اأدي التحرير غير المنظم للأسواق في الاقتصاد العالمي إلي تحولات اقتصادية خبيثة يسيطر عليها لاعبون مارقون وقوي انتهازية لا تخضع لأية قوانين دولية أو نواميس إنسانية فلقد عادت العبودية لتسجل مستويات غير مسبوقة حيث تم رصد27 مليون ضحية في دول مختلفة خلال عقد التسعينات وحده وهم يعملون في مزارع الكاكاو في غرب إفريقيا وبساتين الفاكهة في كاليفورنيا وفي الصيد غير القانوني في البلطيق وبحر الشمال وفي مصانع بئر السلم المنتشرة في أوروبا وآسيا, وزادت أعداد منظمات المافيا والجرائم الدولية وازدهرت حول العالم أعمال العصابات الدولية وتجار الموت السلاح التي تقوم بتسليح المنظمات غير الشرعية في بؤر النزاع في العالم خاصة في إفريقيا وتولت شركات تجند محاربين مرتزقة وغير مقيدة باتفاقيات جنيف مهام القتال والحرب بالوكالة عن جيوش نظامية( سيتم استبدال القوي القتالية التي انسحبت من العراق في أغسطس2010 بقوي مرتزقة قوامها8000 مقاتل من شركات خاصة) وأستخدمت التكنولوجيا المتقدمة علي نطاق واسع في تقليد متقن للمنتخبات من أدوية وقطع غيار وملابس جاهزة ومستحضرات تجميل وخلافه( شحنة أدوات تجميل لعلامة شانيل الشهيرة قيمتها1.2 مليون دولار تباع مقلدة ب10000 دولار) والقمار هو البيزنس الأول علي الأنترنت اليوم يليه في حجم المعاملات الصور والأفلام الفاضحة ثم تأتي ألعاب الفيديو في المركز الثالث خاصة حرفة عالم الحرب التي يزيد عدد مشتركيها علي100 مليون مشترك حول العالم بكل مايعني ذلك من شراء أنواع مختلفة لأدوات ولبرامج ولأسلحة دمية تملأ أرفف السلاسل التجارية بغرض التمكن من فنون القتال, وارتفعت نسب فضائح الفساد في أروقة السياسة والاقتصاد في معظم بلدان العالم خاصة لدي البنوك والشركات الدولية الكبري برغم كل الحديث عن قواعد الحوكمة منذ سقوط شركات ووردكوم وانرون للطاقة وبارملات عام2002 وإعادة الكرة مرة أخري في الأزمة العقارية والمالية لعام2008 وانتشر التدليس علي المستهلك في مجال الرشاقة البدنية والاغذية منخفضة الدسم لتصل سوق المنتجات إلي مليارات من الدولارات سنويا وهذه الظواهر كلها رصدتها بدقة علمية الكاتبةLorettaNapoleone في كتابها الاقتصاد المارقRogueEconomics حيث تفرد جزءا مهما أيضا عن صناعة الجنس الدولية التي أزدهرت في الغرب بعد سقوط حائط برلين وتفكك الاتحاد السوفيتي وذلك عن طريق تهريب آلاف النساء والأطفال من روسيا ودول أوروبا الشرقية للعمل في بيوت الدعارة, وتشير الكاتبة إلي أن اسرائيل تأتي في المقدمة. وتتزامن حقبة خمسة وعشرين عاما من أتركة للسوق ودعه يفعل دعه يمر مع صعود نخبة مالية عالمية جديدة يأتي ثراؤها من المضاربة في أسواق المال والعملات, وصارت ذات نفوذ وتأثير عالمي وبالأخص نحو دفع العولمة المالية إلي أعلي درجات التحرير ونبذ أية قيود أو ضرائب علي تنقلية الأموال حول أسواق العالم المالية, ويحدد الكاتب الامريكي المشهورDavidRothkopf في كتابهSuperclas عدد هؤلاء بقرابة6000 شخص من جميع انحاء العالم أي بنسبة واحد لكل مليون نسمة من سكان المعمورة تقدر صافي ثروتهم بضعف مايمتلكه2.5 مليار نسمة الأفقر في العالم, مشيرا بذلك إلي الفجوة المخيفة في توزيع الثروة والسلطة في العالم, ويطلق الكاتب علي هذه الصفوة تسمي قبيلةBilderberg نسبة إلي هذه المدينة الصغيرة التي يعقدون فيها لقاءاتهم ويصفها بطبقة جديدة دون وطن في حقيقة الأمر أي