مسلسل جديد من العنف الاجتماعي أبطاله تلاميذ في الابتدائي وبعض أولياء الأمور والمسئولون في المدارس.. فعلي الرغم من مرور أسابيع قليلة علي بداية العام الدراسي. إلا أن المدارس شهدت الكثير من الوقائع المؤسفة آخرها تعدي تلميذ بالابتدائي علي زميله بمطواة فأصابه بجرح قطعي في صدره.. اضافة الي اعتداء أولياء الأمور علي المدرسين وأحيانا علي مديري المدارس أيضا.. الظاهرة غريبة علي مجتمعنا.. لكن ما الأسباب التي تؤدي اليها وكيف يمكن معالجتها والقضاء عليها.. السطور التالية تحاول الاجابة عن هذه التساؤلات. في مارس الماضي تابعنا جميعا ما أعلنه الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم عن اسناده مهمة بحث هذه القضية الشائكة لمركز الدراسات التربوية التابع للوزارة.. إلا أننا لم نشهد علي أرض الواقع حتي الآن أي نتائج لذلك.. حيث انتشرت الأسلحة البيضاء في المدارس وزادت المواجهات بين أولياء الأمور والمسئولين بالعملية التعليمية. وكان آخر هذه الوقائع ماشهدته محافظة بني سويف, حينما تعدي تلميذ بالصف الثاني الابتدائي علي زميله بمطواة فأصابه بجرح في صدره احتاج علاجه الي ست غرز, وعندما توجه الطفل المصاب لإبلاغ مدير المدرسة لم يهتم الأخير بشكواه فتوجه الي الزائرة الصحية التي قامت بتنظيف جرحه وظل طوال اليوم الدراسي بهذه الحالة حتي عاد الي منزله وأبلغ أسرته فتوجه ولي أمر التلميذ المصاب الي مدير المدرسة وتحدث معه عن كيفية حدوث هذا الأمر لكن دون جدوي فأبلغ الشرطة ضد الطفل المعتدي واحيل الأمر الي نيابة الطفل التي تصالح أمامها والدا الطالبين حرصا علي مستقبل الطفل المعتدي وتم تسليمه لولي أمره, إلا أن المستشار حمدي فاروق المحامي العام لنيابات بني سويف أمر بعرض الطفل المصاب علي الطب الشرعي وسؤال المختصين بالمدرسة عن كيفية وجود الأسلحة البيضاء بحوزة التلاميذ أثناء اليوم الدراسي وسبب وقوع الحادث وهو الأمر الجدير بالاهتمام في هذه الواقعة. كما أوفدت مديرية التربية والتعليم ببني سويف لجنة الي المدرسة للتحقيق في الواقعة. وأمس الأول أبلغ وليا أمر طالبين بإحدي المدارس بمحافظة القليوبية عن تعدي مديرة المدرسة علي نجليهما بالضرب المبرح نظرا لإحداثهما ضوضاء بالمدرسة. وفي المحافظة نفسها اعتدت والدة أحد الطلاب بالحذاء علي ناظر المدرسة بسبب منعه لها من دخول المدرسة علي حسب ماورد في التحقيقات. وفي الاسكندرية تقدم ولي أمر طالب بالثانوي بأحد المعاهد الأزهرية ببلاغ بمحاولة زميله الشروع في قتله إثر اعتدائه عليه بآلة حادة. ويعلق المستشار خالد الشباسي الرئيس بمحكمة جنايات الأحداث علي ذلك مؤكدا أن العنف عدوي تنتقل من الكبار للصغار والشعور بغياب المنظومة الأمنية والدور الفعال لرجال الشرطة في التصدي لما يقع من حوادث بين المواطنين الي جانب انعدام رقابة الأسر والجهات المسئولة عن الأطفال سواء مدارس أو غيرها كل ذلك يؤدي الي مانشاهده من وقائع مؤسفة تحدث بين الأبناء. فأصبح من السائد حاليا انتزاع الحقوق باليد ونحن هنا أمام عدة نقاط مهمة تثيرها هذه الحوادث أولها أن كثيرا من المواطنين لا يعلمون أن حيازة وإحراز أسلحة بيضاء دون ترخيص أو مسوغ قانوني مجرمة, وأشار الي ان60% من قضايا الأحداث هي حمل سلاح. الأمر الثاني الذي يفرض نفسه لماذا لا يتم تفعيل القانون لمواجهة الظاهرة, وذلك بعقاب المسئولين عن الطفل لأنه ببساطة تتم معاقبة الحدث حسب نوعية الجريمة المرتكبة وسنه مع مراعاة أن الطفل الذي يرتكب واقعة ما ولم يتجاوز عمره12 عاما تنعدم مسئوليته الجنائية إذن لابد من المواجهة القانونية للمسئولين عنه حتي يتحقق الردع, ويؤدي كل طرف مسئول سواء أسرة أو مدرسة أو ناد أو أي مؤسسة أخري دورهم في رعاية وتربية ومتابعة هؤلاء الأبناء, فوفقا لقانون الطفل126 لسنة2008 المادة96 نصت علي أنه يعد الطفل معرضا للخطر إذا وجد في حالة تهدد سلامته, وقدم14 حالة منها حمله السلاح والتسول وغيرها, وعاقب من يتولي أمره الذي تركه للوصول الي هذه الحالة بالحبس مدة لا تقل عن6 أشهر وغرامة من2000 الي5 آلاف جنيه, وبالتالي إذا حمل طفل سلاحا أو ارتكب واقعة ما لابد من محاكمته وولي أمره سواء كان والده أو المسئول عنه أيضا حسب المكان الذي ارتكب فيه الواقعة, فإذا كانت المدرسة يقدم مديرها والمشرف الاجتماعي للمحاكمة, وإذا كان النادي يقدم أيضا المسئول فيه للمحاكمة وغير ذلك من الأمثلة. كما تضمن القانون أيضا إنشاء لجان لحماية الطفل بكل محافظة تضم المحافظ وعضوية مدير الأمن مع ممثل عن مؤسسات المجتمع المدني وغيرهم لمتابعة مثل هذه النوعية من الحوادث, ومن المؤسف انه لم يتم تفعيل هذه اللجان أو نراها حتي الآن. وأوضح الدكتور محمد المهدي استاذ الطب النفسي, أن مراكز الأبحاث علي مستوي العالم ترصد ازدياد العنف بين الأطفال والمراهقين في جميع دول العالم في السنوات العشرين الأخيرة, وذلك بسبب ظهور النت والألعاب العنيفة فلم تعد الأسر لها تأثير في تربية الطفل. وأشار الي ان بعض الأبحاث أكدت أن الطفل في مجتمعنا أصبح يميل للعنف لوجود خلل في نظام التعليم والمجتمع والأسرة, و20% من الآباء مسافرون والباقون اما آباء مجهدون يعملون ليل نهار لتوفير لقمة العيش لأبنائهم أو آباء لا يتحملون المسئولية ولا يقومون بواجباتهم نحو الرعاية والاقتراب من أبنائهم, وفي كل الأحوال لا يوجد حوار هنا بين ولي الأمر وابنه. وأشار الي أمر غاية في الخطورة يعكس ارتفاع مستوي العنف الذي يوجد بالمجتمع حاليا وهو وجود عصابات في المدارس, حيث يتجمع عدد من الأولاد يتزعمهم طالب علي درجة عالية من العنف ويكونون مجموعة تهدد من يقترب منها فإذا ماتعرض أحدهم لطالب ما وتوجه الأخير لإبداء شكواه الي إدارة المدرسة أو المدرس نجدهم يخشون من الحديث الي مثل هؤلاء الطلبة.