء علي النفس ليس أسلوبا حضاريا وانسانيا بل إنه يتعارض مع الشرائع السماوية. ويتمثل الاهتمام بالأجيال الجديدة من خلال تدريبهم في الأنشطة المدرسية والجامعية لامتصاص طاقاتهم وتوجيهها وجهة إيجابية وهذا أيضا دور مراكز الشباب والإعلام والمؤسسة الدينية مثل المسجد والكنيسة في أن تجعل مشاعرهم إيجابية نحو أنفسهم أولا ثم نحو الآخرين والمجتمع ككل, فالارهابي مشاعره سيئة تجاه نفسه وليس تجاه المجتمع فقط. لابد من وجود برامج قومية لتوجيه طاقات الشباب تمسهم ويستشعرونها بأنفسهم, برامج يشاركون في وضعها وتعود عليهم بالنفع. للأسف مراكز الشباب التي من المفترض أنها منوطة بهذا الدور لا تقوم به علي الوجه الأكمل وتعتقد أن دورها يقتصر علي الرياضة مثل الأندية, ومن الضروري وجود واستثمار قادة الرأي كقدوة سواء من نجوم المجتمع أو شخصيات دينية أو كاتب محبوب وله شعبية ليقوموا بدورهم في توجيه الشباب ليس بتوعية مباشرة لأن الجيل الحالي يرفض التوعية ولكن بنشر الدعوة لكسب التأييد نحو التعايش مع الآخر واحترامه. في الخارج توجد أنشطة في كل حي عبارة عن جمعيات تساعد الشباب من سن12 عاما ليشارك في مجتمعه المحيط علي نمط جمعية رسالة في مصر, هذه الأنشطة الإيجابية تمتص طاقات الشباب وتشعره بأدواره, أيضا الأحزاب لها دور فلا يمكن القاء العبء كله علي المدرسة والاعلام فلابد من ملء الفراغ الفكري لدي الشباب حتي لا يقع فريسة للانقياد وعمل غسيل مخ له وتصويره كبطل إذا قام بعمل ارهابي. وعن دور الجامعات الاقليمية يقول الأستاذ الدكتور ماهر جابر( رئيس جامعة المنيا): نحاول أن نحمي الطلبة داخل الجامعة من خلال عدة وسائل, منها الموسم الثقافي حيث نقدم ندوات عن التسامح الديني في الاسلام ومن خلال ورش عمل مع الطلبة نستمع لهم ونصحح افكارهم المشوشة والمغلوطة, ومن خلال التعامل معهم دون تفرقة بين مسلم وقبطي من الشمال أو الجنوب فالكل متساوون وهناك عدالة يشعر بها الجميع ولا توجد فئة مميزة وفئة مهضوم حقها, نتعامل داخل الجامعة بهذا الأسلوب كاعضاء تدريس لنكون قدوة لهم بقدر الامكان. وتوعية الطلبة بأن أي اخطار سوف تواجهنا جميعا وليس الأقباط وحدهم وهذا دور المجتمع والاعلام والفضائيات, هناك أدوار لكسر حالة الاحتقان الموجودة, وللأسف هذه الحالة من الاحتقان موجودة في المجتمع ليس علي المستوي الديني فقط بين المسلمين والأقباط ولكن علي المستوي الرياضي بين مشجعي الأهلي والزمالك مثلا. باختصار ما يحدث دخيل علي مجتمعنا والارهاب لا يمكن قبوله ولا يمت بصلة لأي مصري وحتي إذا كان مصريا فهو معمول له غسيل مخ وهو عدو للمجتمع كله. حوار بين عناصر الأمة يؤكد محمد عبدالسميع( عضو مجلس الشوري ورئيس لجنة الأمن القومي والعلاقات الخارجية) أهمية التركيز علي الرؤية الدينية المعتدلة في النشأة التعليمية ومفهوم التسامح بين الأديان, وتأهيل المعلمين للقيام بهذا الدور. وفيما يتصل بالخطباء والوعاظ في المساجد ورجال الدين في الكنائس لابد أن يتحدثوا عن الوسطية والاعتدال في الدين ويدعوا إلي التسامح والمحبة وكل ما يقرب من فكرة الوحدة الوطنية بين عنصري الأمة, ولدينا في القرآن الكريم