دور العبادة لها مكانة كبيرة نظرا لدورها الرئيسي في نشر التعاليم الدينية الصحيحة, لكن في الفترة الأخيرة انتشر التظاهر والاحتجاج داخل دور العبادة وخارجها. الأمر الذي يصاحبه الكثير من الهتافات وترديد العبارات التي لا تليق بقدسية المكان.الدكتور زكي عثمان الأستاذ بجامعة الأزهر يقول: المسجد سمة أساسية من سمات الحضارة الإسلامية التي تشع علينا بالثقافة المرنة, والتي تمنحنا حقيقة البناء الإيماني العقائدي والبناء النفسي الاجتماعي, والمسجد في الإسلام أيضا منارة الوحدة لكونه يجمع, ولا يفرق, وهذا مدخل لأهم وظائف المسجد, ولمن يعمرون المساجد فقال تعالي: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة, وآتي الزكاة, ولم يخش إلا الله فعسي أولئك أن يكونوا من المهتدين, وبالرغم من أن للمسجد دورا مهما في بناء الدولة الإسلامية, حيث كان المنطلق الرئيسي في التثقيف والتعليم والتوحيد والإرشاد لكن كان هذا الدور مبني علي ضوابط منها التعقل والاتزان والتفكير الثاقب والبعد عن العصبية, ولذلك فلا يصح أن تكون هناك منازعات ومشاحنات داخل المساجد لأنها أسمي وأرفع وأرقي من أن تكون فيها تظاهرات ومشاحنات أو يكون هناك نصير لهذا علي ذاك, والمؤكد أيضا أن المظاهرات والاحتجاجات, وما شابه ذلك يكون فيها الشقاق والنزاع والاختلاف في الرأي, وكل طرف يتعصب لمن يريده, والإسلام ليس مبنيا علي عصبيات أو آراء متشعبة ومتفرقة, ويضيف أنه إذا استخدم المسجد لمثل هذه الأشياء فستصبح حياتنا مليئة بالخلاف والمشاجرات والمشاحنات, وستقطع الأواصل بين الناس, وعندها سيكون المسجد أداة خراب وتدمير, وتمزق للأسر والمجتمعات والأمم, وهذا يتنافي مع الدور والمكانة الراقية التي يمثلها المسجد في الإسلام, فالمسجد فيه الانسجام, وليس فيه التناطح أو التطارح, وليس فيه صنع مشكلات تؤدي للتمزق والتفرق والترهل في الفكر, إنما المساجد بناء دولة وتكوين أمة وتشكيل حضارة ورفعة للقيم والأخلاق, وما ينطبق علي المسجد باعتباره المؤسسة الموجهة والمرشدة ينطبق علي دور العبادة الأخري كالكنائس والأديرة. أما الدكتور حامد أبو طالب الأستاذ بجامعة الأزهر فيقول: بالرغم من أن دور العبادة مخصصة أساسا للقيام بالعبادات إلا أن المساجد بالذات, كانت أماكن للتقاضي وأماكن لجلوس الحاكم ومقابلة الناس, ونحو ذلك, كما هو وارد بالتراث, لكن تضخم الدولة الآن وزيادة نشاطها يحول دون ذلك, فلا يعقل مثلا أن يكون المسجد الآن محكمة بين الناس لأن ذلك يؤدي لحدوث ضوضاء وشوشرة علي المصلين, ولذلك فيجب عدم القيام بالمظاهرات أو الاحتجاج علي أي أمر أو الاتفاق علي أمر معين داخل المساجد, فلاشك أن هذه التجمعات يسود فيها الأصوات العالية, ويحدث فيها نوع من الشوشرة, ورفع الأصوات بما يخل بالاحترام والسكون والهدوء الواجب لدور العبادة, وقيام المظاهرات علي هذا النحو قد يثير نوعا من الاحتكاك فينقلب المسجد بدلا من أن يكون مكانا للراحة النفسية والهدوء إلي وقوع تشاجر بين الأفراد, وهذا يؤدي إلي الإخلال بالكرامة الواجبة لدور العبادة.