كتب: باسم عبدالعال : منذ ثلاثة أرباع القرن وتحديدا في انتخابات مجلس النواب عام1936 كان للأدب والشعر والزجل دور بارز في الدعاية الانتخابية للمرشحين, وكان هذا الدور بمثابة إثراء للحركة الأدبية ككل. ولم تنزلق فنون الأدب سواء كانت شعرا أو نثرا أو زجلا في تلك الحقب إلي مستويات التشهير والنيل من المرشحين الآخرين بل كانت ألوانا رائعة ومهذبة وممتعة أسهمت في إثراء تلك الفنون وأصبحت تراثا يؤرخ لتلك الفترات. وتؤرخ مسيرة ترشيح قاضي القضاة الشيخ محمود محمد القوصي لكرسي البرلمان بمجلس النواب1936 لأهم ملامح الدعاية الإنتخابية ووسائلها في ذلك الوقت بداية من الترشح نفسه الذي بدأ بمبادرة من مجموعة من كبار أوصفوة مدينة قوص وهو ما مثل مفاجأة له. وبدا شكل دعاية الشيخ القوصي التي لم يرتبها مختلفا, فقد كانت تلك الدعاية ساحة أخري من المنافسة بين الشعراء والأدباء والزجالين لنصرته وتقديم خلاصة ما تجود به قريحة كل منهم لتخرج تجربته في أروع ما يمكن وبأقوي درجات التأثير في المجتمع. ولعل تتبع مسيرة ترشيح الشيخ القوصي والمنافسة الإنتخابية في تلك الفترة من أهم المشاهد التي رصدت دخول الصحافة إلي ميدان الدعاية الإنتخابية في الصعيد حيث أفردت جريدة الهادي لصاحبها ورئيس تحريرها آنذاك الشيخ مصطفي عمر الإخميمي في ذلك الوقت عدد خاص لم تتناول فيه سوي دعم الشيخ من خلال استعراض سيرته الذاتية ومناصبه التي تولاها في سلك القضاء ومآثره. وتضمن العدد الكثير من القصائد الشعرية سواء تلك التي كتبت خصيصا دعما للدعاية الانتخابية له, أو قصائد سابقة تم نظمها في مناسبات تقليده أو ترقيته, ومن تلك القصائد قصيدة للشيخ أحمد حنفي نصار جاء فيها: فخر للنيابة بين العلم والأدب**** فاختر لنفسك ما ترضي من الرتب وحكم العقل لاتكفر بنعمته**** واعلم بأنك مسئول فلا تخب وعامل الله واعرف نهج حكمته*** فوصلة الدين أقوي رتبة النسب يايها الناس خيرتم فلا تدعوا**** شيئا يخار بلا فضل ولا أدب وفي قصيدة أخري بعنوان هو الأصل فاحذر يقول الشيخ محمد خليل حسن النجار وهو من علماء الأزهر الشريف: هو الأصل فاحذر أن تميل إلي الفرع هو الحصن فاحذر أن تحن الدرع هو الدوحة الكبري تراها تأصلت بحصباء مجد أخرجت اينع الزرع هو الفاضل القوصي واحد عصره ربيب التقي صنو الديانة والشرع وقد أفرد رئيس تحرير الجريدة مساحة لاستعراض سيرة الشيخ محمود القوصي, واصفا إياه بقاضي القضاة والأعلام وحجة القاصدين وقبلة الوافدين, سلالة الأبرار وزين الأخيار, كريم الأصل, الأستاذ صاحب الفضيلة الشيخ محمود محمد القوصي الحجاجي الحسيني, ابن صاحب الفضيلة العارف بالله الشيخ محمد القوصي, من ذرية ولي الله القطب النبوي السيد أبي الحجاج الأقصري الذي يتصل نسبه إلي سيد المرسلين سيدنا محمد صيلي الله عليه وسلام.