لا توجد أي ضمانات لكي تنجو من فخ طريق الصعيد.. فكل العلامات الإرشادية تقودك إلي الآخرة لا محالة.. فطيور الموت تتربص بك, وتنتظرك هنا من: مطبات عشوائية, وظلام دامس. وأرض مليئة بانحناءات وتعرجات لا يمكن أن تجدها إلا في ألعاب البلاي ستيشن!. فطريق الصعيد الشرقي والغربي, الزراعي منها والصحراوي مجرد مؤامرات حيكت بمنتهي البراعة لتضعك رقما في سجل شهداء طريق الصعيد! فلا يوجد بيت أو عائلة في أي كفر أو نجع في الصعيد إلا وبه مصاب أو شهيد لحوادث السير والسفر علي طريق الصعيد. فالأرقام تشير إلي أن هناك أكثر من20 ألف حادثة علي طريق الصعيد سنويا, تخلف ضحيتها32 ألفا ما بين قتيل وجريح.. فأهل الصعيد يموتون في صمت بفعل طريق الصعيد! فطرقه الثلاثة أشبه بأفعي انطلقت من القاهرة حتي آخر نقاط الصعيد بعشوائية تتلوي في شكل خيوط متعرجة صاعدة وهابطة.. تنخفض تارة وترتفع تارة أخري.. ومع كل انخفاض أو ارتفاع تجد العديد من المفاجآت: إما سيل من البشر يقطع الطريق أمام مداخل ومخارج المحافظات, أو تمطرك مداخل القري بوابل من المواشي والأغنام التي تعبر الطريق للجانب الآخر في وضح النهار. أما ليلا فالتحدي أصعب, فمكمن الرحلة المميتة بهذه الطرق هي أن الطريق يضيق ويتسع فجأة فبعد أن يكون الطريق3 حارات يتحول بفعل فاعل بعد أسيوط إلي حارة واحدة( رايح جاي) ليضعك أمام عربات النقل والميكروباصات وجها لوجه.. وإذا كتبت لك النجاة.. فلن تنجو من سيارات المحاجر التي تقطع الطريق بالعرض ليلا أمام مداخل المنيا بلا أنوار ولا أرقام لتشكل الكمين الأصعب علي هذا الطريق! شرقي.. وغربي! يقول عبد الستار السيد( مستشار قانوني وأحد مرتادي طريق الصعيد بحكم الموطن والعمل إن ما يحدث في طريق الصعيد من مخالفات تجعله يستحق أن يطلق عليه طريق الموت الشرقي والغربي ويكفي أن الطريق لا يتم التعامل معه بشكل متخصص, فحينما يتم عمل إحلال وتجديد لطبقة الأسفلت القديمة لا يتم كما يحدث في الدول الأوروبية إزالة الطبقة القديمة ووضع الجديدة حفاظا علي ارتفاع الطريق بل يتم تشوين كميات هائلة من الزلط والرمل ودكها فوق الأسمنت القديم, مما يزيد من سمكها نصف متر تقريبا, وبعدها تجد الطبقة الجديدة. وعلي مر السنين يضيف ارتفع مستوي الطريق عن الأراضي المجاورة أكثر من10 أمتار في بعض الأماكن, فأي سيارة تنحرف عن الطريق يكون نصيب ركابها الموت المحقق.. ويضيف علاء أبو زيد( مهندس مدني ومن أبناء أسيوط) أن هذا التشوين أيضا وفق مرافق الطريق فلكي نصلح كابل كهرباء أو مواسير مياه نحتاج لحفر علي عمق10 أمتار, مما يتسبب في إهدار الوقت والمال وتعطيل الطريق في حالة وجود عطل. كما أن الطريق مليء بالمطبات غير المدروسة الأبعاد ولا توجد أي علامات إرشادية لهذه المطبات, مما يؤدي إلي انقلاب كثير من السيارات خاصة النقل والميكروباص ويتسبب في وفاة العشرات سنويا. يؤكد المهندس طارق الوزير أن من مواصفات أي طريق سريع ألا يقل عن3 حارات لكل اتجاه: واحدة للتريلات تسير بسرعة90 كيلو متر, وحارة للسيارات الملاكي بسرعة تصل إلي120 كيلو في الساعة.. وثالثة وسطي للنقل الخفيف. وغير مسموح بالدوران للخلف.. ولا حتي بعبور المشاه لأن تخطيطه يبعده عن المدن.. كما أن الطريق يجب أن تكون به حارة للطوارئ.. وتعمل فرق صيانة للطريق علي مدي24 ساعة, وهناك نقاط للإسعاف والوقود.. أما أخطر ما في طريق الصعيد فليس الإضاءة ولكن كثرة المنحنيات والتعرجات علي الطريق الشرقي, والمطبات الصناعية وتحول الطريق بعد أسيوط من زوجي إلي حارة واحدة رايح جاي, مما يقود إلي كثرة الحوادث التي لا يراها المسئولون لأنهم لا يمشون علي هذا الطريق لأنهم يعرفون أنه خطر وأنه سوف يصل بهم حتما إلي الموت. يؤكد هذه المعلومات الدكتور مجدي صلاح الدين رئيس قسم الانشاءات والطرق بكلية الهندسة بجامعة القاهرة, يقول: الدولة لا تعرف شيئا عن طريق الصعيد إلا الأرقام وأنه أنشئ عام كذا بتكلفة كذا ويحتاج إلي مليون جنيه للعلامات فلا توجد معلومة سليمة حول الأماكن السوداء في الطريق, وأماكن الحوادث, وكيف يمكن تجنبها, ولماذا تحدث في بعض الأماكن.. وأين تكمن المطبات وماذا حدث لها؟.