في إطار التعاون العلمي بين كل من جامعتي ميتشجان والقاهرة في مجال أبحاث السرطان عقد الأسبوع الماضي مؤتمر عن سبل خفض نسب الكشف المتأخر خاصة لأورام الثدي وعنق الرحم. ويقول الدكتور محمد لطيف أستاذ علاج الأورام بجامعة القاهرة ومقرر المؤتمر إن السبب في اختيار موضوع سرطان الثدي كونه الأكثر انتشارا بين السيدات في مصر ويمكن عبر وسائل بسيطة وغير مكلفة مثل الفحص الذاتي وبرامج الدعم والمشورة الطبية خفض رفع نسب الكشف المبكر وبالتالي رفع نسب الشفاء من المرض لذلك فلقد حرصنا علي تبادل الخبرات مع المراكز الدولية التي لها باع طويل في وضع السياسات للحد من انتشار السرطان في الدول النامية. من ناحيتها أشارت الدكتورة صوفيا ديميراخفير مدير برنامج دراسة أورام الثدي بالمركز الدولي للصحة التابع لجامعة ميتشجان بالولاياتالمتحدة إلي أن هذا المؤتمر يعد واحدا من لقاءات كثيرة أجريت علي مدار أكثر من15 عاما مع مصر بهدف نقل الخبرات وتحسين نظم التسجيل لحالات السرطان في مصر, حيث نتج عن ذلك اعتماد معهد أورام طنطا كواحد من المراكز الدولية فيما يتعلق بإحصاءات السرطان في مصر. أما فيما يتعلق بهذا المؤتمر فيهدف لبحث الآليات التي يمكن اقتراحها علي متخذي القرار لتطبيقها في مصر واكتشاف المرض مبكرا, والتي يجب ألا تكون مكلفة أو مشابهه لما ننفذه في الولاياتالمتحدة حيث ترتفع لدينا معدلات الإصابة بسرطان الثدي لثلاثة أضعاف مقارنة بمصر. وتضيف الدكتورة صوفيا إنه بملاحظة حجم التطور الذي لحق بمصر من خلال برامج التوعية والكشف المبكر عن أورام الثدي, نجد أن هناك تقدما ملموسا تحقق علي مدي السنوات الماضية, حيث كانت80% من الحالات المكتشفة في مراحل متقدمة من المرض, أما اليوم فهي أقل وإن ظلت مرتفعة حيث تصل الي60%. وتبين الإحصاءات أنه بالرغم إنفاق الدولة والهيئات المعنية علي برامج الكشف المبكر وإدخال تطبيقات الفحص بالماموجرام إلا أن معدلات الكشف المبكر مازالت منخفضة, خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن أجهزة الماموجرام المتوفرة حاليا في مصر لا تغطي1% من الفئات المعرضة للإصابة بالسرطان, لذلك من المهم البحث عن آليات أكثر فاعلية وأقل تكلفة للكشف المبكر عن المرض منها نشر الثقافة بالمرض بين فئات الشعب والتأكيد أنه يمكن الشفاء من السرطان إذا تم الكشف مبكر, كما يجب تثقيف الأطباء خاصة في المناطق النائية ووضع نظم للاستفادة المثلي من التكنولوجيا مثل تقسيم المشتبه في إصابتهن لفئات طبقا لدرجة الاشتباه في الإصابة والتعامل مع كل فئة بشكل طبي ونفسي مختلف. من ناحيته يقول الدكتور جو هارفورد مدير المعهد القومي الأمريكي للسرطان أنه يسعي من خلال هذا المؤتمر إلي توسعة دائرة الخبراء المعنيين بسبل الكشف المبكر عن السرطان مثل إدراج خبراء التغذية والفيروسات وعلماء الاقتصاد والاجتماع لوضع سياسات تتماشي مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية في مصر, وتسهم في خفض نسب الإصابة بسرطان الثدي والذي يعد الأعلي في مصر في الوقت الراهن بين النساء. كما أضاف أنه تنافش خلال لقائه بالسيدة سوزان مبارك حول هذه النقاط خلال مؤتمر هيئة الطاقة الذرية الأخير والذي عقد بفيينا وتناول مستقبل علاج السرطان في الدول النامية ومتوسطة النمو. وحول إمكانية توصل العلماء للقاح ضد سرطان الثدي, أوضح الدكتور جو أن هناك مراكز دولية ومنها معهد السرطان الأمريكي تجري دراسات في هذا الأمر, إلا أنه من الصعب التكهن بإمكانية توافر لقاح في القريب, إضافة لذلك لايمكن بأي حال الاعتماد علي اللقاحات في خفض نسب الإصابة, فمثلا علي الرغم من تمكن العلماء من إنتاج لقاح ضد سرطان عنق الرحم, إلا أن فاعلية اللقاح لاتتعدي70% ويجب أن يعطي للسيدات قبل اصابتهن بفيروس بابيلوما وإلا كان غير فعال في تجنب المرض. ويوصي الدكتور جو بضرورة تبادل الدول النامية الخبرات حول نشر ثقافة التوعية بالمرض خاصة في المجتمعات التي تفتقد الخدمات والمرافق الطبية المثلي, ويمكن الاستشهاد مثلا بتجربة ماليزيا التي نجحت في سنوات معدودة في خفض نسب الحالات المتأخرة المصابة بسرطان الثدي مما أسهم في ارتفاع معدلات الشفاء من المرض. أما الدكتور شريف عمر أستاذ جراحة الأورام بجامعة القاهرة فعرض تجربة مدينة فاقوس في مكافحة سرطان الثدي والتي حصل عنها علي جائزة دولية خلال شهر يونيو الماضي خلال مؤتمر طبي بشيكاجو عن سبل الحد من السرطان النامية, إذ يقول إنه علي مدي السنوات الثمان الماضية نجحنا في كسر حاجز الصمت وإقناع الرجال والسيدات بأهمية الفحص والكشف المبكر عن أورام الثدي حيث تدرجنا في عملنا بدءا من إنشاء مركز لعلاج الأورام, حتي تدريب المتطوعات لزيارة المنازل وتثقيف السيدات, كما قمنا بإقناع رجال الدين بإدراج أهمية الكشف المبكر في خطبهم. ويمكن القول أنه بعد هذه السنوات وصلنا لنتائج إيجابية, حيث تمكننا من اكتشاف42 حالة في مراحل مبكرة من بين25 ألف سيدة وبفضل حملات التوعية انخفضت نسب الحالات التي تصل مصابة بورم كبير, عكس ما كان شائعا في الماضي.