عقد الرئيس حسني مبارك أمس جلسة مباحثات مع جاكوب زوما رئيس جنوب إفريقيا الذي وصل الي القاهرة أمس في زيارة لمصر تستغرق يومين, يرافقه خلالها وفد يضم مجموعة كبيرة من الوزراء ورجال الأعمال. تناولت المباحثات بين الرئيسين مبارك وزوما عددا من القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك خاصة في السودان والصومال ومجموعة من القضايا الإفريقية المتعلقة بحل النزاعات وتحقيق الاستقرار في القارة الإفريقية, ودعم عملية التنمية فيها ودفع المشروعات المشتركة التي تهدف الي تحسين البنية الأساسية وتشجيع التجارة والاستثمار بما ينعكس علي تحسين الأحوال المعيشية لسكانها. كما تناولت المباحثات سبل توسيع نطاق التعاون في جميع المجالات خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية حيث تتمتع مصر وجنوب إفريقيا بأكبر اقتصادات في القارة الإفريقية. ثم استكمل الرئيسان مباحثاتهما علي مأدبة غداء حضرها أعضاء الوفدين, وانضم الي المأدبة الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية. وصرح السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما الي القاهرة تأتي ردا علي الزيارة التي قام بها الرئيس مبارك الي العاصمة بريتوريا في يوليو8002, والتي أعطت دفعة قوية للعلاقات الثنائية بين البلدين, وان الزيارة الحالية للرئيس زوما تأتي لدعم هذه العلاقات. وأضاف عواد, أن المشاورات بين الزعيمين مبارك وزوما تناولت عددا من القضايا الدولية والاقليمية مع التركيز علي القضايا الإفريقية والعلاقات الثنائية.. وانه علي مستوي تطورات الأوضاع علي الساحة الإفريقية أولي الرئيس مبارك عناية خاصة للوضع الحالي في السودان, وموقف تنفيذ اتفاق السلام الشامل في السودان مع اقتراب موعد الاستفتاء في يناير المقبل.. كما تطرق الزعيمان لتطورات الوضع في دارفور.. ثم انتقل الرئيسان لمناقشة قضايا السلم والأمن في إفريقيا والوضع في الصومال ومنطقة البحيرات العظمي. وأكد عواد تطابق وجهات النظر بين الزعيمين فيما يتعلق بالمشكلة الصومالية, حيث أعرب الرئيسان عن اعتقادهما بأن الجهد الدولي الراهن يركز علي بعض أعراض ومظاهر المشكلة الصومالية مثل القرصنة في خليج عدن, وانه يجب علي المجتمع الدولي أن يركز جهوده علي جوهر المشكلة وهو تحقيق المصالحة الصومالية.. كما أعرب الرئيسان عن أملهما في ان يتخذ مجلس الأمن قرارا بنشر قوة أممية في الصومال, وهو الأمر الذي تعزف عنه بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن حتي الآن. وقال عواد: إن وجهات نظر الرئيسين تطابقت أيضا حول ضرورة السعي من الآن لتوفير كل أسباب النجاح, للاستفتاء المقبل حول تقرير المصير في جنوب السودان, بما في ذلك اتفاق شريكي السلام في السودان في الخرطوموجوبا علي ترتيبات واجراءات هذا الاستفتاء, علي نحو يجنب السودان شمالا وجنوبا أي تداعيات غير مواتية قبل وخلال وفي أعقاب الاستفتاء. وأضاف عواد أن الرئيس مبارك استعرض مع رئيس جنوب إفريقيا الوضع الراهن في الشرق الأوسط, حيث شدد الرئيس زوما علي دعم جنوب إفريقيا للقضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط, والتي تناول الرئيس مبارك بالشرح المأزق الحالي الذي تمر به عملية السلام, والذي أدي الي وقف المفاوضات المباشرة, التي انطلقت في واشنطن في الثاني من سبتمبر الماضي, والتي ماكادت تنطلق حتي توقفت.. مشيرا الي أن الرئيس مبارك تطرق لباقي ملفات الشرق الأوسط. وأوضح عواد أن الرئيسين تناولا بمزيد من التفصيل سبل تدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين في جميع المجالات, ورحب الرئيسان بتوقيع مذكرات التفاهم الستة بين البلدين, والتي وقعها عدد من الوزراء في الجانبين, حيث أبدي الرئيس مبارك اهتماما خاصا بالمذكرة الخاصة بالتعاون في مجالات البترول والغاز والتعدين, حيث تتمتع جنوب إفريقيا بالعديد من الامكانيات والخبرات في مجال التعدين, وأن الرئيس مبارك أبدي تطلعه الي الاستفادة من خبرات جنوب إفريقيا في هذا المجال بصفة عامة, ومجال استخراج وتسويق الذهب من منطقة جبل السكري بصفة خاصة. وقال السفير عواد: إن الرئيسين تحدثا عن ضرورة تحقيق التنسيق والتكامل بين التجمعات الاقتصادية الاقليمية في إفريقيا وكان هذا طرح الرئيس مبارك, والتي تتمتع مصر وجنوب إفريقيا بعضويتها, مشيرا الي ان مصر عضو في منظمة الكوميسا, وجنوب إفريقيا عضو في مجموعة السادك, وإن الرئيس مبارك أبدي اهتمامه بأن الاندماج الاقتصادي بين دول إفريقيا يجب أن يسبقه تعاون وتنسيق بين التجمعات الاقليمية الرئيسية, وان الرئيس زوما ابدي ترحيبه واتفاقه مع هذا الطرح, مشيرا الي انه من المقرر أن تعقد قمة العام المقبل للتعاون والتكامل بين التجمعات في كل من منطقة الكوميسا ومنطقة تجمع شرق إفريقيا ومنطقة السادك, بحيث تمتد المزايا التفضيلية لكل مجموعة من تلك المجموعات إلي دول المجموعات الأخري. وأضاف السفير سليمان عواد أن الصادرات المصرية تتمتع بمزايا تفضيلية عند تصديرها إلي دول الكوميسا, وإذا ما تم تحقيق هذا التعاون فسوف تتسع السوق التي تتاح لمصر وغيرها من الدول بحيث تتمكن من تسويق صادراتها إلي دول التجمعات الأخري. وردا علي سؤال حول مواصلة جهود عملية السلام بعد إرجاء قمة باريس; قال السفير عواد: أنا لا أريد أن أتحدث في هذا الموضوع بالتفصيل لكن عملية وجهود السلام تتعرض لمأزق حقيقي أدي لتوقف مفاوضات السلام المباشرة بعد أسابيع من انطلاقها في واشنطن2 سبتمبر الماضي بسبب سياسات إسرائيل الاستيطانية, وكانت هناك مجموعة من المقترحات والأفكار كان من بينها دعوة الرئيس ساركوزي لهذا المؤتمر21 أكتوبر الحالي وأكد الرئيس مبارك أن مصر تشارك في أي جهد يهدف لتحقيق عملية السلام ولكن لابد لأي اجتماع أن يخرج بنتائج ملموسة, ولذا فإن أي اجتماع لن يسفر عن نتائج ملموسة ليس هناك مبرر لعقده وليس الغرض الاجتماع والتقاط الصور والغرض من أي اجتماع هو إيجاد مخرج للمأزق الذي تواجهه عملية السلام حاليا واستمرار المفاوضات المباشرة ووصولها لنتائج ملموسة. وأضاف عواد أن القمة العربية واجتماعات لجنة المتابعة في سرت قد أعطت مهلة لمدة شهر للإدارة الأمريكية لكي تواصل جهودها للخروج من هذا المأزق الراهن وستجتمع لجنة المتابعة العربية علي المستوي الوزاري في غضون شهر لبحث النظر في الموقف العربي بشأن هذا الأمر. وردا علي سؤال حول ما تم تنفيذه من نتائج قمة بريتوريا عام8002; قال السفير عواد إن ما تم تنفيذه كثير علي صعيد التعاون بين البلدين وأن اجتماعات اللجنة العليا المشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين في بريتوريا مارس الماضي رصدت ذلك وأن قمة الرئيسين مبارك وزوما بالقاهرة قد فتحت المجال للكثير مما يمكن البناء عليه في المستقبل. وردا علي سؤال حول مباحثات مبارك وزوما بشأن دفع عملية السلام في الشرق الأوسط; قال عواد إن الرئيس مبارك أطلع زوما علي الموقف الحالي لعملية السلام حيث شرح له ما تم في أثناء المفاوضات من جهود وكذلك ما تم من تطورات خلال جولتي واشنطن وشرم الشيخ وجهود الأطراف الدولية في هذا الصدد, كما