نعم.. يمكن القول باطمئنان.. إن التغيير قد بدأ فعلا.. وان السنوات الخمس السابقة كانت مرحلة مفصلية.. ليست منفصلة عما قبلها وإنما مستفيدة منها ومطورة لمفرداتها.. وبنفس المفهوم. فأنها ممهدة لما بعدها.. وينبغي بالتتابع المنطقي أن تكون المرحلة القادمة في سجل العمل الوطني المصري متجددة تبرز وتنفذ التغيير المنشود والذي تتفق كل القوي السياسية علي انه ضرورة حتمية. والبداية فيما أحسب يجب أن تكون علي ثلاثة محاور أساسية: 1- ان يتخلي بعض المتحدثين والكتاب عن مقولات مصكوكة تتناقل من واحد إلي آخر دون تحليل وتدقيق معانيها ومنها مثلا إن المصري عازف عن المشاركة في العمل العام وبينها الانتخابات.. فالثابت فيما جري يوم انتخابات مجلس الشعب الأحد10 نوفمبر2010 أن نسبة الذين أدلوا بأصواتهم نحو35% كانت هي الأكبر خلال العقود الثلاثة الماضية بل أنني أري أنها أكبر من النسبة المعلنة رسميا إذا طرحنا والذين تم قيدهم تلقائيا فيما بعد الثمانينات وتطبيق نظام الرقم القومي فور بلوغهم السن القانونية. ولم يوضع في الحسبان لأسباب عديدة الذين فارقوا الحياة والذين غادروا الوطن سواء في هجرة دائمة أو مؤقتة أو للعمل.. ويجب وهذا مهم جدا سقوط صيحات التخوين وان من ليس معنا.. فهو ضدنا.. و..كذلك مقولة ان كل من يمتدح السلطة والحكم.. منافق ومداهن وان كل من يهاجم.. هو مثقف ومستنير وثوري!! وبالمقابل يتحتم ان يتراجع الذين يمتدحون المسئول علي أي مسئول عن غير معرفة بما يتحدثون عنه.. وان يقلع عن عادتهم الذين يهاجمون وهم لا يعرفون الحقيقة.. فاذا كان مرفوضا تكرار حكاية الدبة التي أرادت ان تطرد الذبابة الواقفة علي وجه سيدها فقذفتها بحجر.. فطارت الذبابة ومات السيد! فانه مرفوض أيضا ان تضع الدبة صاحبها في غرفة مكيفة وتقف علي بابها.. لتعزله عن الآخرين.. بدعوي حمايته من التلوث والأراذل! 2- ينبغي ان تدرك كل القوي السياسية وفي مقدمتها الأحزاب عن قناعة ان التنافس مشروع ولكن لا أحد يريد البطش بأحد وان المصلحة العليا للوطن تحتم تضامن الجميع بالتكامل وليس التنافر.. وبالحوار والمصارحة بينها وليس الخضوع للشائعات وتصديق ما يجئ من خارج الحدود وهو في معظمه سموم وبارود مغلف بعطر الورود! وأعتقد انه علي كل حزب ان يعيد بناءه علي أسس سليمة في ضوء المتغيرات. وان ينزل الي الشارع والحارة ويلتحم بالجماهير. 3- انه يجب ان تعرف الحكومة انه لا يمكن لها ان تمارس السلطة التنفيذية التي خولها لها الدستور إلا إذا تعاونت مع القوي المختلفة و أهل الخبرة والرأي.. والمعني أن المسئول علي كل مستوي الايمان بأنه وحده قد يفعل الكثير.. لكنه مع الآخرين يحقق المستحيل. ولا نريد ان نعطي تفاصيل لكنا نتوقف عند مثال صارخ وهو الخروج علي الشرعية.. وأعني جماعة الأخوان المسلمين.. ولا اقول المحظورة.. وهي التي كانت وراء معظم الدعاية السوداء والصور المزيفة يوم الانتخابات ولقد كتبنا مائة مرة علي مدي السنوات الماضية نطالب بتطبيق الدستور والقانون.. ومنع ومحاسبة أي نشاط غير قانوني ومنه هذه الجماعة بلا تردد وبلا خوف. ولقد كتبنا عن هذا بعنوان سياسة الاعلام واعلام السياسة في هذا المكان منذ أسبوعين واتصل بي مشكورين عدد من الشخصيات منهم مسئولون علي مستوي رفيع يؤيدون.. ويقولون انه لابد من اتخاذ اجراء.. وأعود فأقول ان التغيير قد بدأ.. وبدايته إعادة التأكيد علي نوعية المصري.. بصلابة ووعي الشعب المصري.. ومن الدلائل كمثال إضافي انه إذا كانت انتخابات مجلس الشعب2005 قد سقط فيها عدد من الضحايا بين قتلي وجرحي.. فان انتخابات هذا العام رغم أنها الأكبر والأضخم.. وتوقع العنف.. فانها كانت أكثر سلامة واقل خسائر.. والفضل في ذلك يرجع بعد الله سبحانه إلي وعي هذا الشعب العظيم.. ومن ثم فاننا ندعو الي الاسراع في التغيير المدروس وليس العشوائي.. وأول ما أطالب به: الغاء تطبيق قانون الطوارئ مع سرعة اصدار قانون مكافحة الارهاب.. وأعتقد انه لا خوف.. لأنني أثق في الجماهير وفي ان أي ارهابي أيا كان نوعه واسلوبه لا يقدر علي المساس بهذا البلد لأننا جميعا علي استعداد فوري لنأكله بأسناننا.. دفاعا عن مقدساتنا.. لأن المصري أحرص ما يكون علي العرض والشرف.. والأرض.. عرض. وسمعة مصر.. شرفها.. وادعو الحكومة الي تشكيل مجموعة عمل تشارك لاعادة النظر في قانون الأحزاب بما يسمح بتيسير وتسهيل تأسيسها واشهارها في اطار الدستور الذي يمنع والكل موافق علي هذا انشاءها علي أسس دينية أو طائفية أو عرقية.. ولعلني أيضا ادعو الحزب الوطني بالتنسيق مع الأحزاب الأخري.. الي عقد مؤتمر للأحزاب العربية وربما يكون ذلك عقب المؤتمر السنوي للحزب والذي من المفترض ان يحضره ممثلو هذه الأحزاب ويكون هدف هذا المؤتمر العربي هو: كيف يمكن تأكيد استقلالية العمل الحزبي العربي.. والعمل علي صياغة استراتيجية لحماية الأمة العربية بكل الوسائل وصيانة هويتها.. وما يحقق مصالح الوطن والمواطن العربي. وما يجعل لهذه الأمة مكانتها اللائقة في المجتمع الدولي. المزيد من مقالات محمود مراد