كتبت:علا الشافعي النجم أحمد السقا يجيد دراسة خطواته الفنية جيدا, ويعرف متي يغير في شكل ونوعية الأدوار التي يطل من خلالها علي جمهوره, فبعد عدة أدوار قدمها لشخصيات ناس بسطاء يعيشون علي هامش الحياة. ويحاولون بكل الطرق التكيف والتحايل علي طبيعة الحياة القاسية التي لا ذنب لهم فيها, ورغبة منهم في تطوير أنفسهم والخلاص من ذلك الواقع المحتوم وهي الشخصيات التي جسدها في تيتو وإبراهيم الأبيض والديلر, وبعد هذه النوعية كان عليه أن يغير تماما من نوعية تلك الشخصيات ويفاجئ جمهوره بشخصية جديدة وغير متوقعة وهذا ما قدمه في فيلمه الجديد ابن القنصل والذي يشاركه البطولة فيه النجم خالد صالح والنجمة غادة عادل والسيناريو والحوار لأيمن بهجت قمر والإخراج لعمرو عرفة ومنذ اللقطات الأولي للفيلم داخل المحكمة وأنت تشاهد إيقاعا سريعا ومحكما للقنصل واحد من أشهر المزورين في الإسكندرية والذي يحكم عليه بالسجن لمدة36 عاما في نهاية السبعينات وتحديدا عام78 لاتهامه في قضية تزوير كبري, وقبل دخوله السجن نراه يتهرب من اثنين من شركائه واللذان يحاولان معرفة المكان الذي خبأ فيه آخر حصيلة لإحدي عمليات النصب التي اشتركا فيها سويا, ثم تتوالي المشاهد لتري علاقته بزملائه في السجن وكيف تكون له اليد العليا علي كل من حوله, كل هذه اللقطات ونحن لم نشاهد بطل العمل أحمد السقا فالبداية مع خالد صالح والذي يملأ الكادر حيوية وإيقاعا وتري تقدمه في السن وانحناءاته ومشيته إلي أن يطل علينا السقا بشكل مختلف تماما, حيث يرتدي جلبابا أبيض وجاكت فوقه يطلق لحيته السقا حيث يكون في استقبال القنصل عند خروجه من السجن. والذي لا يفهم سر هذا الشاب أو عصام والذي يتبعه مثل ظله ويحاول حل كل المشاكل التي تصادفه وتتوالي الحبكة الدرامية من خلال عدد من المشاهد التي صاغها أيمن بهجت قمر بحرفية شديدة, وكوميديا تتفجر من المواقف دون مبالغة أو استظراف أو اللجوء للافيهات فعصام يحاول إقناع القنصل بأنه ابنه من زواج عرفي قبل دخوله السجن والقنصل غير مبالي. وكل ما يشغله هو ذلك الإحساس الطفولي الذي ينظر به للتغيرات التي لحقت بالمجتمع وتحديدا مدينة الإسكندرية التي تدور فيها الأحداث بعد مرور ما يزيد علي30 عاما, وتتصاعد أحداث الفيلم, والتي تدور معظمها في شقة عصام فوق أحد أسطح العمارات بالإسكندرية, ورغم ذلك إلا أن حيوية وإيقاع السيناريو, والمونتاج السلس لا يجعل المشاهد يشعر بالملل, كما بدت كاميرا محسن أحمد أكثر حرية وحيوية, والفيلم الذي يحمل حيلة درامية يكتشفها المشاهد في اللحظات الأخيرة من الأحداث, وكأنه مسرحية داخل المسرحية يعد من أجمل أفلام موسم عيد الأضحي, ومن الأفلام التجارية المصنوعة جيدا ويقدم خالد صالح وأحمد السقا واحدا من أجمل أدوارهما في السينما خصوصا أنهما من أكثر النجوم اللذين يعملان معا ويجمعهما هارموني نادرا ما يتكرر بين النجوم فالسقا جاء أداؤه منضبطا ومفاجئا في تجسيده لدور عصام الملتزم دينيا, والذي لا يترك فرضا, ويتحدث بخشوع طوال الوقت ولا يستطيع أن يرفع عينه في أبيه والذي يخشي من إغضابه طوال الوقت وبنفس التألق قدم شخصيته شمبر والذي تمكن من خداع القنصل طوال الأحداث وتألقت غادة عادل في تجسيد دور بوسي فتاة الليل من خلال اللوك الجديد الذي ظهرت به وطريقة نطقها للكلمات وقدرتها علي تجسيد ما صاغه أيمن بهجت قمر من جمل تحمل سخرية من شخصية فتاة الليل والتي تحمل الكثير من الكلاشيهات في السينما المصرية, إجمالا ابن القنصل واحد من أفضل الأفلام الجيدة الصنع والذي سيعيش.