كانت هذه المسرحية التي يقدمها البيت الفني للمسرح ضمن عروض المهرجان بما يسمي علي هامش المهرجان. من خلال هذا الهامش, كان هناك عدد من الفنانين العرب الذين عادة ما يحضرون مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ويشاهدون ما يقدمه المسرح المصري إلي جانب المسرح العربي والمسرح الأجنبي خلال هذه التظاهرة. مسرحية عجايب هي المسرحية التي يقدمها مسرح الطليعة علي هامش مهرجان القاهرة, ومكان عرضها هو قاعة صلاح عبدالصبور بمسرح الطليعة. العرض كتبه وكتب أشعاره عاطف النمر ويقوم الشاب سامح بسيوني باخراجه. الاخراج هنا يكاد يكون هو البطل, فالنص يصعب تقديمه دون جهد كبير وذكي من جانب المخرج, خاصة انه وهو يحكي عن المواطن المصري عبر العصر الماضي ولكنه الماضي القريب حيث كان هناك من يسمي باليساري واليميني وهكذا وما يسمي بالمثقف. هذا المواطن ينتقل من عصر إلي عصر آخر, ومن وضع بالطبع إلي وضع أخر وفي كل أحواله هناك من يقوم بدور العقل وهو هنا ممثل إلي جانب البطل ومن يقدم أو تقوم بدور العاطفة وهي ممثلة إلي جانب البطل الأصلي ثم هناك أيضا الممثل الذي يقوم بدور الضمير ونجده في معظم الأحوال نائما بل ويغط في نوم عميق يتثاءب ليحاول أن يستيقظ دون جدوي. معنا أيضا ما كان يتسم به العصر الماضي حيث الباشا وكيف لابنته أن تتزوج من شخص لايملك المال وهكذا نماذج مختلفة سواء في الماضي القريب أو حاليا. لدينا أيضا دور المحققين الذين يحولون أي ضحية تقع تحت أيديهم إلي مجرم يستحق العقاب. المخرج استطاع أن يقدم لنا كل هذا من خلال البطل الأستاذ الذي يعيش مع كتبه وأبحاثه وينتهي بأن تزهق روحه من خلال ذلك المتعصب الغادر الذي يري فيه الابتعاد عن الدين ليس بالمفهوم السليم الصحيح ولكن بالمفهوم الغبي بل بالغ الغباء لتكون النتيجة موت الأستاذ المثقف علي يد من لم يقرأ له سطرا واحدا!! التقلبات التي نعيشها والتي يشهدها مجتمع الأمس وأيضا مجتمع اليوم تلك التي استطاع المخرج أن يقدمها أو يجسدها لنا بصورة ذكية مع حركة مسرحية متوازنة وإن كانت تجنح في بعض الأحيان إلي القوة غير المبرره. إيقاع سريع إلي حد ما كما إستعان المخرج بديكور معبر وبسيط للغاية يقدم الخلفية المطلوبة لجو المفكر أو الاستاذ أيضا الموسيقي كانت في الحدود المناسبة مع مقاطع من أغنيات قصيرة وبديعة خلال فقرات العرض يقدمها مطرب ومطربة في إيقاع بديع يتماشي مع الجو العام للعرض. فماذا عن الأبطال؟ لدينا الأستاذ أو البطل الرئيسي وهو المثقف الذي يعيش مع الفكر والثقافة والكتاب تتنازعه مرة العاطفة ومرة أخري العقل. المثقف كان هو محمد إبراهيم في واحد من الأدوار التي تحسب لأي فنان مسرحي لتضعه في مكانة لها بريق. أداء جيد ولو أنه ربما غصبا عنه كانت هناك مناطق بها تزايد أو مبالغة. أمامه سمر علام في دور العاطفة وكانت مجتهدة في دورها محاولة القيام بالدور المنوط بها, ثم كان لدينا إسلام سعيد في دور العقل الذي قدمه أو قدم معظمه بمبالغة لم أجد لها مبررا. المحققان لدينا ماهر محمود ومحمد عبدالوهاب وكانا جيداين في أداء دوريهما. قدم دور الضمير حسام حمدي وقدمه بالأسلوب المطلوب ولو أن مساحة الدور كانت محدودة. الغناء قام به سمير عزمي ومشيرة محمد. ويحسب للمخرج سامح بسيوني أيضا إستعانته بملابس تقدم الأمس واليوم وهي لجمالات عبده بينما كانت الموسيقي والألحان لكريم عرفه وكانت جيدة. بصفة عامة عمل جيد ويمكن أن أصفه بأنه عرض يجذب المتلقي ويحصل علي كل اهتمامه لأحيي عليه البطل الأول في نظري وهو المخرج سامح بسيوني وبالطبع هنا التحية عمن تولي مسئولية إدارة مسرح الطليعة وهو الشاب أيضا هشام عطوة الذي أجده في كل مرة وقد إزداد عشقا للمسرح وزاد اهتمامه به وبكل تفصيلاته حتي أنني لأول مرة أجد عمال المسرح وهم يرتدون أزياء خاصة عليها اسم المسرح. ملحوظة لابد منها للمسرحية في عجايب, وهي هذا الزعيق غير المبرر من معظم الأبطال وهو للأسف ما أراه في معظم مسرحياتنا المصرية بينما تخلو معظم المسرحيات في الخارج من هذا الصوت العالي الذي أحيانا لايقدم ما يستشعر الفنان أن من خلاله يقنع المتلقي بما يقوله بل علي العكس يقنعه بالعكس وهو أن العمل هنا أو النص ضعيف محاولا إيهام المتلقي بأنه ليس بهذا الضعف ولكنه قوي. ملحوطة اقدمها لكل مسارحنا للأسف الشديد.