قد يكون غريبا أن تجد وزيرا في حكومة عربية يتحدث مدافعا عن حق فريق في المعارضة ببلاده في التعبير عن رأيه, والأكثر غرابة أن تجد مسئولا في حكومة عربية يتحدث للأمريكان عن خطورة إقدام الإدارة علي انتهاك حرية التعبير ويعطي الإدارة دروسا في الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان . لكن ذلك ليس غريبا عندما يكون المتحدث وزير اعلام لبنان الذي تصر بلاده, ويعد مقصدا عربيا لتنفس حرية أو نشر كتاب أو ممارسة حرية التعبير, ونموذجا عربيا للتعددية وحق الاختلاف, فهناك مشروع قانون مجلس النواب الأمريكي يستهدف وقف قنوات تليفزيونية عربية عن البث, حيث يفرض اتخاذ إجراءات عقابية ضد قنوات تليفزيونية يتم اتهامها بالحض علي العنف ضد الأمريكان أو بمساندة الإرهاب, وفيما يلي نص الحديث مع وزير الإعلام اللبناني طارق متري * ما هي ملامح التحرك السياسي اللبناني باتجاه الولاياتالمتحدة في هذا الشأن؟ { تحركنا السياسي والدبلوماسي يستند إلي تمسك لبنان بالحريات الاعلامية, وهذه ليست مسألة عارضة في لبنان, بل مسألة تكاد تكون في قلب صورة لبنان ذاته, وصورة الآخرين عن لبنان, فلبنان بالنسبة للعرب هي رئة التنفس للتعبير عن الرأي ونشر كتبهم بحرية, وتكوين لبنان يجعل من الحرية أمرا طبيعيا, ومن ثم فدفاع لبنان عن الحريات خاصة حرية التعبير هو أمر بديهي. وهذا القانون يتيح اتخاذ إجراءات عقابية, الأمر الذي يفتح الباب أمام احتمالات الاسترصاد( الاستهداف) والتي تجعل مسألة الحجر علي ممارسة حرية التعبير سياسية وليست قائمة علي معايير قانونية أو أخلاقية, كما سيجد في القانون شيئا من الغموض وليس به تمييز واضح بين الحق في معارضة السياسة الأمريكية وبين الحض علي العنف. ونحن ندعو لموقف عربي منسق وهو موقف له وجهان في الوقت الحالي,الأول هو ألا نستبطن الخوف من قانون مقترح قد يقر ويوقعه أوباما, وقد لا يوقعه ومن ثم يجب ألا يفرض علينا ذلك أن نتخذ قرارات لاسترضاء الجهات التي تتبني مشروع هذا القانون وتسعي لعقاب بعض المحطات العربية. لدينا في لبنان قانون للاعلام يقر الحريات ويرفض الحض علي الكراهية علي أساس ديني أو عرقي, فلدينا في لبنان قانون يتعامل مع مثل هذه القضايا, ومن ثم أرفض أن يملي علي أحد كيف اتعامل مع وسائل الاعلام عندي, ولذا اعتقد أن هناك نوعا من المناعة( قوانين حرية الاعلام الوطنية) يجب أن نقويها. * هل تتوقع نجاح أي مسعي عربي أو لبناني علي الساحة الأمريكية لاجهاض هذا المشروع؟ { نحن باستطاعتنا القيام بعمل عربي في الولاياتالمتحدة لسبب بسيط هو أن الرئيس أوباما ألقي في جامعة القاهرة في يونيو الماضي خطابا تضمن اشارة إلي رغبته في انتهاج سياسة مصالحة مع العالم العربي والإسلامي تغليب الحوار والتفاهم علي المنطق الذي ساد منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر2001 والذي كاد يصبح حربا معنوية علي المسلمين والعرب باسم الحرب علي الإرهاب. ولذلك يتناقض مشروع القانون مع خطاب أوباما بالقاهرة ومن مصلحتنا أن نضع مصداقية الولاياتالمتحدة علي المحك ونقول لأوباما إنك فتحت صفحة جديدة مع العالم العربي والإسلامي وهذا يسهم في تخفيف الكراهية للولايات المتحدة وكذلك التطرف وأن القانون الذي قد توقعه سيؤدي إلي نتائج عكسية وسيشجع التطرف, ومن الغريب أن العربي الآن أعطي دروسا في الحرية للولايات المتحدة. * بصراحة.. هل ينتظر لبنان موقفا عربيا موحدا أو منسقا, أم بدأتم فعلا بالتحرك, فلبنان ومحطاته هو المستهدف الأول؟ { لبنان سبق, وأبلغنا عبرسفيرنا في واشنطن الإدارة الأمريكية بموقفنا كما أبلغنا مسئولين أمريكيين تصادف زيارتهم لبنان خلال الأسبوعين الماضيين بهذا الموقف مثل جيمس جونز مستشار الأمن القومي وجورج ميتشيل مبعوث السلام ووفد من أعضاء الكونجرس عن الحزب الجمهوري جون ماكين, وآخر عن الحزب الديمقراطي وقد سمعوا هذا الموقف من رئيس الجمهورية ميشال سليمان. * هل لديكم قلق من ألا يؤيد بعض الأطراف العربية موقفكم, قد يري في هذا القانون رفعا للحرج عنه.. بيد عمرو لا بيدي؟ { لا ليس لدي أي قلق, لكن في نفس الوقت أعرف أن لكل دولة عربية خصوصيتها وطريقتها ونظامها السياسي وخبراتها علي صعيد الحريات الاعلامية, ولذلك فمن الطبيعي ألا أتوقع من الجميع أن يكونوا حساسين بالطريقة التي يحس لبنان بها, أو أن يعبروا عن الموضوع بنفس الطريقة, وأن تكون دبلوماسيتهم في الولاياتالمتحدة بنفس نشاط الدبلوماسية اللبنانية. ومع ذلك لا أملك سببا لكي أخشي من أن البعض سيعارض التوجه العربي لدعم الحريات وللسعي للتعبير عن موقف رافض من إجراءات تقيد الحريات. * ما هو شكل التحرك العربي؟ { ليس الشكل مهما, وإنما المهم أن يشعر الأمريكان بأن هناك رفضا عربيا لمشروع القانون المقترح, وبصراحة التحرك العربي يجب ألا يقتصر علي الحكومات بل هناك دور للبرلمانات وللجمعيات والهيئات غير الحكومية العربية في بلدانها أو في الولاياتالمتحدة.