بين البحث عن فتاة أخري مفترضة يشتبه بها في إرسال الطرود المفخخة من صنعاء إلي الولاياتالمتحدة بعد إطلاق سراح طالبة الهندسة من قبل أجهزة الأمن اليمنية وصورة أخري في واشنطن تركز علي السعودي إبراهيم حسن العسيري الذي تعتبره كبير مصنعي القنابل في تنظيم القاعدة في اليمن. وصورة ثالثة في الرياض حيث اعترافات مفترضة لجابر الفيفي القيادي في القاعدة الذي سلم نفسه أخيرا إلي السلطات السعودية أدت إلي الكشف عن تفاصيل العملية وإحباطها. تتزاحم الصور الثلاث بينما يسعي العالم لفك شفرة عملية عابرة للقارات أقضت مضاجع العواصم الكبري وزلزلت مطاراتها كونها قد تكشف القدرات التكنولوجية الهائلة لتنظيم القاعدة إذا كان بالفعل منفذها. في تكتم شديد تواصل أجهزة الأمن اليمنية تحرياتها وتحقيقاتها في كيفية إرسال الطرود المفخخة من صنعاء, في الوقت الذي تجتاح الشارع اليمني مشاعر غضب ليس من القاعدة التي جعلت بلادهم في بؤرة الاستهداف الدولي وربما هدفا سائغا للضغوط والتدخلات المباشرة ولكن أيضا للطريقة المثيرة التي عرضت بها القضية في وسائل الإعلام والتي تبعث علي الخوف من المستقبل بشأن نوايا القوي الكبري تجاههم. وأفادت مصادر يمنية مطلعة بأن الأجهزة الأمنية تواصل حاليا بحثها وتحرياتها عن الفتاة التي سلمت الطردين المشبوهين لشركتي( فيديكس ويوبي اس) الأمريكيتين والذين تم اكتشافهما وضبطهما في كل من دبي ولندن. إجراءات إضافية وبخلاف إغلاق مكاتب شركات الشحن واعتقال أشخاص وموظفين وإيقاف رجال أمن في مطار صنعاء أعلنت السلطات اليمنية من خلال اللجنة الوطنية لأمن الطيران المدني عن اتخاذ المزيد من الضوابط والإجراءات الإضافية منها تطبيق أساليب تفتيش غير اعتيادية علي جميع الشحنات الخارجة من المطارات اليمنية, إضافة إلي إقرارها تطبيق نظام اعتماد وكلاء الشحن الجوي بما يضمن ربط منح التراخيص لهم بتوفير الاشتراطات الدولية واستمرار الرقابة الدورية عليهم. وتؤكد المصادر اليمنية أن الإجراءات الأمنية المتخذة في المطارات اليمنية سواء بالنسبة للمسافرين ومتعلقاتهم وكذا بالنسبة للشحن الجوي دقيقة وصارمة جدا, وتتم عبر أجهزة حديثة ومتطورة وطبقا للمعايير الموضوعة من منظمة الطيران المدني الدولي أيكاو, لكنها أشارت إلي أن الطردين المشبوهين قد اكتشفا وفقا لمعلومات استخباراتية عالية المستوي, وكان من الصعوبة الكشف عنها بالوسائل المعتادة. تداعيات سياسية الهيئات التشريعية والتنفيذية في اليمن تداعت للتعبير عن دعمها لموقف الرئيس علي عبد الله صالح بشأن رفض الأعمال الإرهابية وأيضا رفضه التدخل في شئون اليمن تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. وإعتبر بيان لمجلس النواب اليمني أن الإرادة السياسية اليمنية كفيلة بمواجهة الإرهاب مرحبا بالتعاون والشراكة مع المجتمع الدولي في مواجهة ظاهرة الإرهاب التي أدت إلي إلحاق الخسائر والأضرار الجسيمة بمصالح اليمنيين في كافة المجالات, الأمر نفسه فعله مجلس الشوري الذي أعلن تأييده الكامل لما أعلنه صالح من سياسات وتدابير والتزام قوي في مواجهة تحدي الإرهاب. لكن أحزاب المعارضة اليمنية الرئيسية المعروفة باللقاء المشترك عبرت عن قلقها البالغ من التبعات والتداعيات التي قد تلقي بظلالها القاتمة علي المصالح الحيوية لليمن جراء حادثة الطرود المشبوهة. ودعا المجلس الأعلي للقاء المشترك لاحتواء هذه التداعيات وإجراء تحقيق شامل وشفاف يعلن في نتائجه الحقيقة كاملة للرأي العام المحلي والعالمي. نوايا أمريكية ومنذ الوهلة الأولي للكشف عن الطرود كان واضحا أن القراءة الرسمية اليمنية لها غير راضية عن إقحام اسم اليمن بهذا الشكل خصوصا ما أعلنه الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أنه سيدمر القاعدة في اليمن ما اعتبرته أوساط سياسية يمنية نوايا أمريكية مبيتة للمزيد من الضغط علي صنعاء للسماح لها بتصفية الحسابات علي أرضها مع القاعدة والموافقة علي إستخدام طائرات بدون طيار لضرب معاقل القاعدة. ولعل هذا الأمر جعل الرئيس اليمني يسارع في مؤتمره الصحفي الطارئ عقب الكشف عن العملية بالتأكيد علي أن اليمن ومن خلال طائراتها وآلياتها ومعداتها ستواصل مطاردة عناصر القاعدة ولن تسمح لأحد بالتدخل في شئونها الداخلية. وتتفق هذه التحليلات مع التسريبات الأمريكية التي تحدثت عن أوامر أصدرها أوباما إلي وكالة الاستخبارات المركزية باغتيال رجل الدين اليمني أنور العولقي لاعتقاد إدارته بأنه يقف وراء مؤامرة الطرود المفخخة وهوأمر ترفضه اليمن جملة وتفصيلا. ويري أمين عام حزب الشعب الديمقراطي في اليمن صلاح الصيادي أن الطرود المشبوهة هي المصطلح الجديد للمخطط الأمريكي الإقليمي المشبوه والهدف منه النيل من اليمن وسيادته والتدخل العسكري تحت يافطة الإرهاب. ويذهب الصيادي إلي أن تلك الطرود المشبوهة صنيعة عمل استخباراتي إقليمي دولي متقن ومؤامرة محبوكة جيدا, فالشركتان الناقلتان للطرود في اليمن أمريكيتان والطريقة التي وضعت فيها المادة شديدة الاشتعال وما بداخلها من شرائح في علب أحبار الطابعات دقيقة للغاية وتنم عن تفكير وتخطيط استخباراتي, مشيرا إلي أن الاحتمالات تصب جميعها في حقيقة واحدة وهي أن اليمن المستهدف من هذا المخطط الخطير الذي يعتقد البعض أنه سيمنحهم حق التدخل المباشر في السيادة اليمنية والنيل من الشعب اليمني تحت جلباب مكافحة الإرهاب. وفي هذا السياق نفسه يؤكد الدكتور علي مطهر العثربي القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم أن محاولة استعداء اليمن أوالنيل من سيادته الوطنية خطوط حمراء لن يقبل بها اليمنيون والذين هم أدري بشعاب بلادهم وقادرون علي مواجهة التحديات وعناصر الإرهاب أينما وجدوا وحيثما حلوا, وقد برهن اليمن قدرته الفائقة في مواجهة تلك التحديات. ويضيف العثربي: اليمن لا يحتاج إلا إلي المساعدة وتوفير المعلومات بدلا من التآمر عليه ومحاولة إحباط نجاحاته في مواجهة عناصر الإرهاب. محاربة القاعدة وتأتي التطورات الأخيرة بعد أسبوع من تقديم الحكومة اليمنية تقريرا إلي مجلس النواب كشفت فيه عن توجهات مستقبلية لمكافحة الإرهاب من بينها عزمها تنفيذ العمليات النوعية الاستباقية ضد عناصر القاعدة ومنعها من تنفيذ العمليات الإرهابية والتوسع في إنشاء وحدات مكافحة الإرهاب في عدد من محافظات الجمهورية وتعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية بهدف التصدي للإرهاب بشكل أكثر فاعلية وربط المطارات والمواني اليمنية بشبكة معلوماتية حديثة لضبط العناصر الإرهابية المطلوبة. ويعتبر التقرير استهداف القيادات الأمنية والعسكرية والمدنية مؤشرا علي عجز القاعدة في الوصول إلي الأهداف التي تسعي إليها من المنشآت الحيوية المحلية والأجنبية. ويرصد التقرير الحكومي بعض الصعوبات الأمنية ومنها المستوي المتواضع لقدرات وإمكانيات الأجهزة الأمنية اليمنية مع قلة الموارد المتاحة لتنفيذ العمليات الأمنية والمهام النوعية وضعف التنسيق المشترك علي المستوي الإقليمي والدولي. أما الصعوبات الجغرافية فتشمل اتساع رقعة الشريط الحدودي مع المملكة العربية السعودية مما يسهل للعناصر المتطرفة التسلل من وإلي اليمن وطول الشريط الساحلي الذي يزيد علي2400 كيلومتر ويسهل من عمليات التهريب والتسلل إلي اليمن وتمركز العناصر الإرهابية في مناطق معزولة في بعض المحافظات النائية التي تحتاج إلي مزيد من التنمية والتطوير في إطار برامج مركزة.