لقد وهب الله مصر قيادة سياسية واعية امتلكت من الحكمة والثبات ما جعلها تحظي بتقدير واحترام الدول قيادة, استطاعت أن تصحح اختلالات عديدة وتعبر بشعبها ومجتمعها بشكل آمن أقوي واعتي الأزمات المالية التي لحقت باقتصادات العالم واطاحت بالعديد من أقوي الصناعات بالدول الكبري والنامية علي حد سواء. ولقد نجحنا خلال العامين الماضيين في مواجهة أزمتين عالميتين متتابعتين, نجحنا في احتواء أزمة الارتفاع غير المسبوق في الأسعار العالمية للغذاء دون أن تنهار مواردنا واستطعنا بموارد اقتصادنا الوطني أن نخفف قدر المستطاع معاناة محدودي الدخل من موجة الغلاء. وتفرض الأزمة المالية العالمية علي جميع الدول مجموعة من المراجعات العاجلة والتعديلات الجوهرية للأفكار الاقتصادية المطبقة بالفعل وتحتم تداعيات الأزمة الإسراع بالتنمية الصناعية بمعدلات مرتفعة بل بالغة الارتفاع, ليس فقط لبناء قطاع صناعي قوي وحديث ولكن أيضا لضمان اللحاق بالركب العالمي ومعدلاته السريعة وهو ما سوف ينتج سباقا صناعيا شديد التنافسية في مرحلة ما بعد الأزمة.. وهو ما يستوجب مساندة الدولة في توفير صورة وأشكال ميسرة ومنخفضة التكلفة لتوفير التمويل اللازم أيضا تستلزم تفهما شاملا لطبيعة المنافسة الاقليمية والعالمية الجديدة. ولقد عانت الصناعة المصرية الكثير من المشكلات في ضوء تداعيات الأزمة وما ارتبط بها من عمليات تهريب وغش تجاري وتزوير وتزييف لشهادات المنشأ وجهة الصنع وغيرها من الأساليب الملتوية, بجانب استيراد سلع مدعومة من دولها أو مخزون راكد بالدول الصناعية يتم تصريفه للدول النامية وهو ما يستوجب معالجات عالجة وحاسمة. وإذا تحدثنا فيما بعد الأزمة العالمية فهناك تأكيدات بأن تأثيرات الأزمة قد تمتد خلال عامي2010 2011 ومن المتوقع أن يستمر الطلب العالمي في الانخفاض بما يزيد من صعوبة المنافسة في التصدير.. وقد اطاحت الأزمة بالعديد من كبريات الشركات العالمية واخرجتها من الأسواق بينما ما تبقي من الشركات التي استطاعت أن تواجه الاعصار اكتسبت مناعة وقوة سوف تحقق لها قدرات تنافسية فائقة تستطيع من خلالها الاستحواذ علي الانصبة السوقية الأكبر. وبناء عليه فإن الهدف الرئيسي للمرحلة المقبلة يتطلب مراعاة أن يحافظ قطاع الصناعة علي معدلات نمو ايجابية تجعله جاذبا للاستثمارات ومشجعا للتطور التكنولوجي ومحركا للنمو الاقتصادي ومولدا رئيسيا لفرص العمل وأن تتوجه السياسة الصناعية إلي حماية التصنيع المحلي ورفع القدرة التنافسية للمنتجات لمواجهة مثيلتها العالمية سواء في السوق المحلية أو أسواق التصدير وهو ما يتطلب وجود التزام حكومي بحزمة من المساندة تلبي احتياجات الصناعة في المرحلة المقبلة وتضع حلولا جذرية لمشكلاتها وتحقيق أقصي قدر من الحماية. فهناك بعض الصناعات بدأت تعاني بشكل مباشر من تأثيرات الأزمة العالمية وانخفاض الطلب علي انتاجها في أسواق التصدير الدولية وهي تحتاج إلي حزمة خاصة للمساندة والدعم وقد تحتاج إلي مساعدات مالية مباشرة حتي لا يتسبب الانخفاض الجزئي للإنتاج في توقف تشغيل بعض خطوط الإنتاج مؤقتا وتسريح جزئي للعمالة, فالأمر يتطلب سياسة واضحة وثابتة حول حزمة الحوافز والتسهيلات التي يلزم توفيرها علي جميع المحاور وهو ما يتطلب بدوره استمرار الحكومة في تقديم برامج المساندة والتحفيز الموجه للصناعات المتضررة من الأزمة ومنع شراء المنتجات التي لها مثيل محلي ويدخل في تصنيفها مكونات محلية الصنع واتخاذ الحكومة إجراءات أكثر صرامة في مجال حماية الصناعات من الممارسات الضارة والتطبيق الصارم لقواعد الإغراق وايضا سرعة القضاء علي عمليات التهريب الكامل للبضائع مع زيادة التوعية لدي المنتجين بضرورة التقدم لجهاز مكافحة الاغراق فورا بالمستندات اللازمة لدعاوي الاغراق. ونحن في هذه المرحلة نحتاج بالفعل أيضا إلي زيادة الطاقات الانتاجية عن طريق إقامة مصانع جديدة تجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية وتشجيع المزيد من التوسع في الطاقات الانتاجية الحالية التي لا تحتاج إلي تكاليف استثمارية كبيرة واتخاذ الإجراءات الفورية والخطوات العملية لتعميق التصنيع المحلي الذي أصبح ضرورة ملحة للحد من الاستيراد.. ونحن نحتاج في هذا الاطار بصفة عامة إلي رفع جودة المنتجات باستخدام التكنولوجيا الحديثة والاهتمام بالرقابة علي الجودة في جميع مراحل العملية الانتاجية وأيضا بتحفيز وتنمية الصادرات الصناعية.. بالإضافة إلي تشجيع إقامة المشروعات الصغيرة التي يمكنها أن تلعب دورا مهما في التنمية الصناعية وايجاد الوظائف وزيادة الصادرات.
رئيس لجنة الإنتاج الصناعي بمجلس الشوري المزيد من مقالات محمد فريد خميس