يبدو أننا في مصر دخلنا زمن نسيان البديهيات, وكم من بديهيات نسيناها! إحدي هذه البديهيات التي عاش عليها آباؤنا وأجدادنا منذ مئات السنين هي أن مسيحيي مصر ومسلميها هم أشقاء في وطن واحد برغم اختلاف الدين. وهذا ليس كلاما للمجاملة الاجتماعية, أو لمجرد تطييب الخواطر, بل هو واقع تؤكده الوقائع اليومية التي نعيشها كل يوم. وحتي لا يكون الحديث بلا أدلة, دعونا نسأل هذه الأسئلة, التي برغم بديهيتها فإننا للأسف سنعيد طرحها: مثلا مثلا.. هل حدث أن سأل أحدنا نفسه وهو يستقل المواصلات العامة هل هذا الذي بجواري مسلم أو مسيحي؟ هل حدث أن سألت أنت نفسك, وأنت في السوق تشتري طعاما: هل الذي زرع هذه الخضراوات والفاكهة, واصطاد السمك, مسلم أم مسيحي؟ هل دار في ذهنك, وأنت تمر بإحدي الكنائس( إذا كنت مسلما) أن تمنيت أن يتعرض الأطفال والنساء وكبار السن الذين يتعبدون إلي الله في كنيستهم لأي أذي؟ أو قد دار في ذهنك( إذا كنت مسيحيا يمر علي مسجد) أن تمنيت الأذي لهؤلاء المصلين؟ بالتأكيد لن يحدث هذا التمني.. لماذا؟ لأن الدين أيا كان اسمه لايدعو أبدا إلي القتل أو الإيذاء أو الحقد. ونحن في مصر, عشنا ونعيش وسوف إن شاء الله نبقي هكذا إلي الأبد, ونحن يحترم كل منا الآخر. ولذلك لم يكن مستغربا أبدا رد فعل المسلمين في مصر عندما سمعوا التهديدات الأثيمة التي صدرت أخيرا من الموتورين المجرمين الإرهابيين الذين هددوا الكنائس المصرية. لقد انبري كثير من المسلمين إلي تأكيد أنهم سيدافعون بدمائهم وأرواحهم عن هذه الكنائس. وكان تفسير هذا الموقف بسيطا بساطة البديهيات: أنا لن أسمح أبدا لغريب أن يصيب شقيقي في الوطن بأذي, لأن هذا الغريب سوف يستدير بعد ذلك ليقتلني أنا.. فهل يفهم المتعصبون المتطرفون هذه البديهية؟ نتمني ذلك!