الفك المفترس.. هكذا اختزل كيان هذا الكائن المفترس في كلمتين, مجرد فكين, وهو التعبير الدقيق والإيجاز الشامل المعبر عن القرش. القرشShark آكل اللحوم, فبرغم أن الأنواع المفترسة من هذه الأسماك الغضروفية لا يزيد علي03 نوعا إلا أنها تشكل خطورة اقتصادية فادحة.. لكن: هل تعني وقوع حادثة من نوع ما كحادث سيارة, أو غرق سفينة, أو سقوط طائرة أو لسعة قنديل, إننا نتوقف عن ممارسة حياتنا..؟! مؤكد أن الحياة لن تتوقف لوقوع أي حادثة ما, والاحتمال سيظل قائما لا محالة أن يتعرض الإنسان في المياه البحرية للغرق أو للسعة قنديل البحر أو لهجوم قرش, أو غيره من المفترسات البحرية سابحا كان أو غائصا, ضفدعا بشريا كان أو حتي صائدا بالحراب, لكن لابد من نشر الوعي لعمل الاحتياطات اللازمة وتنفيذها من أبراج وشباك ومحطات وتوفير الملابس البحرية المناسبة وتوفير الأقراص الطاردة للقروش, لتقليل الخطورة المتوقعة. وقد يعجب البعض رؤية حالات قفز لبعض القروش الي القوارب وهي معروفة ومشهورة لدي المصطافين.. لكن لابد من التفريق بين القروش اللطيفة حسنة الطباع والخلق التي تطفو علي سطح البحر بحثا عن الدفء في حمام شمسي لطيف تماما كالمصطافين, بخلاف القروش البيضاء الشرسة القاسية آكلة اللحوم, ومن أعجب الأمور أن أكبر القروش حجما أكثرها أمنا, حيث يتميز كل من القرش الشمسي وقرش الحوت بهدوء الطبع وبطء الحركة والطفو علي الماء لينعم بدفء الشمس, ومن هنا جاء اسمه الشمسي لحبه للشمس. وقد شوهدت أسنان قرش أبيض مدفونة في أخشاب قارب بعد محاولة هجومه علي أحد القوارب في أحد الشواطئ الساحلية الأمريكية, وهو يفترس عجول البحر والسلاحف والأسماك الكبيرة, والإنسان إذا غزاها..؟! والإنسان بغزوه واقتحامه بيئته البحرية ومسكنه يعرض نفسه للهلاك, لأن القرش لا يطارده أو يسعي اليه, فهو يأتيه طوعا لا كرها, عن غير عمد منه وغير قصد من القرش, إلا أن القرش المفترس لا يفرق بين هذا وذاك من سكان البحر أم من سكان اليابسة الأرض, المهم أنه فريسة ووجبة شهية, والجيفة والنفايات طعام قرش المطرقة وليست طعاما للقرش الأبيض. والقرش الابيض سريع الانجذاب إلي الدم, وقد يهاجم الصيادين المزودين بالرماح لانجذابه نحو الدم المسال من صيدهم. ومن أهم العوامل التي تجعله يهاجم البشر: الفرقة والخوف التي تتسبب في هجومه علي الفريسة( فرق تسد) والتي كانت من أسباب هجومه علي شقراء الشاطئ ذلك لأنها كانت بمفردها, رائحة الدم الطازج وأخطر عامل يجذب القرش الدم الطازج المراق في المياه, مما يؤكد مايتمتع به القرش بقدرته علي تمييز الروائح. كما ان السباحة المضطربة والحركة العشوائية وإحداث أصوات وضوضاء من أكثر الأسباب لجذبه, واضطراب الأسماك المجروحة كل ذلك يسهل عليه مشقة البحث عن الفريسة, حيث تتحول الأصوات الصاخبة الي ذبذبات منخفضة التردد وفي موجات متضاعفة, فتلتقطها القروش وهي تجول بعيدا عن الشاطئ وتتوجه الي مصدرها بحثا عن الفريسة, وتؤدي حاسة السمع مهام حاسة الرؤية كما في سائر الحيوانات الوحشية أو المفترسة, فلديها جهاز رادار فائق الحساسية ولديها القدرة علي الرؤية في الظلام, واكتشفت فرقعات الحيوانات المفترسة