تشترك في نفس سلوكيات وأنماط الحياة والعمل والترفيه والتنقل بطائرات جولف ستريم والتي لا يجوب العالم منها سوي1500 طائرة خاصة, وكما يصف الكاتب الاقتصاد الدولي باقتصاد النجوم السوبر حيث تحقق مبيعات250 شركة من شركات نجوم الصفوة15 تريليون دولار سنويا بينما إجمالي الناتج العالمي السنوي في حدود50 تريليون دولار وفي إحصاء عام2007 عن أكبر166 ناتجا أو حجم عمل سنوي في العالم يزيد عن50 مليار دولار لم تكن هناك غير60 دولة فقط والباقي106 شركات كبري يسيطر عليها بالملكية أو الإدارة أهل الصفوة, ولقد زاد تركيز ثروة بشكل مفزع في الديمقراطيات الغربية, فمثلا يستحوذ10% من الأمريكيين علي85% من الأسهم الامريكية ويتحكم1% من الامريكيين في ثلث الثروة الأمريكية ونفس الوضع يتكرر علي المستوي العالمي. * ولقد اتسعت فجوة عدم المساواة حول العالم في الفترة من1984 إلي2004 وارتفع علي سبيل المثال معامل جينيGiniCoefficient الذي يقيس الفجوة في الدخول في الصين من29 إلي47 ونفس البون الشاسع موجود بين الدول وبعضها, فمتوسط دخل الفرد في لوكسمبورج الأعلي في العالم يصل إلي267 ضعف متوسط دخل الفرد في غينيا بيساو الأفقر عالميا, ولقد أفردت جريدة نيويورك تايمز سلسلة من التحقيقات تحت عنوان حرب طبقيةClassWar رصدت فيها ارتفاع متوسط الدخل الحقيقي ل90% من الأسر الامريكية بنسبة2% فقط خلال الفترة من1990 الي2004, بينما ارتفع بنسبة57% لدي أغني1% من الأسر و85% لدي01% و112% لدي0.01% من أغني الأسر ممايشير أيضا إلي اتساع فجوة الدخول في المجتمع الامريكي ويهدد مباديء الدستور والسلام الاجتماعي علي حسب قول تحقيقات الصحيفة, ونفس الهوة أصبحت ظاهرة داخل المؤسسات والبنوك والشركات الكبري من خلال المرتبات والحوافز الممنوحة لكبار المسئولين بها مما آثار مؤخرا حفيظة الادارة الامريكية الحالية وحكومات الدول الغربية وإعلام هذه الدول مطالبين بتحديدها وربطها بقواعد الأداء وتحصيل ضرائب إضافية عليها حق لا تتكرر سلوكيات المديرين الكبار والتي كانت لها ضلع في صناعة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية, وتجدد الحديث حول العودة إلي مباديء الرأسمالية الصناعية التي أدت إلي تماسك الشعب الامريكي حولها. والصفوة العالمية الجديدة لها تأثير قوي علي الاجندة الاقتصادية العالمية من خلال دعمها المادي المباشر لدراسات مركز الأفكار مثل كارنجي وبروكنجز ومجلة فورين بوليسي ومن خلال التبرعات( مؤسسة روبين هود في نيويورك) وكما أصبح مبدأ الباب الدوار في الولاياتالمتحدة أي الانتقال من الأعمال للسياسة والعكس ظاهرة عالمية احتذت به العديد من الدول وهكذا يمكن اختصار هيكل الاقتصاد الدولي في الآتي: الثروة:10% من أغني أغنياء العالم يمتلكون85% من ثروته. المالية: أكبر100 مؤسسة مالية تدير ثلث الأصول المالية العالمية. الأعمال: أكبر250 شركة تصل مبيعاتها السنوية إلي الناتج الاجمالي العالمي. كل هذه المعطيات والأزمات المالية والاقتصادية المتكررة من خلفها تؤكد عدم جدوي إصلاحات الترميم للنظام القائم التي تتبناها الدول الكبري. وعلي أن العالم في حاجة إلي إصلاحات جذرية وآليات جديدة للحوكمة الدولية متمثلة في مؤسسات دولية تضم كل أصحاب المصالح من حكومات ومجتمع مدني وعالم الأكاديميا والقطاع الخاص, وهذا هو الأساس المطلوب لإقامة نظام عالمي عادل يقي العالم ويلات وشرور القوي الخبيثة.