ما يؤكد ذلك, الدعوة الدينية لنبذ التطرف والتعصب. وأهمية الدعوة في فكرة الدولة المدنية كدور للثقافة والاعلام في مجال قضايا الشباب وأن يتبني الاعلام الفكر المعتدل ودعوة المفكرين والمثقفين للحديث عن إدارة الحوار بين عناصر الأمة ونركز علي نقاط الاتفاق ولا نتناول نقاط الخلاف الشكلية أو الفرعية, كما يؤكد الاعلام أهمية ربط المواطن بما يتصل بتعميق فكرة الوطنية والتطوع لمساعدة الآخرين أيا كان انتماؤهم الديني. ويؤكد أهمية مراجعة التوصيات الخاصة بإيجاد فرص عمل للشباب ورفع المعاناة عن كاهل الفقراء بقدر المستطاع, لأن هذا يصنع بيئة سلبية للشباب, ولابد من وجود رواد قدوة داخل الأندية ومراكز الشباب يعملون علي تزكية روح المحبة والسلام الاجتماعي. وأن تكون هناك أدوار للمجالس النيابية والتشريعية بلجانها خاصة لجان الشباب واقتراح تشريعات وتوصيات تؤكد أهمية إيجاد مناخ مناسب للشباب للعمل لأن الشباب العاطل يفتقد روح الانتماء ولديه فراغ ويمكن السيطرة عليه وتوجيهه للعنف والتطرف. يقول الدكتور عبدالمعطي بيومي( عضو لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الاسلامية بالأزهر الشريف): لابد من الاهتمام بالثقافة الدينية لدي الشباب لأن التسطيح الديني معول هدم خاصة في ظل وجود اصابع تعبث بعقول الشباب بزعم الجهاد خاصة في وجود أزمات اقتصادية ودينية وإذا تواكب ذلك مع الجهل بالدين فسوف يسير في ركب الارهابيين, ومن هنا لابد من الاهتمام بتوضيح صحيح الدين حتي لا نتسبب في تسليم ابنائنا للمخادعين الذين يتزيون بزي المجاهدين ويتاجرون باسم الدين في محاولة لاستقطاب الشباب ودعوتهم للفتنة والتعصب الديني القبيح. نلاحظ وجود شحن وتعصب ديني وإرجاع كل حادثة لأسباب دينية فحادث الاسكندرية ضرب لمصر كلها وهناك كنيسة وأمامها مسجد وأصيب مسلمون مع الأقباط, وبالتالي فالمستهدف الجميع. أدعو لتشكيل لجنة من العقلاء والحكماء من طرفي الأمة لبحث جذور هذا الشحن الموجود منذ سنوات تحت دعوي الاضطهاد المسيحي لنري من السبب في بعث هذا الشحن ومحاولة بث الفتنة الطائفية لتحقيق أهداف سياسية, هناك من يحاول أن يوظف الزعامة الروحية لتحقيق زعامة سياسية. ويجب أن يعلم الجميع أن شيخ الأزهر وكبار علماء الأزهر والبابا شنودة وأعضاء المجلس الملي مواطنون مصريون ورجال دين يخضعون للقانون وللسلطة التشريعية أو التنفيذية والقضائية. لأن أي تجاوز يثير الشباب والشحن المتكرر يفتح للجهات الخارجية ذريعة لإحداث قلاقل داخلية وفتنة, اللجنة التي أدعو إليها تناقش المشاكل وتدرس الظاهرة الخاصة بالاحتقان وكل شيء يمكن حله في إطار القانون وهو السيد علي الجميع. كما أدعو لتشكيل لجنة سيادية لتقصي الحقائق لتحديد الفاعل في حادث الإسكندرية ومعاقبته قانونيا لأنه يمس كل المصريين. ويجب أن نعمل علي وحدة الاخاء التي عشنا فيها مئات السنوات لأن الفرقة لا تنفع أحدا ومحاولة الاستقواء بالغير تضر. والرسول صلي الله عليه وسلم يقول من أعان ظالما سلطه الله عليه والمجتمع المصري طوال تاريخه يتمتع بالتعايش الديني, ولي شخصيا أصدقاء كثيرون من الأقباط أعتز بهم ولا يرضيهم هذا الشحن الموجود.