أطلعه علي نتائج مباحثاته في برلين مع المستشارة الألمانية ميركل وفي روما مع برلسكوني لإقناع الحكومة الإسرائيلية بتمديد مهلة تجميد المستوطنات كما أطلعه علي نتائج لجنة المتابعة العربية في سرت بإعطاء مهلة شهر للسلام وأن مصر تنتظر ما ستسفر عنه الاتصالات الجارية بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل وأن مصر تدعم الموقف الفلسطيني وقرار الرئيس أبو مازن بشأن المفاوضات وأن مصر تري أن علي نيتانياهو وائتلافه الحكومي أن يتحمل مسئولياته إزاء هذا الأمر, خاصة أن موقف المجتمع الدولي والأمريكي يرفض منح الشرعية لهذه المستوطنات ويري أنها عقبة في طريق السلام وأنه في حالة استمرار الاستيطان فإن الفلسطينيين لن يجدوا أرضا يقيمون عليها دولتهم. وردا علي سؤال حول الخيارات المطروحة أمام الفلسطينيين ومن بينها الذهاب لمجلس الأمن لإعلان دولة فلسطينية; قال عواد إن هناك بدائل عدة تدرس فلسطينيا الآن بمشاركة عربية من بينها التوجه لمجلس الأمن وإذا كان هذا البديل الأخير فنعم, علي أن يجب النظر إليه باعتباره الملاذ الأخير ويجب تأمين هذا الخيار في حالة اللجوء إليه مع الاتصالات مع الأطراف المعنية ومع الجانب الأمريكي حتي لا تستخدم واشنطن حق الفيتو ضده خاصة أن أمريكا استخدمت هذا الحق في إجهاض الكثير من مشروعات القرارات العربية ومنها مشروع قرار لوقف إقامة مستوطنتي جبل أبو غنيم ورأس العامود في مارس1997 وكان من نتيجة ذلك أن المستوطنتين قد توسعتا كثيرا بإقامة آلاف الوحدات السكنية علي حساب الأراضي الفلسطينية وأنه في حالة اللجوء لمجلس الأمن لابد من تأمين نجاح هذا الخيار مع الأطراف الدولية المعنية خاصة أنه قد لوحظ أن جميع القرارات الصادرة من مجلس الأمن بشأن القضية الفلسطينية لم تنفذ علي أرض الواقع ولم تؤد لتحقيق السلام. وبشأن اتصالات مصر مع شمال وجنوب السودان; قال السفير عواد إن علاقات مصر مع شمال وجنوب السودان لا تنقطع ونذكر أن الرئيس مبارك هو الزعيم العربي الوحيد الذي زار جوبا ونأمل أن يتوصل شريكا السلام في السودان إلي تفاهمات لإجراء الاستفتاء علي نحو يجنب الشمال والجنوب عواقب تنذر بخطر العنف وإراقة الدماء, مشيرا إلي أن ضحايا الاشتباكات القبلية منذ بداية العام وحتي الآن في منطقة أبيي فاقت كل ضحايا الصراع في دارفور, لكن المجتمع الدولي يركز الضوء فقط علي ما يحدث في دارفور رغم تحسن الموقف هناك ويتجاهل الموقف بين الشمال والجنوب. وردا علي سؤال حول الوضع في الصومال قال السفير عواد إن الرئيسين مبارك وزوما اتفقا علي أن المجتمع الدولي يعالج القضية الصومالية بطريقة خاطئة حيث يركز علي أعراض أمراض الصومال وليس علي جوهر المشكلة ومنها مشكلة القرصنة, لكن يجب علي المجتمع الدولي التركيز علي الوضع في الصومال المنقسم حاليا بين مجموعة من الأقاليم والدويلات بسبب النزاع بين الميليشيات المسلحة وهذا هو أساس المشكلة. وردا علي سؤال حول موقف مصر من ضرورة إجراء الاستفتاء في موعده في ينايرالمقبل أو احتمال تأجيله; قال السفير سليمان عواد إنه بغض النظر عن الحديث حول التواريخ; فإن الحاجة لإجراء الاستفتاء في يناير المقبل توازيها حاجة لاتخاذ موقف مسئول يضمن إجراء الاستفتاء في موعده ويوفر الضمانات التي تحول دون أن يأتي الاستفتاء بأي أحداث عنف يمكن أن تهدد سلامة وأمن الشعب السوداني في الجنوب والشمال علي حد سواء, وأضاف أننا نأمل في أن يتمكن شريكا الحكم من التوصل السلمي لتفاهمات تحل الخلافات التي تسبق الاستفتاء بما يضمن عقد استفتاء سلمي.