يتفنن من الفن وزراؤنا وفي مقدمتهم وزير التربية والتعليم في صناعة الأزمات والمشكلات وكأن الناس في حاجة للمزيد من الأزمات حيث لا تكفيهم معاناة الحياة اليومية من انقطاع المياه والكهرباء مرورا بانسداد الشوارع وتوقف حركة المرور وانتهاء بالأسعار التي ترتفع كل ساعة وليس كل يوم رغم الأجور الهزيلة والمتدنية. هل يعقل في وسط كل هذه المعاناة أن يواصل الدكتور أحمد زكي بدر سياساته التي بدأها من أول يوم لتوليه الوزارة وهي صناعة أزمة جديدة كل يوم, فبعد أزمات المدرسة الزبالة ونقل ثم إلغاء نقل عشرات العاملين بالمدارس ثم إلغاء مكافأة موظفي الأبنية التعليمية واعتصامهم في الشوارع وبعدها صدمة مجاميع الثانوية العامة في سنة الفراغ التي أعلن الوزير قبل بدء الامتحانات أنه سوف يزور بنفسه كل طالب يستطيع أن يحصل علي مجموع80% لتهنئته بهذا التفوق, وخلال كل هذه الأزمات واصل إبعاد العشرات من قيادات الوزارة مع استقالة آخرين قبل الإقالة.. ووضع بعض المدارس الخاصة تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة لأنها تطلب تبرعات إجبارية من أولياء الأمور رغم أن مدارس الحكومة نفسها تطلب هذه التبرعات الإجبارية أيضا.. إلي أن جاءت معركة الوزير الأخيرة مع دور النشر التي تقوم بإصدار كتب خارجية للمواد الدراسية التي تدرسها الوزارة. والمؤكد أن الوزير قد خسر هذه المعركة في نفس اللحظة التي بدأها حتي ولو تصور أو أقنعه من هم حوله أنه فاز فيها وحقق غنائم للوزارة, واستطاع مشاركة هذه الدور في أرباحها مناصفة!! فعلي مدي سنوات طويلة والتعليم في مصر يحاول أن يتصدي للقضاء علي ظاهرتين مؤسفتين الأولي هي الدروس الخصوصية والثانية هي الكتب الخارجية. وللأسف فقد انهزمت وزارة التعليم في المعركتين بل إن الوزارة هزمت نفسها بنفسها, فالدروس الخصوصية تعني باختصار أن الطالب لا يتعلم داخل المدرسة, وبالتالي يبحث عمن يعلمه خارج المدرسة مثلها مثل السوق حيث تختفي السلعة أو الخدمة من السوق البيضاء لتظهر بأسعار جزافية في السوق السوداء, ومن هنا نشأت الدروس الخصوصية وللأسف فإن وزارة التربية والتعليم حين حاولت القضاء علي الدروس الخصوصية وقعت في خطأ كبير فحاولت منافسة المدرس الخصوصي باختراع سمته مجموعات التقوية.. وهذه المجموعات عبارة عن فصول دراسية داخل المدرسة وبنفس المدرسين لإعادة شرح نفس الدروس وبعد انتهاء مواعيد المدرسة ولكن بمقابل مادي يدفعه الطالب المسكين, وكان ذلك اعترافا صريحا من المدرسة بأنها لا تعلم طلابها في فصولها المجانية, وأن من يريد أن يتعلم بعض العلم عليه أن يلجأ إلي مجموعات التقوية المدفوعة والتي يلتحق بها كل الطلاب قهرا واضطرارا. وهكذا كانت الهزيمة في ظاهرة الدروس الخصوصية. ثم جاءت الهزيمة المؤلمة في حكاية الكتب الخارجية علي يد القائد الهمام الدكتور أحمد زكي بدر لأن مجرد وجود واستمرار الكتب الخارجية ياسيادة الوزير إذا لم تلاحظ هو إدانة للكتاب المدرسي واعتراف بسوء حالته في الشكل والمضمون, بل هو شهادة وفاة للكتاب المدرسي ولو أن هذا الكتاب المدرسي كان صالحا للتعليم لما لجأ الطالب للكتاب الخارجي, والحقيقة أن واجب الوزارة الأول والوحيد في هذه القضية كان هو القضاء علي الكتاب الخارجي ليس عن طريق الحملات البوليسية والمصنفات الفنية, ولكن عن طريق تحسين كتابها المدرسي الذي تنفق عليه مليارات الجنيهات.. ولكن الوزير القائد الدكتور بدر رأي أن المصلحة علي رأي إخواننا الصعايدة أن تواصل هذه الكتب الخارجية انتشارها بشرط أن تعطي للوزارة هبة أو نفحة تحت مسمي نسبة من الأرباح, وبذلك منحت الوزارة بكل سذاجة الشرعية الكاملة للكتب الخارجية وهزمت الوزارة نفسها واعترفت بكل صراحة بأن الكتب التي تقدمها لتلاميذها تفتقد الصلاحية, وتحتاج إلي كتب خارجية تفسر طلاسمها. طيب إذا كان الأمر كذلك وكان هذا هو منطق الوزارة.. لماذا إذن لا تتوقف الوزارة عن إهدار مليارات الجنيهات لطباعة كتب لا يحتاجها التلاميذ؟ وبدلا عن ذلك تدخل الوزارة في شراكة كاملة صريحة ومعلنة مع القائمين علي الكتب الخارجية, وبما أن الوزارة أقرت أن هذه الكتب الخارجية هي الأصلح لتعليم الطلاب وتريد أن تنال قطعة من تورتة الأرباح فمن الأفضل أن تقوم الوزارة بشراء الكتب الخارجية جاهزة ونهائية ثم تقوم الوزارة ببيعها عن طريقها للطلاب, وسوف تحقق الوزارة في هذه الحالة أرباحا تفوق ما تريد حصوله الآن بحكاية النسبة بحيث تكون هذه الكتب الخارجية هي كتب الوزارة ذات نفسها وبذلك توفر الوزارة علي الدولة مليارات الجنيهات التي تدفعها لطباعة كتب لا يفتحها التلاميذ وتحقق أرباحا من خلال بيع الكتب الخارجية, وبذلك تحقق المصلحة للطرفين مادام المهم هي المصلحة, والمصلحة في مفهوم الوزارة هي زيادة الموارد والمكاسب المالية وليست أبدا في التعليم وتحسينه!!. [email protected] المزيد من مقالات لبيب السباعى