كتبت عبير فؤاد أحمد: لم تعد القيادة الحذرة والانتباه والالتزام بالسرعة ضمانات كافية لتأمين سلامتك علي الطريق وأنت بجوار واحد ممن يصفون أنفسهم هكذا. فأغلب مرتكبي الحوادث المرورية يرونها صفات أصيلة فيهم, كما كشفت دراسة عن الخصال الشخصية لمرتكبي الحوادث والمخالفات المرورية بين736 من قائدي السيارات مقسمين الي ثلاث مجموعات تضم طلبة الجامعات والموظفين ومزاولي مهنة القيادة مثل قائدي التاكسي والميكروباص والنقل. كما حملت الدراسة تحذيرا واضحا من ارتفاع معدلات حوادث الطرق ومخالفات المرور بين قطاع الشباب بسبب السرعة في الطرق السريعة أو صحبة الزملاء بنسبة تصل34%. وجاءت العدوانية وتوكيد الذات والاندفاعية والمخاطرة كأبرز صفات قائدي السيارات من مرتكبي الحوادث المرورية, وفي أغلب حالات المخالفة المرورية يجنح مرتكبوها عن الالتزام بالطريق بحثا عن المغامرة أو لكسر الملل, وعند وقوع الحادثة فإنهم يميلون الي الاستسلام للموقف وانهائه بدون إثارة وهو ما يجعلهم أقل حفاظا علي حقوقهم أو كما يطلق عليهم علماء النفس أقل توكيدا للذات. وقد شارك في الدراسة كل من الدكتور معتز سيد عبدالله أستاذ علم النفس الاجتماعي ورئيس قسم علم النفس دراسة والدكتور شعبان جاب الله أستاذ علم النفس الاكلينيكي ومدير مركز البحوث والدراسات النفسية بجامعة القاهرة, الذي ناقشها ضمن فعاليات المنتدي الدولي الأول للبحث العلمي بجامعة القاهرة. كما حددت الدراسة تعاطي المخدرات والكحوليات واجادة القيادة واستخدام حزام الأمان والقيادة بصحبة الزملاء والسرعة داخل الأحياء السكنية وعلي الطرق السريعة كمتغيرات لمقارنة القيادة الآمنة بين مرتكبي الحوادث وغير مرتكبيها. وهو ما أظهر الثقة الزائدة عند بعض قائدي السيارات والتي تجعلهم أكثر عرضة للوقوع في الأخطاء المرورية فوفقا لما أوردته الدراسة يدرك مرتكبي الحوادث والمخالفات المرورية أنفسهم علي أنهم الأكثر اجادة للقيادة من غير مرتكبي الحوادث والمخالفات, أما علي صعيد متغير الجنس فلم تظهر النتائج فروقا أو تفضيلا بين الاناث والذكور عند ارتكاب الحوادث والمخالفات المرورية وبذلك تنفي الدراسة الاعتقاد السائد بعدم اتقان السيدات للقيادة وتفوق الرجال عليهن. كما استحوذت القيادة تحت تأثير تعاطي المخدرات علي نسبة81% بين مرتكبي الحوادث والمخالفات ليرتفع الرقم الي20% بفعل تعاطي الكحوليات. وفي سياق متصل ووفقا للأرقام الرسمية فيما يزيد85% من حوادث المرور, ترجع الي مسئولية السائق والسلوك البشري, وأغلبها حالات للقيادة تحت تأثير المخدر, وتأتي خطورة تعاطي الحشيش باعتباره الأكثر رواجا بين السائقين لتأثيره السلبي والمباشر علي التصرف والتفكير كعدم التركيز وفقدان القدرة علي تقدير المسافات والوقت بالاضافة لتأخر رد الفعل. مما يجعل قيادة السائق ليس خطرا عليه فقط بل وعلي الآخرين, وهو ما يفسره الدكتور محيي المصري مدير مركز سموم عين شمس بعدم قدرة السائق علي تقدير الخطر الذي أمامه ومن ثم الاستجابة بصورة سريعة وواقعية كاستعمال الفرامل أو تفادي وقوع الحادث, هذا بالإضافة لأثاره الأخري كالهلاوس والسعادة المستمرة, ويؤكد تأثيره الإدماني عكس ما يشاع أن الحشيش لا يحدث إدمان. هذا الاقبال علي تناول المخدرات خاصة بين صفوف السائقين يرجع لرغبتهم في اليقظة الدائمة في أثناء القيادة, وهو ما أسهم في رواج مواد أخري بينهم مثل المنشطات لزيادة التركيز والوعي ولكن يليها فترة انهيار كامل للتركيز وضعف شديد في الاستجابة للمخاطر, كذلك المهدئات ويسبب توقفها العنف بين السائقين وعدم القدرة علي التركيز فيما يعرف بأعراض السحب, وتعتبر عقاقير السعال والترامادول هي الأكثر انتشارا لتدني أسعارها بما يجعلها في المتناول.