كثير من الآباء والأمهات يعتقدون أن دورهم نحو أبنائهم يقتصر فقط على توفير احتياجاتهم من الغذاء والملبس وتعليمهم حتى يتخرجوا، فى حين أن دورهم الأساسى هو تكوين شخصية أبنائهم. وهذا ما تؤكده د. سهير محمود أمين أستاذة الصحة النفسية بكلية التربية بجامعة حلوان, والتي تؤكد أن الترابط بين الزوجين ينعكس علي قوة شخصية أبنائهم, أما انهيار العلاقة بينهما أو لامبالاتهما أو إهمالهما في رعاية ابنائهما فيجعل الطفل يشعر بأنه غير مرغوب فيه مما يسبب له الاحباط والقلق وينعكس ذلك علي مستوي تحصيله الدراسي, وقد يلجأ الوالدان إلي التسلط والتشدد اعتقادا منهما بأن هذا من الاساليب التربوية السليمة لتعويد الطفل علي الانضباط والالتزام و السلوك السليم فنجدهما يظهران صرامة شديدة في معاملة الطفل ويلزمانه بالطاعة والخضوع لأوامرهما دون مناقشة ولايتيحان له الفرصة لكي يعبر عن رأيه بصراحة ووضوح, لكن هذا يؤدي إلي اضعاف ثقته بنفسه واحساسه بالعجز المستمر, فيصاب بالاكتئاب ومن أعراضه قضم الأظافر أو تقطيع الشعر أو التبول اللاإرادي, كما يؤدي حرص الوالدين والاهتمام بالطفل بالتدليل والحماية الزائدة والتدخل في جميع أموره فلا يعطيانه الفرصة للتصرف في أبسط الامور مثل اختيار الملابس والاصدقاء والدفاع عن النفس مما يؤدي إلي نتائج عكسية وسلبية في آن واحد, فتلك الحماية تضعف من تكوينه النفسي وتشوه نموه الانفعالي ويشعر بالعجز مستقبلا لدي اصطدامه بأبسط المشاكل ويشعر بالفشل والاحباط خاصة في الظروف الضاغطة. وتوضح د. سهير أمين أن افتقاد الاسرة لهذا الدور يرجع لعدة عوامل منها: ضعف النسق الأسري ويبدو ذلك عندما تكون الاسرة علي درجة كبيرة من عدم النضج وتفتقد القدرة علي تحقيق قدر من التفاهم والتوافق ويؤثر ذلك علي الابناء تأثيرا خطيرا وتتولد لديهم مشاعر القلق والتوتر وينعكس هذا علي سلوكياتهم وتصبح غير سوية مثل العناد ونوبات الغضب والعصبية الزائدة مما يؤدي إلي حالات التأخر الدراسي والعنف وقد يصل الامر إلي حد الادمان. افتقاد الوالدين لمهارات الابوة الفعالة والتي تتطلب منهما القدرة علي مواجهة مشكلات الابناء وضرورة ان يتسم تفكيرهما بالمرونة واحترام مشاعر الأبناء والحد من توجيه التهم لهم والسخرية منهم. وتنصح د. سهير الاباء بأن يطوروا من نظرتهم ورؤيتهم بشكل اكثر فاعلية ليناسب الوقت الذي تعيش فيه, فإنه كما يقول العالم( ديل كارينجي): اجعل عقلك متفتحا وقابلا للتغيير طوال الوقت, فإنه لايمكنك التقدم دون مراجعة أفكارك وارائك باستمرار.. فلابد للآباء أن ينصتوا لأبنائهم باهتمام وصبر وان يتعلموا كيفية ادارة المناقشة معهم وتكون لديهم القدرة علي الاقناع وليس الارغام خاصة في الامور التي تختلف فيها وجهات النظر وان يحاول الوالدان جعل الصدق والصراحة من سمات الشخصية. وتحذر د. سهير الوالدين من المعاملة غير الانسانية أي التعامل مع الابن وكأنه ليس انسانا أو انه بلا أحاسيس, حينئذ يشعر الابن بأنه فقد أهم حق له وهو معاملته كإنسان له كرامة مما يوثر سلبا ليس فقط علي علاقة الاباء لكن أيضا علي شخصية الابناء وعلاقتهم بالمجتمع.