وصفاراتها والقدرة علي تمييزها, وبالفعل أصبحت لدي العديد من الدول محطات للتنصت تحت الماء, وتجمع لدي العلماء العديد من اسطوانات لأصوات الكائنات البحرية ما يكفي لعمل معجم لأصوات سكان البحر. ويؤكد علماء التشريح أن عين القرش لا تستطيع تمييز الألوان جيدا, فهي ليست حادة البصر, فهي ذات قدرة عالية علي تمييز ضحاياها عن طريق الرائحة( بالشم), وبرغم انه ليس هناك أي تمييز جنسي أو عنصري بسبب لون البشرة لدي القروش عند البحث عن فريستها, غير أنها تتميز بقدرة خاصة علي تمييز وجود فريسة من بين مكونات الخلفية التي تظلله حتي في قلة الضوء.. ولذلك كان لابد من تغيير ألوان الغطس من الأسود الي الرمادي الخفيف. ولنأخذ أساليب الوقاية من خبرات الآخرين, حيث ينتشر وجود ابراج عالية للمراقبة في البلاد التي يغزو شواطئها( الفك المفترس) القرش الأبيض آكل البشر, فتدق وتنبعث أجراس وإشارات الإنذار منذرة بالخطر للمصطافين, حتي يتم إخلاء المنطقة, كما توجد أجهزة تجسس صوتية للتعرف علي أماكن وجود المفترسات البحرية, وهي أيضا متوافرة لدي بعض الدول, ولابد من وجود شبكات حديدية, كما حميت أغلبية الشواطئ الاسترالية بشبكات من الأشرطة الحديدية, والعمل علي توفير أقراص خلات النحاس الطاردة للقرش, حيث تعد أقراص خلات النحاس أسرع وسيلة فعالة للنجاة من هجوم القرش, فقد اكتشف بعض العلماء ان لمادة خلات النحاس تأثيرا منفرا وطاردا لأسماك القرش, فإذا خلطت هذه المادة ببعض أنواع الأصباغ الزرقاء كانت أكثر كفاءة, وبالتالي ينصح عند النزول والغطس حمل بعض أقراص هذه المادة حتي يؤمن شر هجوم الفك المفترس. وهذه المادة معروفة منذ بعيد لكن غير المعروف هو مفاجأة وجود القرش الأبيض أو القروش آكلة اللحوم في منطقة ما دون غيرها كما حدث في شرم الشيخ, ولو كان معروفا من قبل غزو القرش الأبيض لمنتجع شرم الشيخ لاتخذ السياح طرق الوقاية قبلنا, حرصا منهم علي التمتع وعدم حرمانهم من البحر. لكن هل تحول قرش شرم الشيخ اللطيف الي مفترس.. هل هو مهندس وراثيا.. وهل جاءنا غازيا أم زائرا؟!.. القرش الأبيض من أكلة اللحوم بطبيعته, وليس بحاجة لنقل جينات افتراسية إليه, والقرش الأبيض كان موجودا في البحر الأحمر منذ غرق فرعون فيه عندما كان يطلق علي البحر الأحمر بحر القلزم, أضف إلي ذلك أن حادثة ظهوره ليست دليلا علي نفي وجوده من قبل, كما أنه ليس من القروش التي تتغذي علي النفايات والحيوانات النافقة, لأنه يشم رائحة الدماء الطازجة, كما انه بافتراض وجود نفايات سفن وغيرها فهو ليس من قروش آكلة النفايات والجيفة.. وأهم من كل ذلك لابد من الأخذ في الاعتبار قدرته علي تحمل التغيرات المناخية والحرارية.. وهي بلا شك تلعب الدور الرئيسي في تغيير اتجاه ووجود بعض الكائنات البحرية وتحولها من مكان الي آخر بحثا عما يناسبها وعما يستطيع تحمله من ملوحة وحرارة. ومسألة السيطرة علي الكائنات الحية والتحكم في توجيهها وتغيير خط سيرها ليست تفكها وإنما هي حقيقة واقعة ومؤلمة عندما يتم توجيه المفترسات الي منطقة بعينها للقضاء علي هذه المنطقة, وتوجيهها تحقيقا لهدف ما( تماما مثلما توجه الدمي واللعب بالريموت كنترول).